شهدت عملة البيتكوين (BTC) تعافيًا طفيفًا أمس فوق مستوى 93000 دولار بعد تراجع حاد بنسبة 6% منذ يوم الإثنين، وبدأت تعاملات اليوم الخميس عند 95785 دولار، وسط انخفاض واضح في الطلب المؤسسي. حيث أظهرت بيانات التدفقات الخارجة لصناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) انخفاضًا بمقدار 123 مليون دولار مؤخراً، مما يعكس ضعف الاهتمام من المستثمرين المؤسسيين. وهذا التراجع برأيي، إلى جانب الأرباح الكبيرة المحققة من حاملي العملة على المدى الطويل، دفع السوق إلى مرحلة إعادة تراكم، مما يشير إلى احتمالية استمرار التذبذب قبل عودة الزخم الصعودي. وبعد أسابيع من النمو السريع، دخلت عملة البيتكوين (BTCUSD) مرحلة من الاضطراب الشديد، حيث هبطت إلى ما دون مستوى 94,000 دولار. بعد أن خرجت من القناة الصاعدة التي كان السعر يتداول ضمنها. وتشير المتوسطات المتحركة إلى وجود اتجاه صعودي قصير الأجل، لكن اختراق الأسعار للمنطقة بين خطوط الإشارة إلى الأسفل يدل على ضغوط بيعية، ما قد يشير إلى استمرار الهبوط من المستويات الحالية. كما تشير هذه المؤشرات إلى أن البيتكوين قد يواجه موجة تصحيحية قادمة، الأمر الذي يدفع بمزيد من التقلبات على المدى القصير. ومن وجهة نظري، السوق يشهد حالة من الحماسة التي قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع في المدى القريب جداً، لكن قد تكون مجرد مؤشر على تصحيح قريب. ففيما يتعلق بالتصحيح، برأيي لا يمكن للبيتكوين الاستمرار في النمو فوق مستويات الـ100,000 دولار من دون حدوث بعض التصحيحات. وهذا التصحيح قد يكون ضرورياً لتثبيت مكاسب البيتكوين وتحقيق استقرار للسوق، مما يسمح للعملة بمواصلة الاتجاه الصعودي في المستقبل المتوسط والبعيد. ومن وجهة نظري، تعتبر المخاوف من “ارتفاع حرارة السوق” أحد العوامل المهمة التي تثير القلق حول استمرار النمو غير المستدام لعملة البيتكوين. لإن سعر البيتكوين الحالي يتجاوز بكثير مستوى دعم تاريخيًا في الأسواق الصاعدة عند 66000 منذ عام 2017، وكان بمثابة حاجز قوي أمام انهيار الأسعار. وهذا المستوى قد يكون نقطة انطلاق مهمة في حال حدوث تصحيح عميق. لذا أرى احتمال كبير لحدوث تصحيح في المستقبل القريب. وأعتقد أن انخفاض الأسعار خلال الأسابيع المقبلة قد يكون ضرورة “لتبريد” السوق، مما يساهم في تصحيح الأسعار بشكل يتوافق مع الأنماط التاريخية. وإذا لم يحدث هذا التصحيح، فقد نشهد اضطرابات قصيرة إلى متوسطة الأجل نتيجة لنمو الأسعار الحاد، وهو ما قد يؤدي إلى تقلبات غير مريحة للمستثمرين. كما أن السوق قد يشهد ارتفاعًا في الأسعار، ولكنه ليس بالضرورة مستدامًا. لإن السوق قد بدأ في إعادة احتساب مستويات سعرية جديدة بعد فوز ترامب في الانتخابات، وإذ ارتفعت التوقعات للسعر المستقبلي للعملة، حيث كانت التوقعات تضع السعر عند مستويات بين 70,000 إلى 80,000 دولار، ولكن الآن ارتفعت هذه التوقعات إلى 100,000 دولار. وأعتقد أن البيانات الاقتصادية القادمة قد تؤدي إلى زيادة تقلبات البيتكوين، مما يفتح المجال أمام صعود وهبوط في الأسعار. أيضاً الاقتصاد الكلي يشكل عاملًا آخر يعوق النمو السريع لعملة البيتكوين. فعلى الرغم من الضجة الحالية حول البيتكوين، فإن السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تلعب دورًا محوريًا في تحديد الاتجاه المستقبلي للعملة. ففي الوقت الذي يتوقع فيه البعض أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مجددًا، فإن هذا قد يؤدي إلى تقلبات إضافية في أسواق البيتكوين. من جانب آخر، فإن تراجع هيمنة البيتكوين على السوق، حيث انخفضت النسبة من 60.1% إلى 57.9% في الأيام الأخيرة، يشير إلى إعادة توزيع الأموال إلى العملات المشفرة البديلة، مما يضيف مزيدًا من الضغط على البيتكوين. وبرأيي على الرغم من التحديات والضغوط الحالية، تبقى التوقعات طويلة الأمد لعملة البيتكوين إيجابية. وتشير إلى أن الاهتمام المتزايد من قبل المستثمرين المؤسسيين، خاصة مع وجود صناديق الاستثمار المتداولة للعملات المشفرة، قد يعزز من مكانة البيتكوين في الأسواق العالمية. غير إن قلة المعروض من البيتكوين في السوق، قد يؤدي إلى زيادة في الأسعار كما حدث في الدورات السابقة. وفي حال استمر الهيكل التقليدي للأسواق الصاعدة، قد يصل البيتكوين إلى مستويات تاريخية جديدة في سبتمبر وأكتوبر من عام 2025. وأتوقع أن تشهد السوق تقلبات إضافية خلال الفترة القادمة، حيث يمكن أن تؤدي عمليات تصفية العقود الآجلة والمستويات المرتفعة للتمويل إلى تصحيح مؤقت. ومع ذلك، فإن تصحيح البيتكوين في هذا السياق ضروري لاستمرار النمو المستدام. ومع التغلب على مستوى الـ100,000 دولار، قد نشهد فترة جديدة من النمو المستمر. وستظل التوقعات على المدى الطويل إيجابية لعملة البيتكوين، خاصة مع الاهتمام المؤسسي المتزايد مما يجعل البيتكوين أحد الفرص الاستثمارية المميزة في نهاية عام 2024.
مشاركة :