يُشكّل قرار تنحي مستشار النمسا فرنر فاينمان عن منصبه تحذيراً آخر من انتشار الاستقطاب السياسي في أوروبا، والكلفة المرتفعة التي يدفعها التيار السائد جراء ذلك. وكان فاينمان قد تعثر بسبب الضغوط الناتجة عن الخلافات داخل حزبه وتداعيات أزمة اللاجئين، التي قلبت افتراضات السياسة التقليدية في جميع أنحاء القارة. ففي النمسا، كما في الدول الأوروبية، يبدو تيار الوسط خاسرا لصالح الراديكاليين. وقد استقال فاينمان بعد أسبوعين من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، التي حصد فيها حزب الحرية من اليمين المتطرف نتائج غير متوقعة بنسبة 36.5% من الأصوات. وكانت دول أوروبية قد فرضت عقوبات على النمسا عندما انضم رئيس حزب الحرية اليميني المتطرف يورغ هايدر إلى التحالف الحاكم في أوائل القرن الجاري، وعودة هذا الحزب الآن تشكل تطوراً مثيراً للقلق ليس للنمسا فحسب، بل للقارة بأسرها. فعلى النقيض من عام 2000، عندما كانت الأحزاب الشعبوية على الهامش، يعزز صعود هذا الحزب وضع المتطرفين ويتعين على البلاد تفادي إيجاد شعور بوجود فراغ في السلطة يصب في صالح حزب الحرية في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
مشاركة :