شدد رئيس جمعية الأطباء البحرينية د. محمد علي رفيع أن الجمعية قدمت مرئياتها لمجلس النواب لإقرار كادر خاص للأطباء ولن نمل من المطالبة به، وكاشفًا عن أن 500 طبيب متدرب في مستشفى السلمانية يخضعون حاليًا لبرنامج التدريب، ويحصلون على امتيازات تضمن جميع حقوقهم، سواء المادية أو المهنية كمتدربين. وأكد أن الصحة وفّرت عبر مشروع تدريب الأطباء مخرج جيد أسهم في ضمان حقوق الطبيب البحريني المتدرب ودعمه لزيادة مهاراته وخبراته الطبية؛ تمهيدًا لحصوله على الشاغر الوظيفي، وعزا رفيع اسباب تأخر تعيين الاطباء الخريجين إلى الإجراءات الإدارية التي تعتمد على الميزانية وطريقة العمل، كما أن هناك العديد من الطلبة والطالبات يدرسون الطب في الخارج دون إخطار مسبق لوزارة الصحة وبعد مرور سنوات يرتفع عدد الأطباء الخريجين أكثر بكثير من عدد الأطباء المسجلين لدى الوزارة. واعتبر ان الطبيب البحريني لديه من البراعة والكفاءة ما يوازي أو يفوق حتى نظرائه خارج البحرين، وقد التقته الأيام عبر فتح ملف الطب والاطباء في المملكة، حيث تم التطرق الى محاور عديدة وإليكم نص الحوار: في البداية.. ما هي قراءتكم للمشهد الطبي وواقع الأطباء والمنظومة الطبية في البحرين في الوقت الراهن؟ - يجب القول إن المنظومة الصحية في مملكة البحرين تحظى باهتمام كبير جدًا من القيادة الرشيدة، وإذا تحدثت عن مكونات هذه المنظومة الأساسية وهي الإنشاءات الصحية، والأنظمة والإجراءات، والكادر الطبي والصحي، فستجد أنها تتكامل فيما بينها لتقديم خدمات صحية طبية للمواطن والمقيم وفقًا لأعلى المعايير العالمية. ويجب القول هنا إنه رغم كل التحديات الاقتصادية التي فرضها تهاوي أسعار النفط لا زال المواطن يحصل على خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية بشكل مجاني، وكذلك يحظى المقيمون في المملكة برعاية طبية وفق معايير عالمية مقابل مبلغ مالي رمزي. أطلقت الوزارة برنامجَ التدريب لاحتواء الأطباء العاطلين عن العمل، ويشكو عدد منهم من عدم التعيين ويخضعون لبرنامج التدريب الذي تتروح مدته بين 3-5 سنوات، ما رأيكم بهذا البرنامج؟ - نحن نعتقد أن وزارة الصحة وفّرت عبر هذا المشروع مخرجًا جيدًا أسهم في ضمان حقوق الطبيب البحريني المتدرب ودعمه لزيادة مهاراته وخبراته الطبية؛ تمهيدًا لحصوله على الشاغر الوظيفي، وهذا أيضًا يسهم في استثمار الأطباء من ذوي الكفاءة، وينعكس على مستوى جودة الخدمات الصحية في مملكة البحرين. ونحن في جمعية الأطباء عقدنا عدة لقاءات مع وزارة الصحة من أجل بحث مشروع تدريب الأطباء، وتأكدنا من ضمان الوزارة لكل حقوق وامتيازات الطبيب البحريني المتدرب لشغل الشواغر التدريبية ودعمه لزيادة مهاراته وخبراته الطبية؛ تمهيدًا لحصوله على شهادة الاختصاص التي تؤهله لشغل الشواغر الوظيفية الطبية في مختلف الأقسام والتخصصات بالمستشفيات والمراكز الصحية بوزارة الصحة. وعقدنا في مقر الجمعية عدة لقاءات مع الأطباء حديثي التخرّج للرد على كل الاستفسارات والأسئلة المطروحة من قبلهم عن اللوائح التدريبية المتعلقة بتدريب الأطباء حديثي التخرج من كليات الطب البشري داخل وخارج مملكة البحرين، وذلك في ظل قرار فصل تدريب الأطباء حديثي التخرج عن توظيفهم إلى جانب تعريف الأطباء بسياسات وضوابط التدريب في ظل النظام الجديد ومميزاته التي ستمنح الطبيب البحريني المتدرب فرصة الحصول على التفرغ للتدريب. وكان أن سار هذا المشروع بنجاح، ولدينا حاليًا قرابة 500 طبيب متدرب في مستشفى السلمانية يخضعون لبرنامج التدريب، ويحصلون على امتيازات تضمن جميع حقوقهم، سواء المادية أو المهنية كمتدربين، وتؤهلهم بالدرجة الأولى وترفع من كفاءتهم للعمل بالمهن الطبية. وهل تعتقدون أن العائد المادي الذي يحصل عليه الطبيب المتدرب مجزية؟ - يجب الإشارة هنا إلى أن هذا البرنامج ممول من وزارة الصحة بميزانية مخصصة معتمدة ويشمل الأطباء البحرينيين فقط، حيث جرى توقيع عقود تدريبية مع متدربين كل بحسب تخصصه وتتراوح المدة من ثلاث إلى خمس سنوات ولقد رفعت وزارة الصحة الدرجات المعتمدة التي ستمنح للطبيب المتدرب خلال انخراطه في البرنامج التدريبي، وهي بالمتوسط بين الدرجة الخامسة والسادسة مضافًا إليها العلاوات الاجتماعية والضمان الاجتماعي الذي يدفعه المتدرب، أي ما يعادل صرف راتب شهري يفوق 1200 دينار لكل طبيب متدرب، طبعًا هذا راتب جيد قياسًا بسلم الرواتب والأجور المعتمدة من ديوان الخدمة المدنية. لكن لا زال توظيف بعض الأطباء يتأخر، لماذا برأيكم؟ - إن توفير فرص وظيفية لكل الأطباء الخريجين يصطدم بالعديد من التحديات، من بينها الإجراءات الإدارية التي تعتمد على الميزانية وطريقة العمل، كما أن هناك العديد من الطلبة والطالبات يدرسون الطب في الخارج دون إخطار مسبق لوزارة الصحة وبعد مرور سنوات يرتفع عدد الأطباء الخريجين أكثر بكثير من عدد الأطباء المسجلين لدى الوزارة، وهو ما أسهم في حدوث مشكلة التأخير خلال السنوات القليلة الماضية، نحن ننصح بالتنوع وبالتوجه نحو الاختصاصات التي يطلبها سوق العمل.. برأيكم المهني ما تقويمكم لأداء الطبيب البحريني الاستشاري والاخصائي والحديث وفي المقابل نظرائهم من الوافدين؟ بشكل عام أنا أجزم أن الطبيب البحريني لديه من البراعة والكفاءة ما يوازي أو يفوق حتى نظرائه خارج البحرين، وذلك بحكم اجتهاد الانسان البحريني وكذلك دراسة الطب في الجامعات العريقة ومن ثم التخصص في مستشفيات عريقة خارج البحرين، كما أن التدريب المتميز وضغط العمل الكبير الذي يرزح تحته الطبيب البحريني يصقل مهاراته النظرية والعملية بسرعة كبيرة. نحن لسنا في وارد المقارنة بين الطبيب البحريني وزميله الوافد لناحية الخبرة والمهارة والممارسة العملية، فربما يتفوق البحريني في هذا القسم أو المستشفى مثلاً فيما يتفوق الوافد في قسم أو مستشفى آخر. وبشكل عام، القول بتفوق الطبيب الوافد على نظيره البحريني هو قول خاطئ تمامًا، والجميع يعلم أنه لدينا أسماء أطباء كبيرة جدًا في اختصاصات عديدة يقصدها المرضى من داخل البحرين ومن دول الخليج العربي ومن خارج المنطقة أيضًا. يشكو عدد من الأطباء البحرينيين من ارتفاع رواتب الأطباء الوافدين.. ما تعليقكم؟ - أعود وأقول، الطبيب الوافد لا يتقاضى راتبًا أعلى لمجرّد أنه وافد، بل هذا يعتمد على تخصصه في فروع نادره نحتاج إليها أو أن عدد البحرينيين المتخصصين بتلك التخصصات قليل وأيضًا يجب ان نضع في الاعتبار بأن المردود المالي للأطباء خارج البحرين اعلى بكثير عن نظرائهم البحرينيين، وذلك هو سبب ارتفاع اجور الوافدين لاستقطابهم للعمل في البحرين، وبالمقابل هناك عروض عمل لأطباء بحرينيين في دول خارج البحرين بمرتبات ومزايا تفوق الأطباء المحليين بتلك الدول كل بحسب تخصصه. ولكن نحن دائمًا نعمل وندفع باتجاه تحسين الاوضاع والمزايا المادية للطبيب البحريني بكل تخصصاته. ما رأيكم في رفع ساعات العمل الإضافية وتحديد 5 دقائق لفحص كل مراجع بالمراكز الصحية؟ الطبيب البحريني العامل في المراكز الصحية يقع تحت ضغط عمل كبير، فهو يداوم عدد ساعات اضافية طويلة، ومطلوب منه معاينة عدد كبير من المراجعين. إن 5 دقائق غير كافية في معظم الحالات لأخذ القصة المرضية وإجراء المعاينة وكتابة الوصفة الطبية، لكن في ظل ارتفاع الوعي الصحي وتردد أعداد كبيرة من المواطنين على المراكز الصحية نجد أن الطبيب مضطر لتسريع إجراءات الفحص، وتحويل الحالات المستعصية إلى المستشفى. هل ستؤثر إجراءات التقشف على المنظومة الطبية في البحرين كاملة من حيث العنصر البشري أطباء وهيئة تمريض وأدوية وغيرها؟ - أرى أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات من أجل الحد من الأثر السلبي للتقشف على متلقى الخدمات الصحية، ومن ذلك الاستعاضة عن برنامج العلاج في الخارج بزيارة أطباء مهرة للبحرين، وقد لمسنا فعالية كبيرة لهذه الخطوة. الكادر الطبي، هو حلم كل طبيب بحريني لماذا تم تطبيقه على استشاريين فقط دون الإخصائيين والممارسين العامين؟ - الأطباء بجميع فئاتهم يتبعون أنظمة ديوان الخدمة المدنية ودرجات السلم الوظيفي مثلهم مثل غيرهم من الموظفين، وليس هناك من استثناء لأحد. ونحن كجمعية أطباء سعينا لتحسين الكادر الطبي وكذلك لإخراج الأطباء من هذا النظام عبر إصدار كادر خاص بهم، يتماشى مع طبيعة عملهم والجهود التي يقدمونها على صعيد الدراسة والعمل، واجتمعنا مع ديوان الخدمة المدنية أكثر من مرة لهذا الغرض، كما كانت الجمعية قدمت مرئياتها لمجلس النواب بهذا الخصوص، وهذا طريق طويل، لكننا لن نمل من المطالبة بكادر خاص للأطباء. يهجر عدد من الأطباء البحرينيين العمل ببعض دول الخليج الأخرى نظرًا لارتفاع الرواتب.. ما تعليقكم؟ - الإنسان بطبيعته دائمَ البحث عن حياة أفضل ودخل أعلى، سواء أكان طبيبًا أو مهندسًا أو معلمَ مدرسة أو عاملًا، ولا أعتقد أن هجرة الأطباء من البحرين ظاهرة، وإنما أعداد قليلة، ودول الخليج الأخرى تدفع رواتب أعلى للطبيب والمهندس ومعلم المدرسة والعامل؛ لأن الله سبحانه وتعالى حباها بثروات أكبر. ما هو دور جمعية الأطباء البحرينية بالنسبة للأطباء الاستشاريين والاخصائيين وحديثي التخرج في الحصول على ترخيص مزاولة المهنة؟؟ الهيئة الوطنية للمهن الصحية والطبية هي الجهة المخولة بمنح ترخيص مزاولة المهنة، لكننا في جمعية الأطباء البحرينية نبادر في كل مرة إلى عقد دورة تدريبة للأطباء المقبلين على امتحان الامتياز، وذلك في مقر الجمعية، ونستقدم لهم مدربين من أفضل الاطباء الأستاذة في تخصصات مختلفة، ثم يكون هناك امتحان تدريبي مشابه لامتحان الامتياز. وماذا عن التنسيق بين جمعية الأطباء البحرينية وهيئة تنظيم المهن الطبية؟ - جمعية الأطباء البحرينية تسعى دائمًا لتكون ركنًا أساسيًا في المنظومة الطبية، انطلاقًا من أن الطبيب هو الركيزة الأولى لهذه المنظومة، ونحن حريصون كل الحرص على بناء علاقات تعاون مثمرة مع مختلف الجهات المعنية بالقطاع الصحي، المجلس الأعلى للصحة ووزارة الصحة وهيئة تنظيم المهن الصحية والطبية، وديوان الخدمة المدنية، والمستشفيات، وغيرها. أخيرًا.. تكررت الأخطاء الطبية خلال العامين الأخيرين من جانب أطباء بحرينيين في جراحات التجميل والولادة، والقلب، والعظام، والأطفال، والتخدير.. لماذا كادت ان تتحول الأخطاء الطبية الى ظاهرة؟ وكم يبلغ عدد الأطباء المحالين للتحقيقات في الاخطاء الطبية؟ وما هو دور الجمعية تجاههم؟ وما هي الإجراءات التي تتخذ ضدهم؟ وهل يوجد من بينهم أطباء وافدين؟ أعتقد أن المجتمع البحريني والصحافة خصيصًا باتًا اليوم أكثر وعيًا بمسألة الخطأ الطبي، فهذه القضية ليست ظاهرة محلية في البحرين بل ظاهرة عالمية تتفشى حتى في الدول ذات الأنظمة الصحية المتطورة، ووفقًا للإحصائيات العالمية فإن خمسة ملايين شخص ماتوا بسبب الأخطاء الطبية خلال العقد الماضي في كل من أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزلندا. المشكلة أيها السادة أننا بتنا في عصر الإعلام المفتوح وأصبح العالم صغيرًا جدًا في شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، والسائد هو عدم التحقق من المعلومة قبل تداولها، وفي غضون لحظات يتشكل رأي عام ضاغط على الجميع، ويكون الطبيب المتهم مدانًا حتى وإن تمت تبرأته ويطال المنظومة الصحية الرسمية الكثير من الدعاوى والاتهامات التي تنال من مصداقيتها على المدى البعيد ويعاني المريض وأقاربه بسبب التوجس وفقدان الثقة بالأطباء والمنظومة الصحية. لقد كنت أنا شخصيًا عضوًا في العديد من اللجان التي تشكلت للتحقيق في شبهة ارتكاب الطبيب لخطأ طبي، وفي الحالات التي ثبتت فيها إدانة الطبيب تم اتخاذ الإجراءات الازمة في حقه قانونًا. لكن لا يجب التهويل بشأن الخطأ الطبي؛ لأن ذلك ربما يدفع الطبيب إلى التقليل من عدد المرضى الذين يُعايُنهم أو التنصّل من مسؤولياته خوفًا من ارتكاب خطأ طبي.. المصدر: أشرف السعيد
مشاركة :