أكد المفوض بالإفتاء بمنطقة حائل الدكتور أحمد الرضيمان، أن الفتوى للحفاظ على الضروريات الخمس "حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال" أمرت به الشريعة للحفاظ على تلك الضروريات. وأكد في محاضرة له في مسجد الأمير سارة بمحافظة بقعاء، أن حفظ الدين جاءت به الشريعة والقرآن مليء بالآيات التي تقرر حفظ الدين . وأشار إلى أن القرآن الكريم كله في التوحيد، إما بالخبر عن الله سبحانه وتعالى وأفعاله وصفاته، وإما عن أوامره ونواهيه أو بيان لمن أطاعه، وهذا جزاء الموحدين أو بيان لمن عصاه، وهذا جزاء وعقوبة مخالفة التوحيد. وأبان "الرضيمان" أن قول الله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" ما هو إلا الأمر بالعبادة، مضيفاً: "فالله سبحانه لم يخلقنا لا يتكثر بنا من قلة ولا يتعزز بنا من ذلة، بل ليس بحاجة لأحد سبحانه". وأكد أن الشرك من أعظم الذنوب والخطيئات، وفي تفسير قوله تعالى: "وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ"، أشار "الرضيمان" أن الله أبطل عبادة من سواه في هذه الآية من أربعة وجوه. وأوضح أن "أولها أنهم لا يقدرون أن يخلقوا القطمير القشرة الرقيقة البيضاء التي بين التمرة والنواة، وثانيها أنهم لا يسمعون الدعاء الذي يدعيه المشرك بهؤلاء الأموات، وثالثها أنه في حالة سماعهم لهم لن يستجيبوا لطلبهم، ورابعها أنهم سيتبرؤون منهم يوم القيامة". وأشار إلى أن المشركين في عهد الرسول يقرون بتوحيد الربوبية لكنهم اتخذوا وسائط بينهم وبينه لتقريبهم من الله. وأكد "الرضيمان" أن الفتوى ليست محلاً للوجاهة ولا محلاً للفت الأنظار ولا محلاً للتصدر، وأنها دين ومسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى. وقال إنه "لا يجوز التقول على الله ويفتي بالحلال والحرام من غير دليل، واستدل بعظم التقول على الله بقوله تعالي: "ولو تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ"، وقوله تعالى:" وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذا حَلالٌ وهَذا حَرامٌ". وأكد أنه يجب على الجميع أن لا يفتوا بغير علم، وأشار إلى اهتمام الدولة بقطاع الإفتاء وجعلت رئاسة مستقلة فيها كبار العلماء من أجل أن تكون الفتوى عند جهات متخصصة حتى لا يكون الكلام في الشريعة مباحًا للكل. وأكد أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتدافعون الفتوى، واستدل "الرضيمان" بما قاله عبدالرحمن بن أبي ليلى عندما قال: "أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يُسأل أحدهم عن المسألة، ما منهم رجل إلا ودَّ أن أخاه كفاه". وأكد على طلاب العلم، إحالة الفتوى للمختصين عبر فروع الإفتاء في المناطق، ولا سيما من يفتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأمور العامة وبعض القضايا الكبرى وهو لا يعرف أبعاد ما يقول من الشر والفتن وقد يحدث شرًا لنفسه وفتنة لغيره . وأشار إلى أنه من علامة عقل الإنسان ودينه وأمانته وخوفه من الله وإيمانه أن لا يستعجل بالفتوى بل يرد الفتوى إلى أهلها. وأكد أن "تقنين المفتين وتخصيصهم عبر فروع الإفتاء لضمان صلاح الفتوى فكم من فتوى دمرت أسراً وشعوباً بسبب فتاوى ضالة مضلة، والتي منها الخروج على الحكام أو تزج بالشباب في أماكن الصراع". وأشار "الرضيمان" إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بعدم الخروج على ولاة المسلمين حتى وإن جاروا وظلموا فما بالك إذا كانوا أهل عدل. وفي محاضرة له في محافظة سميراء، أكد "الرضيان" أن الله رحيم بعباده يغفر لهم ذنوبهم مهما كثرت، وذلك وفق حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام: "يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً" وشدد على النهي عن الرياء في العبادات والعمل لغير وجه الله لا قيمة له، بل قيمته سلبيته، وأن لا تصرف العبادة لغير الله. واستدل بقوله تعالى: "وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، وذلك بعد ثناء الله سبحانه على 18 نبياً في سياق واحد في سورة الأنعام، وفي ذلك دلالة على أنه لا مجاملة في التوحيد حتى مع الأنبياء . وأشار إلى أن الإنسان بالإيمان بعد أن يقر في القلب، يزداد الإنسان ثقة بالله.
مشاركة :