الدول الغنية تقود قاطرة نمو الاقتصاد العالمي في 2014

  • 1/16/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حمل التقرير السنوي للبنك الدولي حول توقعاته بشأن الاقتصاد العالمي في عام 2014، أنباء متفائلة حول مسيرة الاقتصاد العالمي في العام الجاري، فوفقا لما جاء في التقرير فإن الاقتصاد الدولي في منعطف طريق. لكن بخلاف العام الماضي فإن الدول التي ستقود النمو هذا العام هي البلدان الغنية التي بدأت تتعافى من الأزمة المالية العالمية التي ضربتها في 2008، ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 2.4 في المائة في 2013، إلى 3.2 في المائة هذا العام، ويسجل 3.4 في المائة و3.5 في المائة عامي 2015 و2016 على التوالي. وعلق كوشيك يوسو النائب الأول لرئيس البنك الدولي على ما جاء في التقرير بأن المؤشرات الاقتصادية العالمية تظهر تحسنا، ولكن المرء لا يحتاج إلى أن يكون ماهرا جدا ليرى أن هناك مخاطر كامنة تحت السطح، فمنطقة اليورو تخرج من حالة الركود ولكن نصيب الفرد من الدخل لا يزال في انخفاض في العديد من البلدان. ويتوقع أن يرتفع النمو في البلدان النامية إلى 5 في المائة عام 2014، وسيكون أداء بعض البلدان أفضل كثيرا، حيث تسجل أنجولا 8 في المائة والصين 7.7 في المائة والهند 6.2 في المائة، ولكن من المهم تجنب سياسات الركود كي لا تتحول البراعم الخضراء إلى قصب ميت. لكن التفاؤل بشأن الاقتصاد العالمي لم يمتد إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إذ اعتبر التقرير أن حالة عدم الاستقرار الاقتصادي في مصر وتونس والصراع الدائر في سورية والامتدادات الإقليمية له في لبنان والأردن أضعفت النشاط الاقتصادي في تلك البلدان، كما أن التهديدات الأمنية ومشكلات البنية الأساسية قد أثرت سلبا في البلدان المصدرة للنفط. وقد أدت العقوبات الدولية المفروضة على إيران إلى تراجع صادرات طهران من البترول، ووفقا للتقرير فإن النمو الاقتصادي تراجع في المنطقة بنحو 0.1 في المائة خلال عام 2013، ويتوقع أن يظل ضعيفا في ظل الظروف السياسية الراهنة وعدم الاستقرار الذي يسود المنطقة العربية حاليا. ورصد البنك الدولي في تقريره أن معدل النمو الإجمالي قد يبلغ نحو 2.8 في المائة هذا العام، على أن يرتفع في 2015 إلى 3.3 في المائة، و3.6 في المائة عام 2016 وعلى الرغم من هذا التحسن المستقبلي إلا أن البنك يؤكد أنه أقل من الإمكانات والقدرات الاقتصادية التي توجد في المنطقة. ولـ "الاقتصادية" يعلق الدكتور أندرو دين المستشار السابق في صندوق الدولي على الوضع الاقتصادي العربي بأن هذه المنطقة من العالم تلعب السياسية دورا رئيسا في تحديد الوضع الاقتصادي، وباستثناء منطقة الخليج العربي التي تشهد استقرارا سياسيا، وفوائض مالية ضخمة جراء عائدات النفط والغاز، فإن أغلب البلدان العربية تعاني ارتفاعا في معدلات البطالة والتضخم، وهو ما يكشف عن عمق الأزمة. أضف إلى ذلك أن أزمة الدين الخارجي والداخلي التي بلغت في دولة مثل مصر قرابة 300 مليار دولار، ولذلك فإن هذه البلدان في حاجة لإعادة هيكلة اقتصادية شاملة، وهي عملية قد ينتج عنها رد فعل اجتماعي ضخم إذا لم يتم التعامل معها تدريجيا وبحذر. بعيدا عن الشرق الأوسط وتحديدا في البلدان الرأسمالية عالية التطور وذات الدخل المرتفع فإن المؤشرات تؤكد تسارع وتيرة النمو الذي سيصل 2.4 في المائة عامي 2015 و2016. وسيكون الاقتصاد الأمريكي في مقدمة تلك الاقتصاديات ويتوقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل 2.8 في المائة هذا العام مقارنة بـ 1.8 في المائة العام الماضي، وستشهد منطقة اليورو تحسنا يمتد لعامي 2015 و2016. ولـ "الاقتصادية" يعلق المحلل الاقتصادي في المعهد الدولي للأبحاث الاقتصادية في مدينة مانشستر آدم ميل على التقرير بأن النمو لن يكون فقط في الولايات المتحدة الأمريكية، فالبلدان الرأسمالية عالية التطور في أوروبا، أفلحت ومن خلال سياسات مالية مكثفة الوقوف على بداية الطريق للخروج من الركود، والتقديرات الأخيرة تشير إلى أن معدل النمو في أوروبا بلغ 0.4 في المائة، ولكن توقعات هذا العام هي 1.1 في المائة وهي نسبة لا تزال ضعيفة ومتدنية مقارنة بأمريكا، ولكن مقارنة بالسنوات الست الماضية فإنها تعد إنجازا ملحوظا. ومع هذا فإن التقرير كان حذرا فيما يتعلق بأفاق النمو التي اعتبرها ضعيفة نتيجة تقليص واشنطن سياسة التيسير الكمي التي انخفضت من 85 مليار دولار شهريا إلى 75 مليار دولار، وسط توقعات بأن تتراجع أيضا خلال الفترة المقبلة. ويعتقد البعض أن تراجع سياسة التيسير الكمي سيؤدي إلى رفع أسعار الفائدة عالميا، خاصة في الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن تدفقات رؤوس الأموال الدولية لربما تعيد النظر في مسارها الراهن، وبدلا من التوجه إلى الاقتصاديات الناشئة "روسيا - الهند - الصين - البرازيل- جنوب إفريقيا- إندونيسيا- تركيا" ستتوجه إلى البلدان الرأسمالية عالية التطور، ما دفع التقرير للقول إن بعض البلدان النامية قد تواجه مخاطر أزمة إذا ترافق التراجع في سياسة التيسير الكمي الأمريكية مع تقلبات في الأسواق. لكن والكير نيل أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة ويستمنستر يبدي تحفظه على هذه الاستنتاجات ويعلق لـ "الاقتصادية"، أن التحليل الراهن يفترض أن المجلس الاحتياطي الفيدرالي اتخذ قراره بخفض المخصصات المالية الخاصة بالتيسير الكمي بشكل مفاجئ، لكن من الواضح أن ذلك ليس واقع الحال، فالدول النامية وبمجرد تيقنها بأن واشنطن لن تواصل تلك السياسة بدأت في اتخاذ إجراءات وتدابير للتعامل مع الواقع الجديد، ولذلك نلاحظ أن أمريكا خفضت سياسة التيسير الكمي بنحو عشرة مليارات دولار شهريا لكن أسواق البلدان النامية لم تتأثر. ويشير التقرير لتراجع النمو في شرق آسيا والمحيط الهادئ للسنة الثالثة على التوالي لنحو 7.2 في المائة عام 2013، مما يعكس بطء النمو في إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، حيث تراجعت عائدات السلع الأولية، إلا أن التقرير يلقي بالمسؤولية على مجموعة السياسات الداخلية التي تؤدي إلى تباطؤ النمو، بل ويحذر من أن تشهد المنطقة تراجعا في الاستثمارات الدولية، خاصة الصينية. وحول إفريقيا جنوب الصحراء فإن التقرير أرجع ارتفاع النمو الاقتصادي في العام الماضي للدعم القوي من الاستثمارات في مجال الموارد، إذ وارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمنطقة إلى 4.7 في المائة ويرجح معدو التقرير أن يساعد انخفاض معدل التضخم على تعزيز نمو المنطقة البالغ إلى نحو 5.3 في المائة عام 2014، و5.4 في المائة عام 2015 قبل أن تزيد إلى 5.5 في المائة عام 2016. وبقدر ما أن المنطقة غير حساسة نسبيا لارتفاع أسعار الفائدة العالمية، لكنها عرضة بشدة للانخفاض المتوقع في أسعار السلع الأولية والصراعات السياسية والمخاطر الأمنية في شمال نيجيريا، وهجمات القراصنة على طول خليج غينيا، وهو ما قد يرفع تكاليف الشحن ويعطل التجارة الإقليمية.

مشاركة :