يحتفي الإعلاميون المغاربة بيومهم الوطني هذه السنة بدعوة لحوار رصين وصريح من أجل تشخيص المشاكل والبحث بواقعية عن حلول مناسبة لمشاكل وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها بما يضمن أولا مصداقية الخدمة المقدمة والاستجابة إلى متطلبات الجمهور وكرامة المهنيين القائمين عليها. الرباط - يعتبر الوسط الصحفي المغربي أن اليوم الوطني للإعلام فرصة سانحة لتقييم الوضع العام لقطاع الإعلام بالمغرب بجميع مجالاته، وتحديد الأولويات من أجل تطويره وسد الثغرات التي تعيق وصوله إلى الجمهور وتلبية متطلباته. ويناقش القائمون على القطاع الإستراتيجيات المعتمدة للنهوض بالإعلام المغربي وجعله قاطرة للثقافة، وسبل تطويره ليكون قادرا على مواكبة العصر والرهانات المطروحة. وتعاني قطاعات صحفية من مشاكل اقتصادية ومالية وأخرى مرتبطة بالعنصر البشري، لاسيما الصحافة المكتوبة التي تواجه مشكلة ضعف نسبة قراءة الجرائد والمجلات والتراجع الكبير في المبيعات، بسبب تداخل مجموعة من العوامل والأسباب ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي. ورغم الإجراءات المتخذة، والاتفاقيات الموقعة بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية المغربية للإعلام والنشر والوزارة الوصية، إلا أن القطاع لا يزال يعرف مشاكل بنيوية تنعكس سلبا على المؤسسات الصحفية وهو ما يتطلب تقييما شاملا لتحسين أدائها والنهوض بأوضاع المهنين العاملين بها. ويرى عدد من الخبراء الإعلاميين أن المؤسسات الصحفية مدعوة إلى تبني إستراتيجيات تحريرية تساهم في تشجيع المحتوى الإخباري الوطني، واعتماد سياسة القرب عبر نشر الأخبار المحلية والجهوية التي لها طابع الراهنية وتهم المواطن، وكذلك استخدام مواقع التواصل ذات الانتشار الكبير من أجل تفاعل أكبر مع الجمهور المستهدف الذي يتطلع إلى أن يرى أخباره القريبة من ميولاته وانشغالاته تحظى بالعناية التحريرية. وأكد عبدالصمد مطيع أستاذ باحث ومدير مساعد مكلف بالتكوين المستمر والتدريب بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، أنه يتعين على الصحافة المكتوبة لكي تضمن استمراريتها، تبني إستراتيجيات تحريرية تدعم المحتوى الإخباري والتفاعل مع الجمهور بشكل أفضل. عبدالصمد مطيع: إطلاق تطبيقات يسهل متابعة المحتوى بشكل سلس عبدالصمد مطيع: إطلاق تطبيقات يسهل متابعة المحتوى بشكل سلس وأضاف مطيع في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن تجارب متعددة في هذا الصدد أتت أكلها بالفعل، إذ يمكن للصحف استخدام وسائل التواصل الرقمي لزيادة التفاعل مع الجمهور عن طريق نشر المحتوى على منصات مثل فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام وغيرها، مما سيمكنها من زيادة قاعدة متابعيها. وتابع أنه يتعين على الصحف المكتوبة، إطلاق تطبيقات خاصة بالأخبار تسهل على الجمهور متابعة المحتوى بشكل سلس وسريع، والانفتاح بشكل أفضل على المحتوى متعدد الوسائط كالفيديوهات والصور والرسوم البيانية والرسائل الصوتية وغيرها. ويعلق مطيع على مدى استجابة الصحافة الإلكترونية لتعطش الجمهور لمنتوج خبري يلامس انتظاراته، أنه يتعلق بماهية المحتوى المقدم من قبل المنصات الرقمية الإخبارية. فإذا كانت بعض هذه المواقع والمنصات قد ساهمت إلى حد ما في تعزيز النقاش السياسي والاقتصادي الوطني وتفعيل مفهوم القرب على أرض الواقع ومواكبة قضايا المواطن بدرجة أكثر مهنية، فإن ذلك يظل مرتبطا بنماذج معدودة ومتفاوتة من حيث حصيلتها من الجودة والمهنية. وترتبط قدرة هذه المواقع، على تقديم محتوى مفيد ومهم يلبي احتياجات واهتمامات الجمهور المتلقي، بمدى تفاعلها مع توقعات متابعيها بشكل أفضل واستيعاب ردود فعلهم وملاحظاتهم لضمان تحسين جودة المحتوى. ويشدد مطيع، أن الصحافة الإلكترونية تعاني وبشكل كبير من التبعات السلبية للثورة الإعلامية، بما في ذلك انتشار الأخبار الزائفة واستغلال بيانات مستخدمي الإنترنت وتقلص الموارد وتراجع احترام أخلاقيات المهنة. لكن هذه المعوقات، لن تثني هذا النوع الإعلامي عن الاستجابة لمتطلبات ورغبات الجمهور إذا عملت هذه المنابر على تطوير محتواها الإعلامي، وتحقيق التكامل مع مختلف أصناف الصحافة، سواء الورقية أو السمعية البصرية، والتي تشكل صلب كل مشهد إعلامي. مما يفرض الاهتمام بهذا القطاع على مستوى التنظيم والهيكلة المحترفة للمؤسسات الصحافية الالكترونية. وتشكل المنافسة الخارجية تحديا لوسائل الإعلام المغربية من حيث سرعة تدفق الأخبار والاهتمام بالخبر الوطني، وكذلك الدولي الذي يهم الجمهور المغربي. أما على مستوى الإعلام السمعي البصري، فهو مدعو أيضا إلى تطوير مقارباته ومراجعة الشبكة البرامجية لمواكبة الديناميكية التي تعرفها أقاليم المملكة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فرغم الطفرة التي تحققت في هذا القطاع إثر رفع احتكار الدولة وبروز عدد من القنوات الإذاعية وحتى التلفزيونية، فإن المشاهد والمستمع المغربي لم يجد بعد ضالته وبشكل كبير في المنتوج الإعلامي الوطني. ويؤكد الباحث عبدالصمد مطيع أنه من حق المشاهد والمستمع المغربي الاستفادة من عرض تلفزيوني وإذاعي يعتمد على الجودة والمهنية، مبرزا أن وسائل الإعلام السمعي والبصري، مدعوة إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة لتوفير محتوى متنوع وجذاب للجمهور، إلى جانب تشجيع متابعيها على التفاعل، واستخدام تحليلات البيانات لفهم اهتمامات وسلوك المستخدمين وضبط المحتوى بشكل أفضل لزيادة جذبه. ◙ القائمون على القطاع يناقشون الإستراتيجيات للنهوض بالإعلام المغربي وجعله قاطرة للثقافة وسبل تطويره ليكون قادرا على مواكبة العصر كما أن تنويع المنتوج الإعلامي، أصبح ضرورة ملحة اليوم في ظل العرض الهائل الذي ينافس المنتوج الوطني، مشيرا إلى أن القنوات التلفزيونية مثلا، تحتاج اليوم إلى مراجعة لشبكاتها البرامجية مع ضرورة الانفتاح على مواضيع جديدة تواكب الدينامية التي يعرفها المجتمع والاقتصاد المغربيين. ونفس الأمر يتعلق بالإذاعات التي رغم تواجدها الكبير فإنها تحتاج إلى بعض التغييرات في طرق تواصلها مع الجمهور والانفتاح على المناطق التي لا تصل إليها وسائل إعلام أخرى. ويرى مطيع، أن الإذاعات تبقى في حاجة ماسة إلى التطور من أجل الانفتاح على مواضيع ذات أولوية بالنسبة لكافة شرائح المجتمع. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال فهم أفضل لاهتمامات الجمهور واعتماد شبكات برامجية تنفتح أكثر على مفهوم القرب والتحرر من النماذج الاقتصادية الهجينة. وتظل الأحداث التي تسترعي الانتباه هي المحدد في طريقة تناول وسائل الإعلام للأخبار، وهنا يبرز دور وسائل الإعلام المتخصصة، ضمنها التي تهتم بالمجال الرياضي، باعتبار أن المغرب يستعد لاحتضان العديد من المنافسات الرياضية الكبرى، مما يتطلب تكوينا احترافيا واهتماما أكبر بطرق التحرير والبث الأنسب للمنافسات الرياضية، إذ ينبغي للإعلام أن يواكب هذه الاستعدادات، والمشاركة في التعريف بخصوصيات المغرب الحضارية والثقافية. ومن شأن ذلك المساهمة في النهوض بالإعلام الرياضي الوطني عبر تعزيز برامج التكوين والتأهيل المهني الذي تحتاجه تظاهرات قارية وعالمية تحظى بالمتابعة من قبل ملايين المشاهدين والقراء. في خطوة غير مسبوقة لتعزيز مهنية الصحافة الرياضية بالمغرب، نظمت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، الخميس حفلًا لتسليم “بطاقة الملاعب”، حيث ستصبح الوثيقة المعتمدة الحصرية التي تمنح الصحافيين الحق في تغطية البطولات الوطنية. وجاءت هذه الخطوة للحد من استغلال بعض الجهات بطاقات غير شرعية لأغراض ربحية، داعيًا إلى احترام مهنية الصحافة الرياضية وحمايتها من أي استغلال يضر بمصداقيتها. ويأتي الاحتفاء هذه السنة في سياق يطرح العديد من الأسئلة بغية توفير شروط إعلام وطني مسؤول وقادر على مواكبة التحديات التي تفرزها التطورات المحلية والدولية. ويمثل دعوة لحوار رصين وصريح من أجل تشخيص المشاكل والبحث بواقعية وإرادة عن حلول مناسبة لها تضمن أولا مصداقية الخدمة المقدمة وكرامة المهنيين القائمين عليها.
مشاركة :