أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا في 02 نوفمبر 2024 عن اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر بالمدينة المنورة، شمال غرب المملكة، ضمن بحث أثري جديد نُشر في مجلة (بلوس ون) العلمية. وأعلن في مؤتمر صحفي عقدته الهيئة يوم السبت 2 نوفمبر 2024 بمركز المؤتمرات في وكالة الأنباء السعودية بالرياض. ويظهر الاكتشاف، الانتقال من حياة الرعي المتنقلة إلى الحياة الحضرية المستقرة في المنطقة، خلال النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد، وبذلك يغير من المفاهيم السابقة بأن المجتمع الرعوي والبدوي كان النموذج الاجتماعي والاقتصادي السائد في شمال غرب الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي المبكر والمتوسط. وتوجد المنشآت الحجرية في الغالب في المملكة على قمم الجبال، وأعالي الحرات البركانية والهضاب على النحو التالي: - الجبال: جبال المرتفعات الغربية تمتد من جازان جنوبا وحتى شمال تبوك (حقل ) وهي: جبال السروات وجبال تهامة، جبال الحجاز، جبال مدين. - الهضاب العالية تمتد من جنوب نجران وحتى شمال حسمى في تبوك وهي: هضبة نجران، هضبة عسير، هضبة نجد ( ومنها جبال طويق وجبال أجا وسلمى )، هضبة الحجاز، هضبة حسمى في تبوك. الهضاب غير العالية وهي على النحو التالي: هضبة الصمان هضبة الحجرة، هضبة الحماد، هضبة الوديان، هضبة الحرة. وفي أغلب هذه الجبال والحرات والهضاب منشآت حجرية. توصل فريق البحث العلمي إلى نتائج أبرزها: - تقدّم القرية المكتشفة، «النطاة»، دليلًا على وجود تقسيم واضح ضمن الحصون والمدن لمناطق مخصصة للسكن وأخرى جنائزية، ويعود تاريخ القرية إلى نحو 2400-2000 قبل الميلاد وحتى 1500-1300 قبل الميلاد، وبلغ عدد سكانها 500 شخص ضمن مساحة 2.6 هكتار، مع وجود سور حجري بطول 15 كم يحيط بواحة خيبر لحمايتها. - تقع واحة خيبر على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، ووجدت قرية «النطاة» في الأطراف الشمالية للواحة تحت أكوام من صخور البازلت حيث كانت مدفونةً لآلاف السنين. وتمكن فريق البحث من تحديد الموقع الأثري في أكتوبر 2020، إلاّ أنه كان من الصعب تمييز هياكل القرية وتخطيطها، وفي فبراير 2024 استعان الفريق بعمليات مسح ميداني وأعمال بحث مخصصة، وتصوير عالي الدقة لفهم ما يكمن تحت السطح. - تشير الدراسة إلى أن مناطق مثل خيبر كانت مراكز حضرية مهمة تدعم استقرار مجتمعاتها بشكل دائم، وخاصةً مع ظهور الزراعة فيها، فضلًا عن كونها مراكز للتجارة والتعاملات مع المجتمعات المتنقلة. - تُظهر الأدلة أنّه على الرغم من وجود عدد كبير من المجتمعات الرعوية المتنقلة في شمال غرب الجزيرة العربية في العصر البرونزي، إلاّ أن المنطقة كانت تضم عددًا من الواحات المسوّرة المتصلة مع بعضها، والمنتشرة حول المدن المحصّنة مثل تيماء. - تمّت الدراسة من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، تضمين هذا الاكتشاف في بحثٍ أثريٍ جديد تمّ نشره في مجلة (بلوس ون) العلمية. - ترسم الدراسة صورة أولية لملامح حياة سكان قرية «النطاة»، حيث كانوا يقيمون في مساكن تقليدية من عدة أدوار، وكانت الطرقات بين المساكن ضيقة تقود إلى مركز القرية، وكانوا يدفنون موتاهم في مدافن ومذيلات برجية متدرجة. - ضم فريق البحث الدكتور غيوم شارلو، الدكتورة منيرة المشوح مديرة المسوحات الأثرية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، والمؤرّخ صيفي الشلالي من أهالي خيبر. - تُضاف الاكتشافات الجديدة إلى سلسلة من الدراسات التي بدأت منذ عام 2018 باستكشاف معالم وخبايا العلا وخيبر القديمة، بما في ذلك المنشآت الحجرية الضخمة المعروفة باسم «المستطيلات»، والمصائد الحجرية، و»الطرق الجنائزية» الطويلة التي ربطت بين المستوطنات والمراعي عبر ممرات محاطة بالمدافن، بالإضافة إلى المساكن المعروفة باسم «الدوائر الحجرية المنصوبة». - تشير هذه الدراسات بمجملها إلى أن المجتمعات في العصر البرونزي في شمال غرب شبه الجزيرة العربية؛ كانت أكثر تعقيدًا وارتباطًا بالمنطقة الأوسع مما كان يُعتقد سابقًا.
مشاركة :