بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 0,1 في المئة، أي 0,1 نقطة أقل من أول تقدير أصدرته وكالة الإحصاء الفدرالية "ديستاتيس" في نهاية تشرين الأول/أكتوبر. من المؤكد أن خطر "الركود الفني" أي حدوث انخفاض ثان في الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، بعد انخفاض بنسبة 0,3 في المئة في الربع الثاني، مستبعد في الوقت الحالي. لكن وزير المال يورغ كوكيز حذر في حديث إلى صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية الجمعة من أنه "يجب ألا نقلل" من خطر الأزمة الاقتصادية المستمرة في ألمانيا. وأكد المحلل لدى مصرف "آي ان جي" كارستن برزيسكي أن "ركودا شتويا يلوح في الأفق"، لافتا إلى أن الأرقام الصادرة "ليست علامة على الانتعاش" بل هي "تأكيد أن الاقتصاد الألماني غارق في الركود". - "ركود" - يعود الركود جزئيا إلى أزمة القدرة التنافسية للصناعة الألمانية على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع الطلب العالمي، في حين ما زالت الصناعة تمثل أكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وحذر الاتحاد الصناعي الجمعة من إمكان انخفاض الإنتاج الصناعي بنسبة 3 في المئة هذا العام، وهو الانخفاض الثالث على التوالي، لافتا إلى أن "التعافي في العام 2025 ليس في الأفق". وأعلن كبار الصناعيين في البلاد عن خطط اجتماعية متتالية، كما تعرض قطاع السيارات الذي يجسد النجاح الاقتصادي الألماني لضربة قوية، شملت شركة فولكسفاغن. أما بالنسبة للصادرات الألمانية التي تشكل تقليديا ركيزة للنمو، فإنها تفقد قدرتها التنافسية وتعاني من التوجهات الحمائية الصينية والأميركية. وفي الفترة بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر، سجلت الصادرات الألمانية انخفاضا حادا بنسبة 1,9 في المئة، وبنسبة 0,3 في المئة على أساس سنوي. ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0,2 في المئة هذا العام، وفقا لأحدث التوقعات الحكومية. وبخلاف ذلك، ستسجل منطقة اليورو نموا بنسبة 0,8 في المئة في 2024 وفقا لبروكسل. تهديد أميركي هل سيكون العام 2025 عام التعافي؟ تراهن الحكومة على نمو بنسبة 1,1 في المئة، آملة تحسن الاستهلاك، لكن هناك خبراء أقل تفاؤلا مثل "الحكماء الاقتصاديين" الألمان يرون أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لن يتخط نسبة 0,4 في المئة. ودعم الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي النمو بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر، بزيادة قدرها 0,3 في المئة مقارنة بالربع السابق، ما يمثل تحسنا بسيطا. وقال الخبير في مصرف "لاندسبنك بادن فورتمبرغ" ينس-أوليفر نيكلاش إن "أفضل ما في الأمر أن الاستهلاك الخاص يتطور أخيرا بشكل أفضل قليلا". ولكن أرقاما صادرة عن "ديستاتيس" اكدت أن الزيادة في الاستهلاك الإجمالي بنسبة 0,8 في المئة على مدار عام واحد تعود إلى الإنفاق العام أكثر من مشتريات الأسر. إلى ذلك لم تنته الضغوط التضخمية بشكل كامل، كما يتضح من ارتفاع التضخم إلى 2,0 في المئة في تشرين الأول/أكتوبر على أساس سنوي، ما قد يؤدي إلى تراجع إقبال المستهلكين. ولتنشيط النمو بشكل مستدام، يجب خصوصا "خفض معدل الادخار المرتفع بشكل غير عادي حاليا"، وفقا لتقديرات الخبير في بنك التنمية الألماني فيليب شويرماير. وثمة احتمال أن يزداد الوضع الاقتصادي سوءا مع تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير. وقال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل إن زيادة الرسوم الجمركية التي وعد دونالد ترامب بتطبيقها عند عودته إلى البيت الأبيض قد تكلف ألمانيا 1 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي. وتضاف إليها التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية في المستقبل ما سيؤثر بشكل غير مباشر على القدرة التنافسية عبر نهر الراين، وفقا لكارستن برزيسكي. ورأى وزير المال يورغ كوكيز أن ألمانيا تحتاج إلى تحسين "إمكانات العمالة المتخصصة، والحوافز الضريبية للاستثمار، والبحث، وأسعار الطاقة"، وتعزيز "التخلي عن البيروقراطية". ويفاقم الوضع السيء انعدام شعبية حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس التي تتوقع أن تُعاقب في صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية المبكرة في 23 شباط/فبراير 2025.
مشاركة :