أطاحت شهادات أدلت بها 8 نساء من أعضاء حزب أنصار البيئة «الخضر» نائب رئيس البرلمان الفرنسي دوني بوبان الذي استقال من منصبه، بعد اتهامهنّ له بالتحرش الجنسي، كما أصابت بالإرباك الوسط السياسي الذي يجهد لاستعادة ثقته المفقودة لدى الرأي العام. وتأتي هذه الشهادات التي نقلها موقع «ميديا بارت» وإذاعة «فرانس انتير» بعد خمس سنوات على فضيحة فندق «سوفيتيل» في نيويورك، التي قضت على مسيرة الوزير الاشتراكي السابق دومينيك شتروس كان للرئاسة وبعد عام على نشر 40 صحافية فرنسية نداء يدين الممارسات غير اللائقة التي يتعرضن لها من جانب السياسيين كونهن نساء. وهذه القضية الجديدة التي طاولت بوبان المتزوج من وزيرة الإسكان الحالية ايمانويل كوس، لم يكن لها وقع المفاجئة في حزب الخضر، حيث يبدو أن كثيرين كانوا على علم بتصرفات بوبان السمجة مع الجنس اللطيف. وعلى رغم ذلك، نفى بوبان عبر محاميه التهم الموجهة إليه ووصفها بأنها خالية من الصحة، وقرر التقدم بشكوى ضد «ميديابارت» و «فرانس انتير» بتهمة التشهير. ولم تقدّم أي من النساء الـ8 شكوى قضائية، لكن النيابة العامة الباريسية قررت فتح تحقيق أولي حول القضية والاستماع الى شهاداتهن والتحقق من صحة ما أدلين به من أقوال للإعلام. وتوالت الانتقادات الموجهة لبوبان من مختلف الشخصيات السياسية التي دعا بعضها لاستقالته من مقعده النيابي، خصوصاً أن سلوكه ليس من النوع الذي يسهل عليها مهمة التقرب من الرأي العام. وأشاد حزب الخضر في بيان بشجاعة النساء الـ8 لإقدامهن على «كسر الصمت» باتهامهن بوبان علناً بالتحرش، واعداً بإجراءات داخلية لتمكين من يتعرضن للتحرش من البوح بسهولة بذلك ومواكبتهن في مواجهة هذه الممارسات البغيضة. وعن دواعي توجه النساء الى الإعلام للحديث عما تعرضن له، قالت إحداهن ساندرين روسو وهي عضو منتخب عن حزب الخضر، أن ما استفزها هو صورة نشرها بوبان على «تويتر» في اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف في ٨ آذار ويظهر فيها بشفاه محمرة محاطاً ببعض النواب وأرفقها بعبارة تدعو للالتزام بالعمل ضد تعنيف النساء. واختارت الوزيرة كوس زوجة بوبان عدم اللجوء الى الصمت حول هذه القضية وأقرت بشجاعة في حديث الى إذاعة «فرانس انفو» بأنها «متأثرة جداً كوني امرأة وزوجة وأم ووزيرة» وأن الكلام يدور حول قضية «بالغة الخطورة»، وإذا ثبتت صحتها فإنها ينبغي أن تحال على القضاء. وأضافت أنها تضع ثقتها بزوجها دون تخليها عن التزامها السياسي برفض تعنيف النساء. ونشرت صحيفة «ليبراسيون» عريضة تحمل توقيع 500 شخصية نسائية تدين التصرفات الشاذة لبعض زملائهن وتدعو الى عدم السماح لهم بالإفلات من العقاب. وهؤلاء ينتمون الى كل الفئات السياسية وموجودون في مختلف مراكز المسؤولية ولا يجدون من يحاسبهم. وطغت قضية التحرش على قضية أخرى مهمة، إذ قررت الحكومة الفرنسية تبني إصلاح قانون العمل من دون تصويت البرلمان عليه، كونه يصطدم بعقبات يضعها نواب اليسار. وتهدف الحكومة من إصلاح القانون إلى تحريك سوق الوظائف في فرنسا وخفض معدل البطالة الذي بلغ حوالى 10 في المئة. وسبق أن أعلنت المعارضة اليمينية التي تشكل أقلية في الجمعية الوطنية أنها مستعدة لرفع مذكرة لحجب الثقة. وكان هذا الإصلاح وراء الكثير من التظاهرات الوطنية التي تخلل بعضها أعمال عنف أوقعت جرحى.
مشاركة :