تُعتبر هيئة المكتبات واحدة من أهم الهيئات التي أنشأتها وزارة الثقافة، ومنذ تأسيسها عام 2020 وهي تعمل لتحقيق أهدافها التي من أهمها تعزيز المشاركة المجتمعية بتحسين إتاحة الوصول إلى خدمات المكتبات ورفع مستوى الوعي المعلوماتي وتعزيز العادات القرائية وتنشيط المكتبات كمراكز للتعليم والثقافة والتنمية المجتمعية، وهذا دور بالغ الأهمية لأي مجتمع وفي أي زمن، فالمكتبات تظل الرافد التأريخي التقليدي للمعرفة مهما تعددت وتطورت أوعية المعلومات، إذ ما زلنا نرى المكتبات العامة كأحد أهم وأبرز ملامح المدن في كل دول العالم. خلال هذه الفترة (28 نوفمبر إلى 7 ديسمبر) تنظم هيئة المكتبات فعالية في غاية الأهمية تتمثل في (معرض المخطوطات السعودي) في مدينة الرياض، وغنيٌّ عن القول أن المخطوطات هي حافظة التأريخ وأحداثه وحراكه وملامحه ووقائعه وكل ما تم فيه من منجزات إنسانية في شتى المجالات، وهي الشاهد على التطور الإنساني خلال مراحل التأريخ وتوثيق أحداثها؛ ولذلك أولت المملكة اهتماماً كبيراً بجمع وتحقيق وترميم وحفظ المخطوطات، كما وضعت نظاماً متكاملاً لحماية التراث المخطوط، ونتيجة هذا الاهتمام الكبير أصبحت المؤسسات المعنية في المملكة تضم أكثر من 27% من حجم المخطوطات في العالم العربي. سيقدم معرض المخطوطات تجربة فريدة وغير مسبوقة بعرض التراث الثقافي والحضاري المخطوط والمحفوظ من جميع أنحاء العالم على مدى 1,200 عام، واستضافة مخطوطات نادرة محلياً ودولياً، ولكي تكون التجربة متكاملة سيعقد بالإضافة للمعرض عدد من الندوات وورش العمل يشارك فيها خبراء ومتخصصون محليون ودوليون يقدمون خلالها خبرتهم في مجال المخطوطات. إن هذا المعرض بقدر ما يبرز دور المملكة في الاهتمام بحفظ التراث الثقافي محلياً ودولياً فإنه يهدف أيضاً إلى تسليط الضوء على الخبرات المحلية في عالم المخطوطات وترميمها، وتعزيز الوعي المعلوماتي حول قيمة المخطوطات وتأريخها الثقافي. إن الزائر للمعرض سيعيش تجربة مثيرة غير مسبوقة بمشاهدته لمجموعة كبيرة من المخطوطات لن يشاهدها في غيره من المعارض بهذا التنوع، وعلى سبيل المثال سيشاهد مخطوطات فريدة لا يوجد لها سوى نسخة أولى أو ثانية، وفي قسم النوادر سيشاهد مخطوطات نادرة ومميزة محلياً وعالمياً، لها نسخ أخرى في العام لكن النسخ السعودية من أجود وأندر النسخ. وفي قسم المخطوطات المصنفة يوجد عدد كبير من نوادر المخطوطات على مدى 14 قرناً في شتى المعارف والعلوم الإنسانية، من التأريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق وعلم الكلام، وكذلك العلوم التجريبية كالرياضيات والهندسة والفلك، بالإضافة إلى علوم القرآن الكريم، وعلوم الحديث الشريف والفقه واللغة العربية. إن ما يجعل المملكة قادرة على تنظيم هذا المعرض الفريد الزاخر بكل أنواع المخطوطات الفريدة هو اهتمامها الكبير بهذا المجال منذ وقت طويل واستقطاب وتأهيل الكوادر المتخصصة للتعامل معه والعناية به، انطلاقاً من وعيها بأهميته القصوى، وهي بذلك تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي للبشرية.
مشاركة :