الوسطية الإسلامية واجهة إخوانية جديدة

  • 11/17/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أصبحت الأممية الإسلامية والوسطية والاتحادات الدعوية ومكاتب التنمية البشرية هى الواجهات اللامركزية التى تشتغل الإخوان من خلالها الآن. وفق ما قاله القيادى الإخوانى الجزائرى عبدالرازق مقرى، فإن الإسلاميين في الوطن العربى يفتقرون إلى الأدوات الفكرية التى تسمح لهم بالتعامل مع تناقضات الحكم، لأن ممارسة الدعوة غير ممارسة السياسة، ومن ثم وجوب التأسيس لمسار نظرى جديد. وهكذا رأى مفكرو الجماعة أن العمل المباشر بصيغة تنظيم يختلط فيه العمل السياسى بالدعوى والاقتصادى التمويلى يؤدى في الأغلب للصدام مع مؤسسات الدولة التى يعمل بها التنظيم، وفي الأغلب يؤدى إلى فقده الشرعية، ومن ثم فإن الصيغة اللامركزية وبواجهات لا تحمل اسم الجماعة، يجعلها بعيدة عن كل أشكال الوصاية أو التبعية، وتعمل من خلالها طاقات فكرية وعلمية وثقافية تؤمن بمبادئها وأهدافها في مختلف المحافل الدولية. ويؤدى العمل من خلال هذا النهج إلى إكساب العمل الحركى الإخوانى مستقلين لا يحبون العمل من خلال تنظيم صارم، وكذلك منشقين لا يجدون أنفسهم منسجمة مع قياداتهم الحزبية سياسياً أو تنظيمياً، ما يعنى أن هذه الشبكة الجديدة تخلق فضاء بديلاً، يتخلى عن المواجهة والصدامية داخل التنظيم، وكذا لا يصنع تنظيماً موازياً وخفياً تخشاه الدول، وفي هذه الحالة يصبح سلوكها محموداً، مهما كان مصدره عن عجز أم قناعة.وتنتشر الجماعة بهدوء بهذا الأسلوب وتخترق شرائح المجتمع في بعض الدول، وتتقزّم في دول أخرى، وهذا يحدث خاصة في بعض النخب التجارية والقبلية والحكومية، عن طريق خطة مركزها الحركى الحقيقى أن تكون للجماعة رافعة تمويلية لا تتبع للتنظيم العالمى مباشرة، ولا تصطدم بالسلطات، عن طريق تبنى المنهج الإصلاحى. لقد تجاوزت الجماعة في بعض الدول مرحلة التأسيس الفكرى والتنظيمى، إلى أن تكون لها مؤسسات خارجية عالمية تسهم في وقف تقهقر التنظيم الدولى، وتسهم في تنامى التنظيم وتوسّع قاعدته العالمية. كما تسهم هذه المؤسسات في دعم التنظيم فكرياً وتنسيقياً وربطه مع التنظيمات الإخوانية الأخرى في الخارج. وعن طريق عقد الحوارات والمؤتمرات العالمية تعرض الجماعة نفسها على أنها «حركة معتدلة» عن طريق المنتديات سالفة الذكر. لقد وجدت الجماعة في بعض الدول نفسها أمام ثلاثة خيارات: إما العودة إلى العمل السرى، وإما البحث عن إطار رسمى يجسد وجوداً رسمياً للحركة، وإما تحويل الحركة إلى تجمع فكرى في المجتمع. ونظراً للتكلفة الباهظة للخيار الأول، وعدم إمكانية الخيار الثانى؛ فقد اختارت بعد مداولات ومراجعات معمقة أن تصبح «تجمعاً فكرياً الروابط فيه قائمة على العلاقات الاجتماعية»، وأن تقوم بعمل مؤسسات فكرية نهضوية داخلياً، ومؤسسات عالمية تدعم الجماعة. ما كتبناه ورويناه سابقاً هو أسلوب إخوانى حركى شديد السرية يتجاوز الأطر القديمة الصارمة إلى طرق أكثر احترافية.

مشاركة :