بعد النجاح المميز لأغنيته المعبرة أريد أن أكبر معك، عرض على المغني والموسيقي الفنان الفرنسي فلوران بانيي الذهاب إلى كوبا، لتسجيل ألبومه الموسيقي الجديد، بصحبة الفنان الكوبي راؤول باز. ويبدو أن بانيي أراد أن يحدث ثورة موسيقية في كوبا خاصة أنه على مدى ما يقرب من ثلاثين عاماً في هذه المهنة، قدم الكثير من الأساليب الموسيقية كالأغنية الكلاسيكية والأوبرا والموسيقى الإسبانية، والأغاني المتنوعة الشعبية، والروك.. كما أنه قدم أداء رفيعاً عند تأديته لأغنيات النجم جاك بريل، واستطاع أن يعيد أمجاد المغني الفرنسي آلان باشونغ دون خوف أبداً. أما بالنسبة لألبومه السادس عشر هابانا، فقد طلب فلوران من صديقه راؤول باز أن يكتب له كلمات الألبوم الغنائي الذي سجله لاحقاً في الاستوديو الخاص به في ميامي. والنتيجة كانت ناجحة جداً. وفي أوائل فبراير/ شباط الماضي، وضع بانيي اللمسات الأخيرة على مشروعه الغنائي على الطريقة الهافانية بتقديم أمسيات غنائية مزدوجة مع الفنان راؤول، إضافة إلى تصويره لقطات فيديو كليب، وأغان أخرى. مجلة باري ماتش اقتنصت الفرصة لمقابلة فلوران بانيي والحديث معه بصراحة عن تجربته الجديدة، واشتراكه في لجنة تحكيم برنامج ذا فويس، في هذا الحوار.. } لماذا تسجل ألبوماً غنائياً مع الفنان الكوبي راؤول باز؟ - أبحث دائماً عمّا يمكن أن يجعلني سعيداً. وكنت قد انطلقت بمشروع على طريقة فرقة بيغ باند وفرانك سيناترا (المطرب الأمريكي الشهير وهو من جذور إيطالية، بدأت شهرته في أواخر ثلاثينات القرن الماضي مع فرقة البيغ باند الشهيرة)، ولم أستطع تجنب الإنجليزية، ولكن عندما حاولت متابعة الإيقاع المطرد للبيغ باند على ثلاث أغانٍ، سرعان ما أدركت أن الأمر لا يسير كما تصورت، فالإنجليزية كما الأرجوحة هي من الأشياء التي لن أمتلكها أبداً! واليوم الذي أدركت فيه ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما رفع الحظر المفروض على كوبا، حينها أحسست أنني أصبت برمح وقررت الاتصال بصديقي راؤول كما فعلت مع كالوجيرو، ليؤلف لي ألبوماً كاملاً. وبالفعل بعث لي خمسة عناوين أقنعتني على الفور. وأمام هذه العاطفة الجياشة، قلت لا بد من مواجهة التحدي، رغم أنها ليست من الأغاني التجارية. } الألبومان السابقان باللغة الإسبانية لم ينجحا؟ - هذا النوع من المشاريع هو أكثر صعوبة كي تقبله الشركة الموسيقية التي أسجل معها، لأنها لا تجلب الكثير من المال، ولكن هذا لا يهمني. فقد بيع من ألبومي الأول بالإسبانية أكثر من 250 ألف نسخة في فرنسا، إضافة إلى أن الناطقين بالإسبانية الذين توافرت لهم إمكانية الوصول إلى الشريط قدروه حق تقدير، أما الثاني باريتون غراسياس أللا فيدا، فكان فشلاً حقيقياً حتى من الناطقين بالإسبانية من سألني: ماذا فعلت؟ هناك أمر ما وأنا أعترف أنه كان خطأ مني، لأنني لم أعمل كما يجب، ولم أغن قبل الذهاب إلى الاستوديو، وأوكلت الأمر لفريق أنجلو-فرنسي، وهو لا يعرف هذا النوع من الموسيقى. } هل تريد أن تشتهر في أمريكا الجنوبية؟ لا، ولكن إذا توافرت لي هذه الفرصة، فلن أنكر النعمة، ويجب أن تعلم أنه لا يمكنني أن أوفر خدمة ما بعد البيع هناك، فلقد تجاوزت السن. هذا الألبوم فقط يسمح لي الغناء بطريقة أخرى باستخدام صوت مختلف خاصة أن الإسبانية هي لغتي الثانية، فأنا أعيش نصف العام في الأرجنتين، وأود أن أثبت أنني أستطيع عمل ألبوم جيد باللغة الإسبانية. } قال راؤول باز، إنه كتب صورة عنك في الأغاني، فهل أنت ممن يحكون خصوصياتهم للكاتب بشكل أسهل مما يحكونها للمقربين؟ أتعامل مع الجميع بنفس الطريقة، وأنا إنسان واضح ليس لدي ما أخفيه. وإذا كان لدي أي شيء يشغلني يظهر عليَّ بسرعة، وزوجتي تعتقد أن هذا من أحد أخطائي، وأنا أقول لها أنه قد يكون من أحد محاسني. وحتى أكون صادقاً، لم يعد هناك الكثير ممن يمكنك أن تحكي لهم حياتك. عندما كنت أصغر سناً، عشت في جو مجتمعي، وقضيت الكثير من الوقت في ممارسة الإيثار، لقد أعطيت وأخذت ولو أنني ما زلت أعيش في نفس الجو اليوم، لوددت أن أكون ديكتاتوراً! [يضحك]. كانوا ينادونني العريف الصغير... واليوم أنا كثير التجوال والسفر وأرى الناس بشكل أقل لأنني لا أمكث في مكان واحد. وفي الآونة الأخيرة قضيت معظم الوقت مع زملائي في الفريق بسبب الجولات الغنائية، ولكن بمجرد الخروج من هذا السديم، شعرت بالسرور لأنني أصبحت وحيداً، فأنا أستخدم الهاتف أقل بكثير من ذي قبل. } كيف تعرفت إلى راؤول؟ - التقينا في عرض للأزياء في باريس، وأصبحنا أقرب عندما استقريت في كوبا عام 2008. وعندما رأيت الضرر الذي ألحقته الأعاصير في الجزيرة، قلت له إنني عازم على إقامة حفلة موسيقية يخصص ريعها لضحايا الأعاصير. وضعنا برنامج مدارس ضد الأعاصير وأعدنا من خلاله بناء ثلاث عشرة مدرسة في منطقة بينار ديل ريو. وجمعنا الفنانين للعرض في جراند ريكس. وبمجرد الانتهاء من بناء المدارس أقمنا حفلاً موسيقياً في هافانا عام 2009. ومنذ ذلك الحين حافظنا على تواصل دائم بيننا. } هل تعتقد أن أمريكا اللاتينية عوضتك عن شيء ما؟ - أعيش في قارة بعيدة عن مشاكل الإنسانية، لذلك نوعية حياتي في باتاغونيا أكبر مما يمكن أن تكون في فرنسا أو الولايات المتحدة. المشكلة الحقيقية هي الزيادة السكانية، باتاغونيا بعيدة جداً ومكلفة للغاية ليستقر فيها الجميع. وفي هذا المعنى، فالحياة التي أعيشها باذخة جداً. وحتى لو لم أنغمس في الترف، فأنا أعيش حياة الفلاحين، حياة عضوية، فالترف الحقيقي هو في ميامي أو باريس. ومع التقدم في السن تعلمت تنظيم نفسي، لذا فإن لي مسيرتي في فرنسا وحياة أخرى في الأرجنتين. } هذا يمكنه أن يضع حياتك المهنية في خطر؟ - لو استطاع أحد أخذ مكاني لفعل ذلك، ولكن لا أحد يستطيع. فهناك من الفنانين من هو قابل للتبديل، وبعضهم الآخر لا، وهذا يعد جيداً بالنسبة لي } هل ذلك بفضل برنامج ذا فويس على وجه الخصوص؟ - ربما، ولكن في اللحظة التي أدركت فيها أنني قد تجاوزت درجة معينة من الشهرة، سعيت في الوقت المناسب إلى إطلاق ألبومي أرض أخرى (2003). قبل ذلك كانوا يتحدثون عن صوتي الجميل، ولم يهتموا كثيراً بي. بعد هذه الأسطوانة، بدؤوا يطلبون مني التقاط صورة معهم، أو التوقيع على شريط. } وهناك أغنية حريتي في التفكير التي رسخت في الأذهان أيضاً أليس كذلك؟ - إذا كانت هذه الأغنية قد أعجبت الكثيرين في البداية، إلا أنها خلقت لي فيما بعد الكثير من المشاكل، حيث أصبحت ذلك الرجل الذي لا يدفع ضرائبه. لقد بدأ الناس يرمقونني في الشارع ويقولون لي: اذهب وادفع الضرائب الخاصة بك! وكنت لا أجرؤ على الإجابة. } ولكن هذا كان يمكنه أن يضع حياتك المهنية كمغن في خطر؟ - لا، ففي سن العاشرة أدركت أنني أمتلك صوتاً مميزاً. وحتى ذلك الحين، كانت لدي مشكلة رد اعتبار، وكنت بحاجة لمن ينتبه إليَّ. وفي اليوم الذي استخدمت فيه صوتي، رأيت الاهتمام بي ورأيت أن بعضهم بدأ يأتي ليراني ويسمعني. } أنت لم تصبح على الفور مغنياً لماذا؟ - غادرت المنزل في سن ال 15 عاماً ونصف العام، واستغرق مني الأمر 12 عاماً لتبدأ الانطلاقة، ولكن هذا لا يهم، على الأقل تعبت وتعلمت الحياة قبل أن أسجل أول ألبوم غنائي. } هل أنت اليوم رجل أعمال؟ - نعم وعلى نحو متزايد، لأنني أحب ذلك، وأيضاً لأن هذا هو عصب الحرب، ولكي أكون حراً حقاً أنا أعيش في ثلاثة أماكن مختلفة، وأسجل ألبوماً كوبياً عندما أريد. يجب أن تؤمن نفسك من غدر الزمن. لقد قضيت الكثير من الوقت مع المنتجين والمديرين الذين كانوا يعيشون معيشية جيدة بينما كنت لا أزال مبتدئاً في التجديف. أنا لا ألومهم أو أحقد عليهم، لقد سمحوا لي أن أتعلم وأود أن أشكرهم. } هل أنت نادم على شيء ؟ - لا، فكل خطوة هي درس بحد ذاته. لهذا السبب أنا سعيد بهذا الألبوم عندما أكون جيداً، فأنا جيد.
مشاركة :