تُعَد المستشفيات الخاصّة في الأردن، اليوم، أحد أبرز معالم القطاع الصحي، وأصبحت وجهة رئيسة للسياحة العلاجية في المنطقة بفضل الخدمات الطبيّة المتميّزة التي تقدّمها. منذ تأسيس جمعية المستشفيات الخاصة عام 1984، التي تضم نحو 58 مستشفى خاصاً؛ تمثل نحو 90% من القطاع الصحي الخاص في المملكة، بذلت الجمعية جهوداً جبارة لتحسين مستوى الخدمات الصحية وجذب المرضى من مختلف أنحاء العالم، حيث تمكنت خلال العقود الماضية من تحقيق سمعة طبية مرموقة في الداخل والخارج. أحد العوامل التي جعلت من الأردن رائداً في المجال الطبي هو الإنجازات الريادية التي حقّقها على مر السنين، إذ سجّلت المملكة أولى خطواتها في هذا المجال بإجراء أول عملية قلب مفتوح في الوطن العربي عام 1970، التي مثلت نقطة تحول بارزة لمهنة الطب في الأردن والمنطقة. في السنوات التالية، واصل الأطباء الأردنيون ريادتهم من خلال إجراء أول عملية زراعة كلى في الوطن العربي عام 1972، تلتها أول عملية طفل أنابيب عام 1987، وهو الإنجاز الذي فتح الأبواب أمام أملٍ جديدٍ لعديدٍ من العائلات. وفي عام 2021، أجرى الأطباء الأردنيون أول عملية لفصل توأم سيامي في المملكة، مما عزّز مكانة الأردن كمركزٍ طبي متقدّم، ولا سيما في العمليات الجراحية الدقيقة التي تعتمد على أحدث تقنيات الطب الحديث. وأصبحت هذه الإنجازات جزءاً لا يتجزّأ من الهوية الطبية الأردنية، فبات الأردن يعرف على مستوى الشرق الأوسط بكونه من الدول السبّاقة في الابتكارات الطبية، مثل استخدام تقنيات المنظار والروبوت في الجراحة، واعتماد العلاج بالخلايا الجذعية كوسيلة متطورة لعلاج مرضى السرطان. السياحة العلاجية في الأردن تحمل عديداً من المزايا التي جعلت المملكة وجهة مفضلة للعلاج، حيث يمتاز الأردن بسمعة طبية رفيعة مبنية على تقديم خدمات علاجية بمعايير عالمية، ويقترن ذلك بأسعار معقولة مقارنة بدول أخرى. في قلب هذا النجاح تكمن الكوادر الطبية الأردنية المؤهلة، حيث يتميّز الأطباء والممرضون بتدريبهم الأكاديمي والعلمي المتميّز، إذ يحمل عديدٌ منهم شهادات من أرقى الجامعات العالمية، مثل: البورد الأمريكي والألماني والبريطاني؛ ما يضمن مستوى عالياً من الاحترافية والخبرة المهنية. إلى جانب ذلك، تعتمد المستشفيات الأردنية على أحدث الأجهزة والتقنيات الطبية المتطورة، مثل جراحة الروبوت المتطورة وعلاجات الأورام بتقنيات حديثة مثل الخلايا التائية؛ ما يضع الأردن في طليعة الدول التي تدمج التكنولوجيا الطبية المتقدمة في خدماتها العلاجية. على صعيدٍ آخر، أسهمت استثمارات ضخمة تتجاوز قيمتها أربعة مليارات دينار في تطوير البنية التحتية للقطاع الطبي؛ ما أسهم بدوره في توفير فرص عمل جديدة ودفع عجلة الاقتصاد. ومن الجوانب المهمة التي جعلت الأردن وجهة آمنة للسياحة العلاجية هو الالتزام بمعايير الجودة المحلية والدولية، حيث تخضع المستشفيات الخاصة في الأردن لأنظمة رقابة صارمة لضمان تقديم خدمات طبية عالية الجودة، كما تطبّق الدولة قوانين طبية متقدّمة، مثل قانون المساءلة الطبية، الذي يحمي حقوق المرضى ويعزّز من ثقتهم بالنظام الطبي. لقد كان للأردن حضورٌ متميزٌ على الساحة الدولية بفضل إنجازاته في مجال السياحة العلاجية، حيث حصلت جمعية المستشفيات الخاصة على جائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية لعام 2014؛ تقديراً لجهودها في دعم القطاع الصحي، وجذب السياح للعلاج في الأردن. وفي عام 2023، أصدرت منظمة السياحة العالمية إعلاناً رسمياً صنفت فيه الأردن كمركزٍ إقليمي للسياحة العلاجية؛ ما يؤكّد تطور النظام الصحي الأردني، وقدرته على تلبية متطلبات الرعاية الطبية للمواطنين والزوّار على حد سواء. يُختصر نجاح الأردن في هذا المجال في الجمع بين الجودة العالية، والكفاءة الطبية، والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، والالتزام بالقوانين والمعايير الطبية المتطورة، حيث استطاع الأردن أن يُصنّف كواحدٍ من أفضل وجهات السياحة العلاجية في الشرق الأوسط، وأن يظل موضع ثقة للمرضى من مختلف أنحاء العالم.
مشاركة :