الهيئة العامة للثقافة .. نافذة إشعاع حضاري وإطلالة أرحب

  • 5/12/2016
  • 00:00
  • 130
  • 0
  • 0
news-picture

لاقى القرار الملكي الكريم بإنشاء "هيئة عامة للثقافة" ترحيبا واسعا في الأوساط الثقافية والأدبية والفنية، إذ لطالما كانت الهيئة مطلبا للمثقفين والفنانين لعقود مضت، أملا في تمكين الثقافة والفنون ما تستحقه من استقلالية إدارية وإبداعية، وما يستحقه الوطن من تكثيف الجهود في سبيل تحقيق رؤيته الشاملة والطموحة 2030. ليقود إطلاق هذه الهيئة إلى تساؤلات حول دورها، والمهام التي تندرج تحت مسؤوليتها، خاصة المسرح والسينما، ومدى تقاطعهما مع "هيئة الترفيه"، وهو ما ستحسمه الأيام القليلة القادمة. توحيد شتات الثقافة لا شك أن وجود هيئة عامة للثقافة يزيد فرص التفاؤل بالمستقبل الثقافي للمملكة، هذا ما عبّر عنه مثقفون لـ "الاقتصادية"، فالكاتب والأديب حمد القاضي أمين عام مجلس أمناء مؤسسة حمد الجاسر الثقافية يرى "أن الثقافة كانت في المملكة مشتتة بين جهات عدة، وبالتالي جاءت الهيئة العامة للثقافة لتوحد هذا الشتات الثقافي، وتضم كل ما يتعلق بها من مناشط، بحيث تكون الهيئة المشرفة على المناشط الثقافية والفنية. فضلا عن ذلك؛ فإن الحراك الثقافي يحتاج إلى الإسراع في تنفيذه، وتقديم فعالياته، ومن هنا ستعطي الهيئة مرونة لهذا النشاط الثقافي". وحول دورها، قال "ستُعنى بالأنشطة الأدبية التي تقام في الأندية الأدبية، والشأن المسرحي من خلال إنتاجها أو المشاركة في إنتاج مسرحيات هادفة وترفيهية، كما ستُعنى بتنظيم المعارض والفنون التشكيلية، وتهيئة زيارة المتاحف للمواطنين أو من يزورون المملكة من السياح"، مضيفا أن "الرؤية السعودية 2030" عُنيت بالجانب الترفيهي والثقافي في عدد من بنودها، وهذه الجوانب تحتاج إلى مزيد من الدعم والحراك، وأشارت أيضا إلى مشاركة القطاع الخاص فيها، وقد رأت أيضا أن هيئة الثقافة أحد نتاج هذه الرؤية، وبالتالي سيكون لها جانب اقتصادي بمشاركة القطاع الخاص، وقد تأخذ رسوما على زوار هذه المناشط، وهنا تدخل الثقافة بما يُسمى "الاقتصاد المعرفي". وحينما سألناه عن مدى تقاطع هيئتي الثقافة والترفيه، أجاب "في تقديري بأنه تكامل وتعاون، لا تقاطع، من خلالهما سنرى نشاطات ثقافية وترفيهية تهدف مجتمعة إلى جذب الجمهور، فهيئة الثقافة تركز على الجانب الثقافي ولا مانع إن كان ذلك بغرض الترفيه، وهيئة الترفيه بدورها تركز على الجانب الترفيهي، ولا مانع من إقامتها مسرحية من إنتاج هيئة الثقافة". إعادة هيكلة ثقافية اعتبر محمد السيف رئيس تحرير المجلة العربية والمشرف العام على مركز الملك فهد الثقافي أن قرار إنشاء الهيئة هو بمنزلة إعادة هيكلة لوزارة الثقافة والإعلام، مبينا "كانت للثقافة وكالة داخل الوزارة، والآن أصبحت هيئة، وهي إضافة وقيمة واعتراف بالعمل الثقافي المحلي". وقال السيف إن الهيئة مستقلة، لها ميزانيتها وأعمالها الخاصة، وسيلمس دورها المواطن بشكل لافت، مضيفا "من المؤمل أن تضم الأندية الأدبية، والمراكز الثقافية، والمكتبات العامة التي تبلغ 85 مكتبة في جميع مناطق المملكة، وجمعيات الثقافة والفنون، وجمعيات التصوير، والمسرح والسينما والتشكيليين". وحول مدى تقاطع أعمال هيئتي الثقافة والترفيه التي صدر أمر ملكي بإنشائهما، مثل السينما والمسرح، أجاب بأن هناك تكامل بين الهيئتين، مستدركا أن المسرح والسينما يندرجان تحت أعمال هيئة الثقافة، وإن كان لهما مهام ترفيهية، إلا أن هناك أعمالا أخرى منوطة بهيئة الترفيه. تطلعات متفائلة منذ الإعلان عن إنشاء هذه الهيئة، والتكهنات لا تتوقف حول مسؤوليتها. "الاقتصادية" تابعت آراء المثقفين على "تويتر"، وخرجت بعدة تكهنات يمكن وصفها بـ "المتفائلة" منها: إنشاء مراكز ثقافية تقدم المملكة للخارج والداخل، وتعزيز دور الأندية الأدبية والمكتبات العامة، والإشراف على جمعيات الثقافة والفنون والجمعيات التشكيلية والمسرحية، وصياغة الأنظمة والاستراتيجيات، وتنفيذ المهرجانات والأمسيات والمبادرات الثقافية، وربما تأسيس جائزة الدولة التقديرية للأدب، مثل ما هو معمول به في دول العالم، آملين نقل الثقافة إلى البيت والمدرسة والشارع. ولعل من أبرز ما جاء في حديث المثقفين تمكين العمل الثقافي في المملكة، وهو ما أكده أيضا وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي في تصريحه بأن إنشاء الهيئة سيمنح العمل الثقافي والأدبي والفني مزيدا من الحضور الوطني والعربي والدولي، وستكون انطلاقة إضافية ونوعية في الإجراءات المتنوعة التي تدعم المؤسسات المختلفة من المراكز الثقافية والأندية الأدبية والجمعيات الفنية والمكتبات العامة، إلى جانب المؤسسات الثقافية الأهلية المختلفة. وربط مثقفون بين "رؤية السعودية 2030" وبين قرار إنشاء هيئة الثقافة، إذ عدّها كثيرون "البذرة الأولى" نحو تحقيق الرؤية، حيث ربطوا بين ما جاء في بنود الرؤية وتأسيس الهيئة، من حيث دعم الكتّاب والمؤلفين والموهوبين والمبدعين، وإبراز الموروث الحضاري للمملكة محليا وعالميا. نموذج عربي يذكر أن في إمارة دبي الإماراتية نموذج مشرق لهيئة الثقافة، فهيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة) أطلقت في مارس 2008م، لرسم ملامح المشهد الثقافي والفني في المنطقة، وإثرائه من خلال خلق بيئة ثقافية مستدامة مع الحفاظ على الموروث الإماراتي ورعاية المواهب، لتعزيز التنوع الثقافي والتلاحم الاجتماعي. والمتتبع لهذه التجربة الثرية، يرى نشاطا دؤوبا في عملها، فقد أسست مراكز للتنمية التراثية في مدارس دبي الحكومية، وأطلقت عشرات المعارض الفنية، والمهرجانات، والأفلام، والمسرحيات، والمتاحف التراثية، بل وأطلقت مشروعا لتجميل مرافق دبي، سيكون الأول من نوعه في المنطقة.

مشاركة :