حديث الساعة في فرنسا يدور حول تعبئة عدد كبير من رجال الأمن الفرنسيين لضمان أمن مباراة كرة القدم غدا في باريس بين الفريقين الفرنسي والإسرائيلي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انه سيحضرها . فلا شك أن منذ اندلاع حرب الاحتلال في غزة ثم في لبنان نشأ جو مشحون ومتوتر بين الجاليات اليهودية والمسلمة في أوروبا . فبعد ما جرى من احداث عنف منذ أسبوع في أمستردام اذ بدأت بنزع الاعلام الفلسطينية من نوافذ مؤيدي الفلسطينيين ثم تعرض مؤيدي نادي كرة القدم الإسرائيلي للضرب، فهناك تخوف وقلق من احتمال اعمال عنف خلال مباراة الغد في ستاد دو فرانس الباريسي . عدد الجالية اليهودية في فرنسا يقدر بـ ٥٠٠٠٠٠ وهو أكبر عدد من اليهود في أوروبا، أما الجالية المسلمة فتقدر بحوالي ٦ مليون مسلم . مما لا شك فيه أن حرب الاحتلال على غزة ثم لاحقا على لبنان أنشأت حالة من التوتر الشديد بين الجالية اليهودية والمسلمة في فرنسا خصوصا أن العالم الغربي باسره اظهر تضامنا كبيرا مع الاحتلال الإسرائيلي في بداية الحرب عندما معظم الدول الغربية بما فيها فرنسا كررت أن من حق إسرائيل الدفاع عن النفس . لكن بعد أن طالت الحرب إلى اكثر من سنة ونشرت المشاهد عن المجازر والدمار وما تقوم به الدولة العبرية في كل من غزة ولبنان تغيرت المواقف بعض الشيء . الرئيس الفرنسي اصبح منذ اشهر يطالب بوقف اطلاق النار ويحاول قدر الإمكان التحرك من أجل ذلك دون نتيجة لان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو لا يسمع لاحد . رغم تغيير الموقف الرسمي الفرنسي الى أكثر إنصافا إزاء الفلسطينيين وأكثر إصرار على وقف اطلاق النار في لبنان فمعظم وسائل الاعلام المسموعة والمرئية باستثناء القليل منها يتعاطف بشكل كبير مع الاحتلال وهذا يزيد من توتر في الجالية المسلمة . إن تخوف فرنسا من احداث ناتجة عن هذا الصراع مشروع خصوصا بعد العمليات الإرهابية التي حدثت في عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في النادي الليلي لو باتكلان الذي بقي في اذهان كل مواطن فرنسي في ١٣ نوفمبر منذ ٩ سنوات حيث قتل ١٣٠ شخص كانوا في النادي الليلي لحضور حفلة موسيقية ووقع عدد من الجرحى امام الستاد دو فرانس الملعب الذي يستضيف غدا المباراة الفرنسية الإسرائيلية بحضور الرئيس ماكرون . تجدر الإشارة إلى أن فرنسا تحيي اليوم الذكرى الأليمة لما حدث منذ تسع سنوات عندما كان هولاند يحضر مباراة في الستاد دو فرانس وجرى الهجوم امام الملعب وأخرج الرئيس يومها بشكل اضطراري وسري من الملعب . فالرئيس ماكرون حاليا حذر جدا من تحول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الى داخل البلد وداخل أوروبا . لكن المشكلة أن قراءة معظم المسوؤلين في الغرب أن من ينتقد إسرائيل هو عمل ضد السامية . في حين أنه صراع سياسي وليس ديني وهو صراع من اجل حقوق الفلسطينيين الذين سلبت أراضيهم وتحولوا الى لاجئين في لبنان والأردن والآن غزة دمرت وقتل أكثر من ٥٠٠٠٠ فلسطيني والحرب مستمرة وفلسطينيي الضفة مهددين بالضم حسب ما يدعو إليه وزير المال الإسرائيلي سموتريتش ما أثار إدانات عربية عديدة منها السعودية والكويت . فماذا يريد نتانياهو ان يفعل بالشعب الغزاوي الذي حوله إلى نازح في أرضه بعد تدميرها كما يدمر الجنوب اللبناني ويحول سكانه إلى نازحين. المأساة التي يشهدها الفرنسي أو الأوروبي من اصل عربي وهم كثر لا يمكن إلا أن يخلق إثارة المشاعر وتوتر بين جاليتين واحدة تؤيد إسرائيل وكل ما تقوم به والأخرى تؤيد الحق والقانون الدولي المنتهك يوميا بتأييد امريكي، لكن العنف مرفوض وينبغي عدم الانجرار اليه . تعبئة رجال الامن الفرنسيين لمباراة الغد في الملعب الباريسي الأولمبي الشهير الستاد دو فرانس أمر طبيعي في مثل هذا الجو المشحون نتيجة العنف الإسرائيلي على الشعوب العربية في فلسطين ولبنان علما بأن نهاية هذا العنف غير معروفة. فالدولة العبرية تقصف يوميا الضاحية الجنوبية في بيروت للمزيد من الدمار لكن الضاحية أفرغت وغير معروف ما الذي تقصفه يوميا . اما في الجنوب فقد دمرت القرى ولم تنجح في إبعاد حزب الله عن جنوب الليطاني . فما من شك ان أوروبا وخصوصا فرنسا وبلجيكا معنيتين بضرورة إنهاء الحرب الإسرائيلية التي لها تداعيات على الداخل في أوروبا لكن النفوذ لأمريكا وحدها تتمكن من الضغط على إسرائيل ولم تفعل ذلك حتى الآن فهل يفي الرئيس المنتخب دونالد ترامب بوعده المستقبل القريب؟ سيظهر ذلك.
مشاركة :