◄ عملية عسكرية مفاجئة للمعارضة السورية المسلحة باسم "ردع العدوان" ◄ المعارضة تسيطر على وسط حلب وعشرات القرى ◄ متحدث باسم العمليات العسكرية: وجهنا ضربة استباقية للنظام ◄ الجيش السوري: نواصل التصدي للهجوم المفاجئ لاستعادة السيطرة ◄ طائرات روسية تقصف أحياء في حلب للمرة الأولى من 2016 ◄ خبير عسكري: ما يحدث نتيجة لتدخلات خارجية وتمَّ التخطيط له منذ فترة ◄ باحث: التحركات العسكرية قد تهدف للضغط على دمشق للدخول في تسوية سياسية الرؤية- غرفة الأخبار شهدت بعض المناطق في سوريا تطورا مفاجئا في معارك عنيفة بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، خاصة في مناطق واسعة من محافظتي حلب وإدلب، وذلك في إطار الصراع المستمر بين القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا وإيران والفصائل المسلحة التي تشمل جماعات معارضة، وبعض المجموعات الجهادية مثل "هيئة تحرير الشام". ونفذت المعارضة السورية هجوما مفاجئاً عبر عملية أطلقت عليها اسم "ردع العدوان"، وهي عملية تدار من قبل غرفة عمليات مشتركة تسمى "إدارة العمليات العسكرية" مرتبطة بغرفة عمليات "الفتح المبين". و"الفتح المبين" هي غرفة عمليات شكلتها "هيئة تحرير الشام" منتصف عام 2019، وتهدف إلى إدارة العمليات العسكرية في مناطق سيطرة "حكومة الإنقاذ السورية" في الشمال السوري في إدلب وأرياف حلب واللاذقية وحماة، وتضمّ عددا من الفصائل السورية المعارضة، أبرزها: هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير وحركة أحرار الشام وجيش العزة. وأوضح الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية لمعركة "ردع العدوان" حسن عبد الغني، أن الهدف من العملية توجيه "ضربة استباقية للحشود العسكرية لقوات النظام والمليشيات الموالية لها، والتي تهدد المناطق المحررة"، بحسب تعبيره. وأكدت المعارضة السورية المسلحة أنها وسّعت نطاق سيطرتها على عدد من أحياء مدينة حلب، وذلك في اليوم الرابع من معركة "ردع العدوان"، في حين اعترف الجيش السوري بمقتل وإصابة العشرات من عناصره في معارك الأيام الأخيرة، وبالتوازي مع ذلك شنت طائرات حربية روسية غارات على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ عام 2016. ومساء الجمعة، فرضت المعارضة حظر تجوّل في المدينة حتى صباح اليوم، "حفاظا على سلامة المدنيين"، مؤكدة أنه سيتم خلال ساعات تأمين مدينة حلب عسكرياً وأمنياً ليُعلن بعدها تحرير المدينة كاملا. وفي المقابل، قالت وزارة الدفاع السورية إن قواتها استعادت السيطرة على نقاط خسرتها في وقت سابق، مضيفة أنها تواصل التصدي لهجوم من جانب ما وصفتها بالمجموعات الإرهابية وكبدتها خسائر كبيرة. كما أكدت وزارة الدفاع السورية أن تعدد جبهات الاشتباك دفع قواتها لإعادة الانتشار لتدعيم خطوط الدفاع والتحضير لهجوم مضاد. لماذا الآن؟ ويرى الخبراء أن هذه التطورات لا يمكن فهمها بمعزل عن التغيرات الإقليمية والدولية التي أعادت ترتيب المصالح الاستراتيجية في المنطقة. وبحسب تصريحات الخبير العسكري والاستراتيجي العميد تركي الحسن، "إن هذه العمليات ليست عشوائية؛ بل منظمة بدعم تركي مباشر، من خلال استخدام المدفعية والراجمات وتنسيق الاستخبارات التركية مع قادة الفصائل المسلحة، الذين اجتمعوا مؤخرًا في مناطق مثل تل رفعت ومنغ استعدادًا لمهاجمة مدينة حلب". وأشار الحسن إلى "أن ما يحدث حاليًا هو نتيجة مباشرة لتداخل عوامل خارجية، مؤكدًا أن التصعيد الحالي مخطط له منذ فترة، ويأتي في سياق تناغم بين أجندات إقليمية، أبرزها الدور التركي". وأوضح أن الدعم التركي للمجموعات المسلحة في الشمال السوري قد أخذ منحى جديدًا، حيث قدمت تركيا دعمًا مباشرًا لعمليات عسكرية منظمة ضد الجيش السوري في حلب وإدلب. ويعتبر الحسن أن "ما يحدث هو جزء من استراتيجية تركية تهدف إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، في إطار حسابات الأمن القومي التركي، التي تربطها أنقرة بالتحركات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)". من جانبه، يرى الدكتور بكير أتاجان مدير مركز إسطنبول للفكر، أن التحركات العسكرية قد تكون جزءًا من محاولات تركية لإجبار دمشق على الدخول في تسوية سياسية. وقال: "تركيا لن تخاطر بأمنها القومي وتنسحب من الشمال السوري ما لم يتم تأمين حدودها". ومن وجهة نظر مصطفى البكور القيادي في "جيش العزة" أحد مكونات المعارضة السورية المسلحة، فإن الفصائل العسكرية المشاركة في العملية تقوم بملاحقة "المليشيات الإيرانية وإبعادها عن المناطق التي يمكنها منها استهداف المدنيين، خاصة أنها وقوات النظام ما تزال تشكل خطرا على حياة المدنيين ومن واجب الثوار إنهاء هذا الخطر". وبشأن إمكانية سيطرة فصائل المعارضة على مدينة حلب، أكد البكور -في حديث للجزيرة نت- أن أي سيناريو لأي معركة تتحكم به طبيعتها والعدو والإمكانيات، مشيرا إلى صعوبة تقرير شكل السيناريو المتوقع لمسار العمليات العسكرية. رأى البكور أن أنقرة قد تسعى إلى الاستفادة من الضغط الذي تشكله عملية "ردع العدوان" على النظام السوري، معتبرا أن الأمر طبيعي في العلاقات الدولية. ويرى الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان أن تركيا تنطلق في دعم هذه العملية من الاتفاقيات المبرمة مع روسيا عام 2019 "التي لم تلتزم بها موسكو وقوات النظام السوري". وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن مشاركة روسيا "حليفة النظام" محدودة حتى اللحظة، ويعتقد أنها تغض الطرف عما يحدث حتى اللحظة من تطورات عسكرية، وقد تتوسع مشاركتها لاحقا لضرب بعض الأهداف. ويصف علوان سيناريو سيطرة فصائل المعارضة على مدينة حلب بـ"القوي والقائم"، مستدركا أن لا مؤشرات على أن هدف المعركة هو السيطرة على حلب "بمقدار ما هو تأمين المحيط المباشر بمناطق المعارضة السورية". ويقول الصحفي المختص بالإعلام الجهادي من فريق بي بي سي مونيترينغ جاكوب بوزوول، "إنّ العملية الأخيرة "هي أكبر عملية وأكثرها تعقيداً في السنوات القليلة الماضية، ويمكن مقارنتها بالعملية التي قامت بها فصائل المعارضة المسلحة عام 2015 عندما استولت على إدلب". وعن أسباب توقيت الهجوم، يقول بوزوول، "إن أسبابه قد تكون متعددة. ويشرح قائلاً: "يمكن النظر إلى العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وتركيا التي كانت تتحسن خلال الأشهر الأخيرة، قد يكون هناك نوع من اتفاق بين البلدين بأن تسمح تركيا للحكومة السورية باستعادة السيطرة على مناطق المعارضة المسلحة شمال سوريا". ويشير إلى أنه "يمكن أن تكون هيئة تحرير الشام قد استنتجت ذلك، وتريد استباق حصول الهجوم عليها عبر القيام بهجوم استباقي". ويعتقد الصحفي المختص بأنه كان هناك الكثير من الإشارات التي تدل على أن الرئيس السوري بشار الأسد كان يحضر للقيام بذلك الهجوم، "إذ كانت الحكومة تحشد قواتها نحو المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، وكان هناك ارتفاع في وتيرة القصف والمسيرات الانتحارية في هذه المناطق". وهناك سبب ثانٍ، يقول بوزوول، إنه يمكن أيضاً النظر في أن "القوى الكبرى الداعمة للرئيس السوري في الحرب وهي كل من روسيا وإيران، منشغلة في مشاكل أخرى، هي الحرب الأوكرانية والوضع في لبنان، وحزب الله اللبناني غير قادر على مساندة الأسد في حربه الحالية كما فعل سابقاً". ويضيف: "يمكن أن تكون هيئة تحرير الشام قد شعرت بنوع من الضعف لدى القوات الحكومية ووجدت في ذلك فرصة لأن تضرب القوات السورية في وقت هي ليست على أولويات روسيا وإيران". ويضيف سبباً آخر انطلاقاً من متابعته للسياسة الداخلية لهيئة تحرير الشام، وهو أنه "خلال الأشهر الأخيرة، كان هناك استياء واسع النطاق تجاه أبو محمد الجولاني"، قائد الهيئة، لـ"تخليه عن الثورة على حد تعبير أتباعه، ولأنه ليس قاسٍ بما يكفي على النظام السوري، أي لا يهاجمه بشكل كافي".
مشاركة :