أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن الهيئة جمعت اختصاصات مشتتة فنظمتها وطورتها لتكون قطاعات مستقلة وناضجة تمهيداً لتسليمها للشركاء من القطاعين الحكومي والخاص لإدارتها. مشيراً سموه إلى أنه دعا قبل أكثر من عام إلى ضرورة التعاطي مع القطاعات على أساس أنها صناعات مستقلة، وضرب لذلك مثلاً بقطاعات التعليم والصحة والرياضة والثقافة التي تحتاج إلى أن ينظر لها كصناعات متكاملة، وبدون ذلك يصعب الارتقاء بأدائها، وهذا ما بدأ يتحقق مؤخراً عبر تأسيس منظومة إدارية جديدة لتلك الأنشطة وغيرها. ونوَّه إلى أن من أبرز إنجازات الهيئة النجاح في تغيير المفاهيم تجاه السياحة والتراث وصولاً إلى القبول الكامل بل والضغط والاستعجال لاستكمال الأنظمة والشراكات، وهذا ما جعل السياحة أحد المحاور الرئيسية لرؤية المملكة 2030. وقال سموه في كلمته التي ألقاها أول أمس الأربعاء في احتفال كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود بمرور عشر سنوات على إنشائها: «نحمد الله سبحانه وتعالى أن نلتقي هذا اليوم بعد مرور 10 سنوات على إنشاء الكلية، وأشكر أخي معالي مدير الجامعة، وأشيد بالنقلات التي قام بها للكلية والجامعة، ونتطلع من العميد الجديد لكلية السياحة والآثار أن يكون خير خلف لخير سلف لإحداث النقلات المؤملة التي تتوازن مع النقلات الكبيرة التي تحدث اليوم في قطاع السياحة والتراث الحضاري الوطني. وأشار إلى أن الهيئة في بداياتها مرت بمرحلة مخاض، ولم تكن لديها أية صلاحيات أو إمكانيات، وبدأت في ذلك الوقت برؤية عميقة ومفصلة لهذا القطاع الاقتصادي المنتج الذي كان قطاعا مشتتا لا تحكمه أنظمة واضحة تنظم المستثمرين والداخلين الجدد في هذه القطاعات الاقتصادية الكبيرة جداً. حيث إن السياحة صناعة اقتصادية كبيرة جداً وليست قطاعاً لتداخلها مع كثير من القطاعات ولحاجات الكثير منها للتنظيم، فأعلنت الهيئة آنذاك أن هدفها الأساسي هو التمكين ثم الانسحاب، أي تأهيل قطاعات أخرى ومن ثم تمكينها من إدارة أنشطة وقطاعات سياحية، ثم تبدأ الهيئة بالانسحاب والانحسار نحو الدور الحقيقي لمؤسسة مثل الهيئة وكل الهيئات، وهو الدور الداعم والمنظم، وفعلاً قد بدأ هذا الدور قبل سنتين تقريباً، وكان مفترضاً أن يبدأ في عام 1430هـ، ولكن عدم التمكين بالأنظمة والقرارات والتمويل هو ما أخر مرحلة الانحسار هذه». مبيناً سموه أن الهيئة تمكنت خلال هذه الفترة من جمع شتات هذه الأنشطة المختلفة واللاعبين الكثر والاختصاصات مشتتة في هذا القطاع، وبالعمل والتشاور والتنسيق التام مع أمراء المناطق والوزراء والمشايخ الذين نحتاج رأيهم في قضايا حساسة حتى تنضج ويكون هناك تحول، وهذا ما حصل اليوم، فالتحول الفكري نحو السياحة كان من أبرز نجاحات الهيئة، ومبادرة التحول الوطني وجدت أن قطاع السياحة الوطني والتراث الحضاري يحظى بالقبول الفكري الكبير جداً الذي ما كان يحدث ولا يكون مهيئاً لاستعجال التطوير لولا الله سبحانه وتعالى ثم ما كان من توفيق وعمل جماعي كبير من الجميع أسهم في إيجاد صناعة اقتصادية مقبولة وقابلة للتنفيذ، ومن ثم الاندفاع والمطالبة بالتطوير، وهذا ما حدث اليوم. وقال: «أقول دائما إننا لا يمكن أن نطور القطاعات الجديدة بمجرد التمويل أو أوجه دعم مختلفة، بل بالنظر إلى هذه القطاعات على أنها فرص كبيرة للتحول نحو اقتصاد جديد، واليوم ننظر للسياحة الوطنية والتراث الحضاري على أنه صناعة متكاملة، ونأمل أن نرى صناعات أخرى مثل صناعة الرياضة والتعليم والسياحة الثقافية والسياحة العلاجية والترفيه كصناعة اقتصادية متكاملة، ونحن نستبشر خيراً بالهيئات الجديدة، وقد ناديت سابقاً بهيئات تتولى صناعات مستقلة مثل هيئة الثقافة وهيئة الرياضة، ونحن الآن نتطلع للعمل مع الهيئة الجديدة للتركيز على تحويل الثقافة الوطنية وتحويل التراث الحضاري الوطني إلى منتجات ثقافية وأعمال تساند أعمال الخطة تطوير السياحة الوطنية، أيضاً صناعات مثل صناعة سياحة الصحة والاستشفاء، وأنا متفائل كثيراً بوجود الدكتور توفيق الربيعة الذي يؤمن بنفس هذه الاتجاهات وأن تتحول الصحة عندنا والاستشفاء إلى صناعة اقتصادية متكاملة. وأشاد الأمير سلطان بن سلمان بالشراكة الفاعلة والمميزة بين الهيئة وجامعة الملك سعود، واستعانة الهيئة بالعديد من خبرات الجامعة التي شاركت في إستراتيجية التنمية السياحية وبرامج الهيئة الأخرى. وكان الاحتفال بمرور عشر سنوات على إنشاء كلية السياحة والآثار الذي أقيم الأربعاء الماضي في قاعة الشيخ حمد الجاسر بمقر الجامعة برعاية سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد بدأ بكلمة لعميد كلية السياحة والآثار الدكتور عبد الناصر الزهراني، ثمن فيها ما تحظى به الكلية من دعم واهتمام من سمو الأمير سلطان بن سلمان. وأوضح أن كلية الآثار بجامعة الملك سعود تم إنشاؤها وفقاً للتوجيه السامي عام 1426، وجاء تأسيسها استجابة لحاجة الوطن إلى كوادر مؤهلة عملياً لإدارة موارد التراث الثقافي، وتوظيف مقومات المملكة التراثية في المجالات كافة لا سيما في صناعة السياحة. مبيناً أن مناسبة مرور 10 أعوام على تأسيس الكلية يأتي وبلادنا تشهد مرحلة جديدة التطور بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، وتعيش تحولاً كبيراً في العناية بالتراث الحضاري وتوظيفه في المجالات كافة، لافتاً إلى حزمة من أنشطة الكلية وجهودها في رفع الوعي المجتمعي وتفعيل دوره وتبني كراسي البحوث العملية في جميع المجالات ذات العلاقة بالسياحة والتراث، وقال إن عدد طلاب وطالبات البكالوريوس لهذا العام 772 طالباً وطالبة، وقال يبلغ عدد طلبة الكلية (604) طلاب، وبلغ عدد الطلبة الملتحقين بالماجستير والدكتوراه (168) طالباً وطالبة، مما يؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد تحولاً كبيراً ونقلة نوعية في النهوض بالتراث الوطني وصناعة السياحة في بلادنا. ثم ألقى معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران العمر كلمة عبر فيها عن شكره وتقديره لسمو رئيس الهيئة على رعايته للحفل، ودعمه المتواصل للكلية منذ إنشائها وما مرت به من مراحل تطويرية، لافتاً إلى جهود سموه في العناية بالتراث الحضاري وتطويره، وحرصه على أن يقوم العمل التراثي والسياحي على المنهجية والطرق العلمية المدروسة، مبيناً أن كلية الآثار والسياحة بجامعة الملك سعود تمثل ثمرة لجهود سموه. وقال إن الكلية تواكب رؤية الدولة في العناية بالموروث الوطني من خلال إعداد الكوادر العلمية المتخصصة في هذا المجال. وأشار مدير الجامعة إلى عدد من إنجازات الكلية خلال العشرة أعوام الماضية، لافتاً إلى دورها في إعداد الكوادر المدربة، وقال: نهدف إلى تخريج أجيال تدرك قيمة التراث ومكانته الحضارية والثقافية والاقتصادية، معدِّداً إنجازات الكلية ونجاحها في عقد كثير من الشراكات مع القطاعات المختلفة، ودورها في تعزيز الوعي المجتمعي، وتبنيها لعدد من كراسي البحوث العلمية، من بينها كرسي الأمير سلطان بن سلمان لتطوير الكوادر الوطنية في السياحة والآثار، والذي أنشِئ بدعم وتمويل خاص من سموه، مبيناً أن كرسي سموه يهدف إلى توفير بيئة ملائمة للبحث والتطوير والإبداع في مجال السياحة والآثار، إلى جانب كرسي التراث الحضاري في المملكة العربية السعودية الذي تبنته الجامعة مؤخراً بهدف دعم الدراسات والأبحاث الموجهة لتطوير الاستثمار في مجال التراث الحضاري، وغيره. ودشن سمو رئيس الهيئة خلال الاحتفال كرسي التراث الحضاري في المملكة، كما دشن الجمعية السعودية للسياحة. بعد ذلك افتتح سموه المعرض المصاحب للاحتفال والذي تضمن صوراً من أعمال وأنشطة الكلية ومراحل عملها. يشار إلى أن كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود تأسست بالأمر السامي الكريم رقم (10363/ م ب) بتاريخ 22-8-1426هـ، وذلك بمبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ودعم كبير من جامعة الملك سعود. وتحظى كلية السياحة والآثار بمجلس استشاري برئاسة سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ونائب الرئيس معالي مدير جامعة الملك سعود، وعضوية عدد من أصحاب المعالي والسعادة النواب ووكلاء الوزارات، والمستثمرين في القطاع السياحي. وتضم كلية السياحة والآثار الأقسام العلمية التالية: قسم الآثار (بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في الآثار)، قسم الإدارة السياحية والفندقية (بكالوريوس في الإدارة السياحية، وبكالوريوس في الإدارة الفندقية)، قسم إدارة موارد التراث والإرشاد السياحي (بكالوريوس إدارة موارد التراث، وبكالوريوس في الإرشاد السياحي). وقد ارتفع عدد أعضاء هيئة التدريس في الكلية من 32 عضو هيئة تدريس عام 1427هـ إلى 46 عضو هيئة تدريس عام 1436هـ، و118 محاضراً ومعيداً. وعدد الطلاب المنتظمين في الكلية حالياً 521 طالباً وطالبة، منهم 174 لمرحلة الماجستير، و77 لمرحلة الدكتوراه. كما وصل عدد الخريجين خلال السنوات العشرة الماضية 876 طالباً، منهم 14 متخرجاً بدرجة الدكتوراه، و57 متخرجاً بدرجة الماجستير. كما تضم كلية السياحة والآثار ما يأتي: «كرسي للبحث العلمي، كرسي الأمير سلطان بن سلمان لتطوير الكوادر الوطنية في السياحة والآثار، كرسي التراث الحضاري في المملكة العربية السعودية، الجمعية السعودية للسياحة، متحف الآثار بالكلية وهو أقدم المتاحف التعليمية في المملكة أنشئ عام 1387هـ». وتعمل الكلية على تنفيذ المشاريع البحثية والتدريبية التالية: «مشروع تحويل المقررات الدراسية إلى مقررات إلكترونية، مشروع تدريب الطلاب على أعمال التنقيب الأثري، مشروع لتدريب الطلاب في مجالات العمل السياحي، مشروع لتدريب الطلاب في مجال إدارة التراث والإرشاد السياحي، مشروع لتطوير مهارات الطلاب بالعمل المتحفي، مشروع رصد أفضل الممارسات العالمية في مجال التنقيب، مشاريع بحثية لنشر نتائج أعمال التنقيب الأثري بدعم من مركز البحوث بكلية السياحة والآثار».
مشاركة :