حذرت كريستين لاجارد المديرة العامة لصندوق النقد أمس من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يشكل "خطرا كبيرا" على الاقتصاد العالمي، معتبرة أن احتمال الانسحاب البريطاني بعد استفتاء حزيران (يونيو) المقبل يشكل "خطرا كبيرا"، رافضة في الوقت ذاته أن يكون هذا الأمر شأنا بريطانيا داخليا، مؤكدة أنه شأن دولي. وبحسب "الفرنسية"، فقد ذكر تقرير للصندوق نشر بمناسبة زيارة لاجارد إلى لندن أن الربح الفائت الذي قد يلحق بإجمالي الناتج الداخلي البريطاني يقدر بنحو 1.5 في حال التخلي عن الانسحاب من التكتل الأوروبي، مشيرا إلى أن الكساد التقني في المملكة المتحدة هو إحدى فرضيات السيناريو في حال التصويت بالمغادرة، وفي المقابل، إذا قرر البريطانيون البقاء، فإن النمو البريطاني قد يرتفع من أقل من 2 في المائة هذا العام إلى 2.2 أو 2.3 في المائة على الأمد المتوسط. وأشارت لاجارد إلى أن التصويت لمصلحة المغادرة قد يثير رد فعل عكسي في السوق على المدى القصير، ما يهدد بدوره الأسعار على المدى الطويل، ومع رفض أي اتهام بالتدخل في الشؤون الداخلية البريطانية، شددت مديرة صندوق النقد على أن مختصي المؤسسة المالية الدولية "أتموا عملهم" وحللوا بالتفصيل العواقب المتوقعة للخروج من الاتحاد الأوروبي، وقالت معلقة "لم نجد أي نقطة إيجابية". وتشكل زيارة لاجارد إلى لندن لعرض هذه الخلاصات مبادرة دعم كبيرة لأنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون ووزير ماليته جورج أوزبورن، فيما ما زالت الاستطلاعات تتنبأ بنتائج متقاربة جدا في الاستفتاء. ومن جهته، اعتبر جورج أوسبورن وزير الخزانة البريطاني أن تحليل صندوق النقد الدولي يضع حدا للمغالطة التي روجها هؤلاء الذين يقولون إن بريطانيا سيتوافر لديها مزيد من المال من أجل الإنفاق على الخدمات العامة إذا لم ندفع في ميزانية الاتحاد الأوروبي. إلى ذلك، وصف يان - كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية الخروج البريطاني المحتمل بـ "الكارثة"، معربا عن أمله في أن يصوت البريطانيون في الاستفتاء المقرر إجراؤه في حزيران (يونيو) المقبل لمصلحة البقاء في التكتل. وقال يونكر: "أرى أننا بحاجة إلى البراجماتية البريطانية في أوروبا"، وإلا سيكون هناك "مشاكل شتى"، وفي الوقت ذاته أعرب يونكر عن تخوفه من أن يخرج أعضاء آخرون من الاتحاد الأوروبي حال تصويت البريطانيين لمصلحة خروج بلادهم منه. وفي سياق ذى صلة، انخفض الجنيه الاسترليني أمس متجها صوب أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع أمام الدولار ليهبط للأسبوع الثاني على التوالي بعدما حذر مارك كارني محافظ بنك إنجلترا المركزي من الركود إذا صوت البريطانيون لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقبل. وأشار كارني إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يشكل خطرا على توقعات النمو والتضخم بالبلاد، وزاد بنك إنجلترا من تحذيراته من المخاطر الاقتصادية التي تترتب على خروج بريطانيا من الاتحاد في تقريره الفصلي عن التضخم قائلا إن من المحتمل أن ينخفض الاسترليني ويرتفع معدل البطالة، موضحا أن بلاده قد تشهد "ركودا فنيا" إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي لكن ذلك ليس بالسيناريو الأساسي. وأشارت وسائل الإعلام البريطانية إلى أن هذا يعتبر أشد تحذير حتى الآن من جانب البنك المركزي تجاه مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وينتقد المنادون بخروج بريطانيا من التكتل هذه التصريحات ويصفونها بأنها محاولة تخويف، مشيرين إلى أن رئيس البنك المركزي يجب أن يحافظ على حياده. وكانت دراسة أجراها مركز بحثي مرموق أظهرت أن الخروج البريطاني المحتمل ستعقبه عشر سنوات من الضبابية التي قد تكلف شركات الخدمات المالية نحو 17 مليار جنيه استرليني (25 مليار دولار) وتجعل المحامين أثرياء. ولم يبد محللو مركز "جيه. دبليو. جي" للأبحاث رأيهم بشأن خروج أو بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لكنهم أكدوا أنه إذا صوت البريطانيون لمصلحة المغادرة فسينتهي المطاف بالشركات المالية إلى السعي للحفاظ على أعمالها المعتادة مع إجراء تغييرات جوهرية. وأشارت الدراسة إلى أن التكلفة الإضافية لخروج بريطانيا من التكتل الذي يضم حاليا 28 دولة ستكون على الميزانيات الضخمة بالفعل والمخصصة للتغييرات التنظيمية وتقدر بنحو 17 مليار جنيه استرليني حتى عام 2026 مع عدم الأخذ في الاعتبار غرامات المخالفة. وترى الدراسة أن التغيير قد يأتي على ثلاث مراحل وهي إعادة صياغة الجهات التنظيمية البريطانية للقواعد، وتعديل قواعد الاتحاد الأوروبي، ثم مراجعة القواعد العالمية اعتبارا من عام 2022، ومن المتوقع أن تتحرك بعض الشركات بسرعة لتحديد النهج الذي ستتبعه وكسب ميزة تنافسية، ورأى التقرير أن الشركات عموما ستتحرك ببطء وسيكون المستشارون والمحامون ومقدمو التكنولوجيا هم الرابحين في النهاية خلال العقد المقبل.
مشاركة :