البيت الغربي.. حاضن الثقافة في الماضي والحاضر

  • 5/12/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل البيت الغربي الذي يقع خارج منطقة السور القديم للشارقة في حي الشيوخ في منطقة التراث حالياً، مركزاً لإقامة الفعاليات التراثية اليوم، ليس لموقعه فحسب، بل لتاريخه الثقافي والتاريخي الذي يمثله، فهو بيت الشيخ سلطان بن صقر بن خالد القاسمي، الذي ولد في 1906م، وتولى حكم الشارقة في 1924م. يقع البيت الغربي في منطقة البيوت التراثية حيث تحيط به من كل جوانبه، فهو جنوب البيت المياني، وعلى شماله يقع بيت حمد المدفع، وبيت سعيد الشامسي (الطويل)، وبيت عبدالله بن سلطان القاسمي، وفي جانبه الشرقي يقع مسجد البدو، ويحده من الغرب بيت محمد بن جاسم المدفع، وعلى مسافة قريبة منه يقع حصن الشارقة، ولم تحدد المصادر التاريخية والوثائق بالضبط سنة بناء البيت الغربي، إلا أنه بالمقارنة مع المباني التراثية المجاورة، وكل تفاصيل البناء والمواد المستخدمة والتصميم، يشار إلى أنه يعود إلى ما قبل 150-200 سنة. تبلغ مساحة البيت 1290 متراً مربعاً، ويعود تخطيط البيت، وكل بيت في تلك الفترة، إلى شخصية صاحب البيت، مهنته، ثقافته، إطلاعه على الموروث المعماري القائم، والظروف الاقتصادية والاجتماعية، ويتألف البيت الغربي من طابقين، وتتميز بعض وحداته السكنية بالعزل، وذلك بحسب الغرض منها، ويتكون من مدخل رئيسي، ومدخل للحرس، ومدخل ثانوي خلف البيت، ويقع فناء البيت الغربي في الوسط، بينما تقع كل الوحدات المبنية على مدار البيت بما يحيطه وبشكل متناظر على مستوى حجم الغرف وارتفاعها ومواقع الشبابيك بكل مقاساتها، كما تنطبق تفاصيل السمك والارتفاع في بناء الجدران عليها جميعها، حيث بنيت من الحجر البحري والجص، والسقوف من الأخشاب الطبيعية. يتضمن الطابق الأول 32 وحدة بناء، ويعتبر الفناء الذي تبلغ مساحته 500 متر مربع، بمساحة مفتوحة، الغرض منه تسهيل حركة الهواء للوحدات المحيطة، وتتوسطه شجرة لا تزال قائمة حتى اليوم، ويوجد له مدخلان في الشمال والجنوب، ويضم البيت الغربي غرف عددها 16، مختلفة الأحجام، ولا تضم تلك الغرف الشبابيك سوى في غرفة المجلس، وقد تتصل بعض الغرف ببعضها الآخر، بينما قد تتصل بحمام، وإلى الإيوان، لتسهيل مرور الهواء، حيث للإيوان مدخل إلى الفناء، أما البراجيل، فهناك البرجيل ذو الفتحات الأربعة في إحدى الغرف، وذو الفتحة الواحدة، وذو الفتحتين في غيرها، وتعتبر البراجيل عنصراً معمارياً أصيلاً في التراث الإماراتي، له وظائف تتعلق بنظام التهوية، حيث الطقس الحار، وأيضاً كنظام مرتبط بالعادات والتقاليد، حيث يعتمد التهوية من أعلى المنزل بدون الإطلالة على جوانب البيت أو خارجه. ويضم البيت الغربي ثلاثة أواوين، وهي المساحات المقابلة للوحدات السكنية والخدمية، التي تتميز بمساحة طولية مستطيلة، بحيث تفتح كل أبواب الوحدات على الإيوان المقابل لها، كما تضم الأواوين السلالم المؤدية للطابق العلوي، وتعتبر الأواوين المنفذ للفناء الوسطي للبيت الغربي. ويحتوي المطبخ الذي يقع جنوب البيت الغربي بئر طوي، لخدمة المكان، ويحتوي البيت على 4 حمامات، وتتوزع هذه بحسب حاجة أهل البيت والضيوف، ويقع أحدها بالقرب من المدخل الرئيسي، بحيث يخدم متطلبات الضيوف وغرفاً أخرى، وحمامين آخرين يقع كل منهما داخل إحدى الغرف للخصوصية وتنفذ لذات الإيوان، أما الحمام الرابع، فيخدم الجانب الشرقي من البيت، وترتفع الحمامات في بنائها الأرضي عن المستوى المعتاد، بسبب وجود خزان داخلي للنفايات آنذاك. ترميم خضع البيت الغربي لعمليات ترميم، حرص القائمون عليها، على إبقائه بالتفاصيل الهندسية، واستخدام المواد الأولية ذاتها، مع إضافة عناصر البيوت الحديثة الأساسية كتمديدات الماء والكهرباء ومصارف الصرف الصحي، حيث تم الاعتماد في الترميم على المصادر الموثقة والصور التي تكشف عن شكل البيت قديماً، حرصاً في الإبقاء على مزاياه وشكله المعماري والهندسي كما كان، وما دعا إلى عمليات الترميم، هو بعض التغييرات التي شهدها، فغيرت بعض معالمه، حيث اختلطت الأواوين والغرف، وتم بناء الحواجز والأبواب الخارجية وتمديد الأسلاك الكهربائية العشوائية، وأنابيب المياه من قبل آخر سكانه، بالإضافة إلى انتشار النباتات الطفيلية، وعدم صرف المياه، مما نتج عن انهيار وتآكل أجزاء من البيت، وغير ذلك الكثير. وشهدت عملية الترميم تفحص القطع المطمورة والملقاة أياً كانت سواء حجرية أو خشبية، لغرض الاستفادة منها في عملية إعادة تشكيله، والتعرف الى مواد البناء المستخدمة بدقة فيه، كما شهدت العملية الدقة في التعرف الى مداخل الغرف الأصلية والشبابيك وحجم ومستوى ارتفاع الغرف والجدران لإعادة تشكيلها كما كانت، وقد عثر على أبواب أصلية وشبابيك، وموقع البئر الذي كان مدفوناً تحت الأنقاض خلال عملية تنظيف البيت وتفحصه.وحرص القائمون من الخبراء على الترميم، على كشط واجهات الجدران والأرضيات والسطوح لإزالة ما هو عالق، والتعرف الى الأصل منها بدقة، وتمت معالجة التشققات والتصدعات في جدران البيت، التي سببتها أنابيب المياه والمجاري، وكثرة الفتحات التي جاءت بسبب تركيب المكيفات وفتح الشبابيك مما أضعف الجدران. وبينت العمليات أن الوجهات الأصلية كانت مكسوة بطبقة من الجص، بعد إزالة طبقات الطلاء الأسمنتي والدهان التي غطت البيت، حيث تمت العملية من جديد بطلائه بالجص، الذي يكسو الأحجار البحرية حيث يبدو بشكل غير منتظم، وعمل الزخارف الجصية للبيت، وكان من أبرز أعمال المعالجة والترميم ملء الفراغات في الواجهات، التي تتضمن الثقوب على أحجامها، بالجص والحجر الصغير، وإعادة بناء أجزاء الجدران المتهدمة بذات المواد الأولية الأصلية، وتبديل السقوف بسقوف من ذات الأخشاب المكونة من الجندل مستورد من زنجبار، والدعون والحصر أجزاء من النخيل، بعد بناء صفوف من الحجر والجص، وتركيب المزاريب لتصريف الفائض من المياه للخارج، وتركيب الأبواب والشبابيك والمشابك الخشبية في مواقعها الأصلية. مكانة ثقافية وتاريخية يقوم البيت منذ العام 1997 بوظائف ثقافية، بعد إعادة بنائه على يد مهندسين وخبراء إدارة الحفاظ العمراني والترميم بمعهد الشارقة للتراث، وأصبح البيت مقراً لإدارة التراث، وفي العام 2014، تمت إعادة صيانته وتأهيله لاستقبال الفعاليات التراثية والثقافية، حيث يحظى البيت الغربي اليوم بمكانة ثقافية وتاريخية واضحة، وعن هذه المكانة يحدثنا عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، قائلاً:لابد من ذكر المكانة التاريخية التي يتسم بها البيت الغربي حتى نصل لمكانته الثقافية اليوم، فالبيت الغربي خاص بالشيخ سلطان بن صقر بن خالد القاسمي، الذي تولى الحكم سنة 1924م، ويعتبر باني الشارقة الحديثة، وبحكم كونه من المثقفين ومن شعراء النبطي والفصحى، كان له مكانته الثقافية كذلك، كما تعتبر مكتبة الشارقة اليوم، جزءا من مقتنياته من الكتب التي احتضنتها مكتبة البيت الغربي، ومكتبة حصن الشارقة، ويعتبر البيت الغربي من أوائل البيوت التي أنشأت خارج السور، ويعتبر موقعه وسطياً في حي الشيوخ، وهو أحد الأحياء الثلاثة في المنطقة (المريجة، السوق، حي الشيوخ)، وفي العام 2014 أصبح البيت الغربي مركز فعاليات التراث الثقافي، ويتضمن قسم الفعاليات والأنشطة التابع للمعهد كإدارة، وتقام فيه على مدار العام العديد من الأنشطة والفعاليات التي يقصد منها إحياء تراث وتاريخ الشارقة، والتعريف بثقافات العالم للمجتمع، ففيه أسابيع التراث الثقافي العالمي، الذي نستضيف فيه تراث وثقافة دولة بعدد من عناصرها ومكوناتها، ونعرف الجمهور عليها، وكانت البداية مع الدول العربية، كما يستضيف البيت المقهى الثقافي على مدى أيام الشارقة التراثية، ويقام فيه كذلك فعاليات متنوعة منها صناعات الحرف، حيث يعتبر البيت الغربي بؤرة أنشطة المجتمع.

مشاركة :