وأكد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، خلال قمة عربية إسلامية في الرياض أن على المجتمع الدولي أن يُلزم إسرائيل "باحترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة وعدم الاعتداء على أراضيها". وغالبا ما وجدت المملكة الخليجية ذات الغالبية السنيّة وإيران ذات الغالبية الشيعيّة نفسيهما على جانبين متعارضين من الصراعات الإقليمية، بما في ذلك بالنسبة لسوريا. ففي العام 2015، حشدت السعودية تحالفا عسكريا لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، بعدما استولى المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء وتقدموا نحو مدينة عدن الجنوبية. وفي العام التالي، قطعت الرياض وطهران علاقاتهما في أعقاب هجمات على بعثات دبلوماسية سعودية في إيران خلال احتجاجات على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي البارز الشيخ نمر النمر. وفي آذار/مارس 2023، أعلنت الدولتان عن اتفاق تقارب بوساطة صينية. وعلى الرغم من أن القضايا الخلافية لا تزال قائمة في العلاقة المعقدة، فإن التقارب يرقى إلى إنجاز دبلوماسي مميز للأمير محمد بن سلمان، الذي اتخذ نهجا أكثر تصالحية للدبلوماسية الإقليمية في السنوات الأخيرة. وحافظت المملكة الخليجية والجمهورية الإسلامية على اتصال رفيع المستوى كجزء من الجهود الرامية إلى احتواء الحرب التي اندلعت في غزة في أعقاب هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي. وأدى هذا التواصل الدبلوماسي إلى أول مكالمة هاتفية بين بن سلمان والرئيس الإيراني آنذاك إبراهيم رئيسي، بعد خمسة أيام فقط من اندلاع الحرب، وزيارة رئيسي إلى الرياض قبل عام لحضور قمة مشتركة للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلنت السعودية أنها أجرت مناورات حربية مع إيران ودول أخرى في بحر عمان. والأحد، وصل رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية فياض الرويلي إلى طهران، لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين. وأجرى بن سلمان والرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان مكالمة هاتفية الأحد قبل قمة يوم الاثنين التي تعد قمة متابعة لتلك التي انعقدت في تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وقال بيان للحكومة الإيرانية إن بزشكيان لن يحضر بسبب "مسائل تنفيذية" ملحة، وسافر النائب الأول للرئيس محمد رضا عارف إلى الرياض بدلا منه. تحدٍ لترامب أثارت حرب غزة وامتدادها إلى لبنان بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران، مخاوف من اندلاع حريق إقليمي أوسع نطاقا. وأطلقت إيران هذا العام صواريخ على إسرائيل في مناسبتين، ما دفع الدولة العبرية إلى الرد، وكانت آخر حلقاته في 26 تشرين الأول/أكتوبر عندما استهدفت منشآت عسكرية إيرانية. قبل الحرب في غزة، كانت السعودية تجري محادثات حيال ما يسمى بالصفقة الكبرى التي كانت لتشهد اعترافها بإسرائيل في مقابل علاقات أمنية وثنائية أعمق مع الولايات المتحدة. كان من شأن ذلك أن يبني على اتفاقيات إبراهيم التي تم التوسط فيها خلال ولاية دونالد ترامب الأولى كرئيس. يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد "رويال يونايتد للخدمات" أتش. إي. هيليير إن العلاقات المستعادة بين الرياض وطهران أعادت تشكيل المشهد الدبلوماسي، والذي سيتعين على ترامب أن يأخذه في الاعتبار عندما يتولى منصبه مرة أخرى العام المقبل. ويضيف هيليير أنه "من الواضح أن الرياض وطهران تعملان على تدفئة علاقتهما، وهذه بيئة إقليمية مختلفة تماما مقارنة بما كانت عليه عندما كان ترامب في منصبه آخر مرة". وتابع أن "ترامب قد يرغب في توسيع اتفاقيات إبراهيم عندما يتولى منصبه العام المقبل، ولكن ما لم تغير إسرائيل مسارها بشكل جذري في المنطقة، فسوف يكون ذلك محفوفا بتحديات أكثر بكثير من المرة الأخيرة".
مشاركة :