«مناهج الدراسات الاجتماعية» حجر زاوية في بناء الهوية الوطنية

  • 5/15/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تحرص الدولة على تعزيز قيم الولاء والانتماء في نفوس أبنائها منذ الصغر، التي تعد مسؤولية الجميع بدءاً من المدرسة والأسرة حتى المؤسسات المجتمعية، ولا تألو الدولة جهداً في التطوير وإشراك الجميع من ناشئة وشباب في الاحتفالات بالمناسبات الوطنية، التي تؤسس للانتماء الوطني وتعزز التلاحم بين أفراد المجتمع، مثل اليوم الوطني ويوم العلم، ويوم الشهيد، إلى جانب توحيد مناهج التربية الوطنية في المدارس. كما يحتاج الجيل الجديد إلى الدعم والتوجيه الدائمين من الأسرة والمدرسة والمؤسسات المجتمعية لترسيخ قيمة الوطن في النفوس، فالمدرسة تلعب دوراً حيوياً في عملية التنشئة الوطنية خاصة أنها تمثل الركيزة الأولى المباشرة للطالب خارج نطاق الأسرة من زوايا عدة، فهي تتولى غرس القيم والاتجاهات الوطنية التي ننشدها بصورة واضحة من خلال المناهج والكتب الدراسية والأنشطة المختلفة التي ينخرط فيها الطالب بشكل منظم ومدروس. كما يقع على عاتق الأسرة دور كبير في تنمية حب الوطن في قلوب الأبناء من خلال بيان حقوق الوطن على الأبناء، ودورهم تجاه وطنهم للحفاظ على أمنه الفكري والأمني. الخليج تبحث مع عدد من التربويين والمهتمين والأسرة، أموراً تتعلق بهذا الجانب، حيث أكدوا أهمية تعزيز الهوية وغرس الانتماء في نفوس الأبناء من خلال الاهتمام بتطوير مناهج الدراسات الاجتماعية، وإعداد وتأهيل المعلم المواطن ليكون قدوة حسنة لطلابه، ودور الأسرة في نشر المحبة والألفة بين أفرادها، ونبذ العنف، خاصة وأن لغة المحبة والتسامح من اللغات التي يحتاج إليها مجتمعنا كباراً وصغاراً. يقول الدكتور مغير خميس الخييلي رئيس هيئة الصحة المكلف مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم سابقاً، إن القيم التي نرسخها في الأطفال والناشئة منذ الصغر، هي تحصين لهم من المهددات التي تستهدف زعزعة استقرار الوطن، مشيراً إلى أن المعلمين يرون أن الطلاب يجب أن يكونوا أول من يشعر بالوطن، لأنهم جيل المستقبل وعلينا كمسؤولين وتربويين إيصال رسالة واضحة لهذا الجيل عن قيمة الوطن. ويضيف: أنه تبرز اليوم أهمية الولاء والانتماء، التي ينبغي أن تغرسه المدارس والمجتمع في نفوس الناشئة وإكساب المناعة لكل فرد من خلال تربيته تربية وطنية تركز على تزويده بالمعارف، والقيم، والمبادئ والمهارات التي يستطيع بها التفاعل مع العالم المعاصر دون أن يؤثر ذلك في شخصيته الوطنية. وأشار إلى أن مرحلة الطفولة تعد من أهم المراحل لغرس المفاهيم والمعارف والقيم، فالطفل منذ مراحل نموه الأولى يجب أن يتعلم أنه يعيش في مجتمع، وأنه عنصر فيه، ويجب أن يكون صالحاً وقادراً على تحمل المسؤولية والمشاركة في نموه وتقدمه ورقيه بالجد والعمل والكفاح، ويجب أن ينشأ الطفل منذ مراحل عمره على الولاء والانتماء وحب الوطن، مؤكداً أن حب الوطن هو جزء لا يتجزأ من التربية الصالحة الموجهة له، حيث إن من أهم غايات التربية مساعدة النشء على تنمية مشاعر الانتماء للمجتمع والوطن. أشكال متعددة ويشير محمد سالم الظاهري المدير التنفيذي لقطاع العمليات المدرسية في مجلس أبوظبي للتعليم، إلى أن هناك مؤسسات عدة تعمل على تشكيل وتنمية الوطنية والمواطنة عند الفرد كالأسرة، والمسجد، والمدرسة، ووسائل الإعلام، إلا أن الأسرة والمدرسة تعدان أهم المؤسسات في إعداد الطلاب، وتربيتهم على الوطنية، فالأسرة تؤسس والمدرسة تبني على الأساس. ويؤكد أن برامج تربية الطلاب على حب الوطن وتعزيز الولاء والانتماء في نفوسهم تأخذ أشكالاً متعددة وصوراً شتى لتصل إلى أهدافها، فمنها ما يصبح كبرامج ومناهج دراسية تغطي المراحل التعليمية كافة، وتتطور بتطور النضوج العقلي للنشء لتصل إلى عمق الطلاب وترضي فضولهم وتداعب خيالهم، وتصاحب تطلعاتهم ومنها ما يكون كبرامج توعية وإرشاد ومنها ما يكون قدوة ومثلاً ونموذجاً، لذلك يحرص المجلس على تعيين المعلم المواطن، وتأهيله حتى يكون قدوة حسنة لطلابه. برنامج هويتي ويقول المهندس حمد علي الظاهري المدير التنفيذي لقطاع المدارس الخاصة وضمان الجودة في المجلس، إن الخطة الاستراتيجية في المدارس الخاصة لإمارة أبوظبي (2013-2017) أكدت ضمن مبادراتها تشجيع التوظيف للمعلمين المواطنين في المدارس الخاصة، ودعم المدارس ذات الكثافة الطلابية العالية من فئة المواطنين عن طريق تقديم دورات تدريبية للمواد الإلزامية الثلاث، والحرص على تدريس مادة التربية الوطنية من قبل المدرسين والمدرسات المواطنين، وتصميم وإطلاق برنامج هويتي، وتوفير برامج تدريب في المدارس الخاصة للطلبة المواطنين الذين يستعدون لنيل درجة البكالوريوس في التربية، إضافة إلى إطلاق مبادرات ومشاريع تعمل على تعزيز الهوية الوطنية، التي منها تنظيم الاحتفال باليوم الوطني ومشاركة جميع المدارس الخاصة فيه، والمشاركة أيضاً في حملة أبوظبي تقرأ، الذي يخصص جزء كبير منها للأعمال التراثية والوطنية والتاريخية. ويفيد الظاهري إلى أن المجلس ينفذ حالياً برنامج هويتي في أكثر من 300 مدرسة حكومية وخاصة في الإمارة، بهدف ترسيخ الهوية الوطنية والقيم الأخلاقية الأساسية من خلال أسلوب متدرج يلبي احتياجات المدارس، لتسهم في بناء المجتمع الإماراتي المتلاحم المتمسك بهويته، مشيراً إلى أن هذه المرحلة تمهد لتعميم البرنامج على كل مدارس الإمارة. ويشير إلى أنه يتم التشديد على المدارس الخاصة باستمرار الالتزام بتعزيز الهوية الوطنية، وأهمها تحية العلم والسلام الوطني والاحتفال باليوم الوطني وتنظيم المسابقات والأنشطة الوطنية والمشاركة في المسيرات والفعاليات على مستوى الإمارة والافتخار بعلم الدولة ونشيدها الوطني وموروثها ومنجزاتها والزي الوطني وإتقان اللغة العربية والاعتزاز بالقيم والتعرف إلى تاريخ وحضارة الدولة متاحف، أماكن أثرية، والأندية التراثية عن طريق الرحلات المدرسية، والمشاركة في برنامج صيفنا المميز وصيف التحدي. مقررات دراسية وتؤكد عائشة خميس الشامسي مديرة مدرسة عائشة بنت أبي بكر في أبوظبي، أن للمقررات الدراسية أهمية في تعزيز الانتماء لدى الطالب، كونها وسيلة من وسائل التربية من أجل المواطنة وتعزيز روح الوطنية، مشيرة إلى أن المناهج الدراسية، ولما فيها من مفهوم واسع يتجاوز الأفكار المعرفية وحدودها الدراسية الضيقة إلى مكونات المواطنة الأساسية قد تكون أساساً في تكوين الاتجاهات والقيم ومجالات المعرفة والمهارات المجتمعية والوجدانية، لذلك من الضروري تمكين الربط بين المضمون النظري في المقررات الدراسية وتطبيقاتها العملية، لكونها أساساً في تنمية المواطنة من خلال الممارسة. دور المعلم: أما بخصوص دور المعلم في تنمية قيم المواطنة، يقول عمر عبد العزيز مدير مدرسة خليفة بن زايد في أبوظبي إنه يتجسد عن طريق القدوة الحسنة أمام الطلاب وقيامه بدور المربي الفاضل الذي تتجسد فيه شخصية تلك القيم فهو أبعد ما يكون عن الديكتاتورية، بل يكون صاحب علاقة ودية مع طلابه، ويحترم ذواتهم ويعطف عليهم ويتلمس مشكلاتهم ويحترم آراءهم ويتقبلها حتى يستطيع أن يسهم في تنمية الانتماء في نفوسهم نحو المدرسة، الذي بدوره يشكل أساس الانتماء الوطني، كما يقتضي ذلك تطوير قدراته ومعارفه، خاصة في مجال طرق التدريس الحديثة. تعزيز الحس الوطني وترى خاتون جاسم الاختصاصية بمدرسة مبارك بن محمد في أبوظبي، أنه يجب على المعلمين أن يستشعرون بأن طلابهم أول من يشعر بالوطن، لأنهم جيل المستقبل، ومن سيحملون مسؤولية الوطن الفترة المقبلة، وعلينا توصيل رسالة واضحة لهذا الجيل عن قيمة الولاء والانتماء للوطن، وعليهم ضرب الأمثلة لطلابهم في التضحيات التي يقدمها أبناء القوات المسلحة، تعزيزاً لروح الحس الوطني لديهم. غرس مفاهيم القيم وأكد حمد سالم المزروعي مدير مدرسة المستقبل، أن مرحلة الطفولة تعد من أهم المراحل لغرس المفاهيم والمعارف والقيم، وخاصة المتعلقة بالوطن من وطنية ومواطنة، وذلك لأن ترسيخها في مرحلة الطفولة، وتنشئة الطفل عليها يجعلها عنصراً مكوناً في بناء شخصيته والطفل منذ مراحل نموه الأولى يجب أن يتعلم أنه يعيش في مجتمع، وأنه عنصر فيه، ويجب أن يكون صالحاً وقادراً على تحمل المسؤولية والمشاركة في نموه وتقدمه ورقيه بالجد والعمل والكفاح، ويجب أن ينشأ الطفل منذ مراحل عمره على الولاء والانتماء وحب الوطن. إكساب المناعة وقال حسن بن زايد الشامسي وكيل مدرسة ثانوية صير بني ياس: تبرز اليوم أهمية الوطنية والمواطنة، من أجل الحفاظ على الهوية الخاصة بكل مجتمع في ظل ما يتهددها من أخطار العولمة، ومؤسساتها، وهذا لا يعني أن الحل يكمن في الانكفاء على الذات، والابتعاد عن العالم الذي أصبح قرية صغيرة، إنما يعني إكساب المناعة لكل فرد من خلال تربيته تربية وطنية تركز على تزويده بالمعارف، والقيم، والمبادئ والمهارات التي يستطيع بها التفاعل مع العالم المعاصر دون أن يؤثر ذلك في شخصيته الوطنية. دعم وتوجيه قالت الدكتورة نجلاء الرواي مديرة إدارة التعلم الإلكتروني بالمجلس، إن الجيل الجديد يحتاج دائماً إلى الدعم والتوجيه الدائمين وترسيخ قيمة الوطن في النفوس، وفي إطار تعزيز الولاء والانتماء الوطني في نفوس الناشئة، مشددة على مفهوم الوطنية، حيث قالت إن الولاء والانتماء الوطني من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المواطن لأنها صفات حثنا عليها ديننا الحنيف، مشيرة إلى أن دور أولياء الأمور لا يقل أهمية عن دور المدرسة في تعزيز قيم الدولة والانتماء والولاء لقرارات القادة، التي في الأغلب يقتدي بها الأبناء، حين يستشعرون قيمتها العالية لدى الآباء. وأضافت أنه في ظل تأثيرات الوسائط التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي المتعددة التي باتت الصديق الأول لأبناء هذا الجيل، لابد من إيجاد وسائل وأساليب مقنعة وبرامج مؤثرة تخاطب عقولهم ووجدانهم، وتنهض بوعيهم وتعزز الحس الوطني والروح القومية لديهم. مناهج تربوية الدكتورة نجوى الحوسني مديرة إدارة المناهج في مجلس أبوظبي للتعليم، تشير إلى أن المدرسة مؤسسة اجتماعية تمثل أداة المجتمع في تحقيق أهداف المنهج المدرسي التربوية التي تضمنها فلسفة التربية بأبعادها التربوية والنفسية والاجتماعية، وتعمل المدرسة على تنمية شخصية الطالب الإدراكية والانفعالية والوجدانية والجسمية، وكذا غرس قيم ومعتقدات المجتمع في نفوس الطلاب، وتكوين اتجاهات إيجابية تجاهها، مشيرة إلى أنه ينبغي على المدرسة تحقيق تلك المهام التربوية عن طريق خلق بيئة تعليمية وتعلميّة، وذلك وفق نظريات التعليم والتعلم. إضافة إلى ذلك فإنه يتحدد دور المدرسة أيضاً في تنمية قيم الولاء والانتماء من خلال وجود إدارة تربوية تعي مفهوم التربية الحديثة، وتمارس أسلوباً ديمقراطياً في قيادة المدرسة، وتعمل على خلق بيئة تعليمية فاعلة من خلال نسج علاقات تواصل إنسانية وتربوية مع المعلمين والمتعلمين على حد سواء.

مشاركة :