تعمل نحو 5 ملايين شركة عائلية في المملكة المتحدة، وتشكل بأصنافها المختلفة العمود الفقري لاستقرار الاقتصاد في البلاد، وتدعم سوق العمل، وفق إحصاءات رسمية، بنحو 14 مليون وظيفة، وتسهم بمئات المليارات من الجنيهات في خزينة الدولة من خلال الضرائب. تواجه هذه الشركات، في مشروع قانون الميزانية الجديدة لحكومة رئيس الوزراء كير ستارمر، "ضريبة الموت العائلية" التي تقضي بفرض نسبة 20 % على الأصول الموروثة للشركات العائلية عند انتقالها من جيل لآخر. ضريبة اعتبرها كثيرون ضربة مباشرة لثقافة الشركات العائلية العريقة التي تعد محركا رئيسيا للاقتصاد الوطني، فحسب مالك شركة عائلية في قطاع الزراعة، "ليس هناك شك في أن هذه السياسة ستقتل روح المبادرة، وتدمر الشركات العائلية". ورفض آخرون هذا الإجراء التمييزي، في أول ميزانية يقدمها حزب العمال، بعد 14 عاما خارج الحكومة، لاستهدافه الشركات العائلية المحلية دون غيرها، فمثلا الشركات المملوكة لعائلات أجنبية العاملة على الأراضي البريطانية وشركات رأس المال الخاص وكذا البورصة ستكون بمأمن من هذه الضريبة. كان الأجدى بالحكومة حماية الإرث البريطاني العريق، فهذه الشركات توفر ما لا تستطيع أن توفره الشركات الأخرى، فهي لا تدار فقط من أجل الربح، بل تعتمد على رؤية طويلة الأمد واستثمارات أساسها الاستدامة والالتزام بالعائلة والمجتمع من أجل المستقبل. تدافع حكومة العمال عن هذا التوجه بسعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية نحو البلد، لكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب الاستثمار المحلي، فمن شأن فرض الضرائب الباهظة على هذه الشركات تقويض الاستقرار، وتهديد الأمن الغذائي للخطر بالدفع نحو الاعتماد على الواردات الأجنبية. يواجه الاقتصاد البريطاني ضغوطا كبيرة بسبب ميزانية الحكومة الجديدة، فالوزيرة راشيل ريفز سجلت رقما قياسيا في حجم الضرائب، بتضمينها الميزانية تقديرات تصل إلى 40 مليار جنيه إسترليني (52 مليار دولار)، أي ما يقدر ب 1,25 % من الناتج الاقتصادي، وهو أعلى مبلغ ضريبي في تاريخ البلد، فحتى خطة الميزانية لعام 1993 في عهد مارغريت تاتشر لم تبلغه. وعدت راشيل ريفز، أول وزيرة للمالية في تاريخ البلد، على اعتبار أن المنصب كان طيلة 800 عام حكرا على الرجال، البريطانيين ب"إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد"، وذلك بسد فجوة مالية تبلغ 22 مليار جنيه إسترليني (28 مليار دولار)، تلقي باللوم فيها على 14عاما من حكم المحافظين. واختارت زيادة الضرائب قصد استعادة التوزان المالي، وإنهاء حقبة التقشف سبيلا لذلك. مساعي اعتبر ثيو بيراترام، وزير الخزانة في حكومة توني بلير، أن فيها "كثير من الألم السياسي" مع "القليل جدا من الحوافز".
مشاركة :