جاء في الفقه القانوني وكذلك في تطبيقات الأحكام القضائية التفرقة بين الخطأ الطبي المهني والخطأ الطبي العادي الذي يطلق عليه بعضهم الإهمال الطبي. فالخطأ الطبي المهني هو ذلك المتعلق بمهنة الطبيب الفنية، والذي لا يستطيع القاضي أن يستبينه وذلك لافتقاره للقدرة الكافية على تحديد هذا الخطأ دون الرجوع إلى أهل الخبرة من الأطباء، ويقع أثناء قيام الطبيب بواجبه ومخالفته للقواعد والأصول التي توجبها عليه مهنته الطبية، أي الخطأ الذي يتصل بالأصول الفنية للطب. وأمثلته: الخطأ في تشخيص المرض أو أن يقوم طبيب غير مختص في الجراحة بإجراء عملية جراحية لمريضه أو ألا يقوم الطبيب بأمر معين تحتم قواعد مهنة الطب ضرورة القيام بذلك. أما الخطأ الطبي العادي (الإهمال الطبي) فغير متعلق بمهنة الطبيب، لكنه يرتكبه أثناء مزاولته لمهنة الطب، ويكون في وسع القاضي أن يتنبه له في أغلب الأحيان دون الرجوع إلى أهل الخبرة من الأطباء، فيكون هذا الخطأ بعيداً عن الأصول الفنية والمهنية وينجم نتيجة السلوك الإنساني البحت، ويكون خاضعاً للقواعد العامة للالتزام التي تفرض على عامة الناس في حالة صدور هذا الخطأ. وأمثلته: أن ينسى الطبيب أدوات جراحية داخل بطن المريض، أو إذا ترك وعاء مملوءاً بالماء الساخن ملاصقا لجسم المريض الواقع تحت تأثير البنج، فيتسبب في إحداث حروق للمريض، أو إذا لم يراع الطبيب قواعد النظافة أثناء عمله أو قيامه بعملية جراحية ويده مصابة بعجز الحركة. وجاء في حكم محكمة التمييز الكويتية: «مناط مسؤولية الطبيب عن خطئه المهني أن يثبت بصفة أكيدة واضحة أنه خالف في سلوكه عن جهل أو تهاون أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف، فالعبرة إذاً ليست بوصف الخطأ يسيرا أو جسيما ولكن بثبوته على وجه التحقيق والقطع لا الشك والاحتمال، فيجب استخلاصه بصورة أكيدة لا يتطرق إليها الشك من وقائع واضحة تتنافى في ذاتها مع الأصول الطبية المستقرة». (الطعن بالتمييز رقم 206 لسنة 1990 تجاري جلسة 27/ 1/ 1992).
مشاركة :