تحتاج المرأة الحامل إلى العناية بتغذيتها، ليس فقط من أجل صحتها، وإنما من أجل الجنين الذي ينمو جسده بناءً على الغذاء الذي يصله من الأم، التي يقع على كاهلها مسؤولية انتقاء الطعام الصحي الغني بالعناصر الغذائية للحفاظ على سلامة الجنين. تشعر المرأة الحامل أحياناً برغبة قوية في تناول أطعمة بعينها قد يبدو بعضها غريباً، فإن كان ما تشتهيه الأم من طعام لا يندرج تحت قائمة الأطعمة الصحية، فإن عليها قدر الإمكان استبداله بنوع صحي قريب منه في المذاق، حتى يشبع تلك الرغبة، فعلى سبيل المثال إن انتابت المرأة الحامل رغبة ملحة في تناول آيس كريم الفراولة، يمكنها تحضير مزيج من الفراولة مع الحليب لعمل مخفوق ثم يجمد ليصبح كالآيس كريم، وبذلك تكون قد أشبعت رغبتها، ولكن بطريقة صحية، فقد وجدت دراسة أن تناول الأطعمة السريعة، وهي في الغالب غير صحية، خلال فترة الحمل يجعل من الطفل لاحقاً شخصاً شرهاً لتناول الدهون والسكريات العالية؛ ومن ناحية أخرى توصل بحث إلى أن الجنين الذي يفتقر غذاؤه داخل الرحم إلى العناصر الغذائية المهمة يتعرض لتغيرات فسيولوجية وأيضية دائمة، تجعله عرضة للأمراض لاحقاً، وهنالك اعتقاد بأن ما تشتهيه المرأة من طعام خلال فترة الحمل، يكون بسبب التغيرات الهرمونية، أو لأن جسمها بحاجة إلى عنصر غذائي معين كالبوتاسيوم أو فيتامين A أو البكتين أو غير ذلك، وربما تكون الحامل في حاجة فقط إلى مذاق يجمع بين الحلاوة والحموضة، وتقول دراسة إن التغيرات بمعدلات الهرمونات أثناء الحمل تغير من حاستي الشم والتذوق، لذلك تنفر المرأة الحامل من رائحة معينة، وإن كانت تحبها في السابق، وتنتابها رغبة في مذاق معين، ربما يوجد ببعض المواد غير الأطعمة، وهي حالة تعرف بـبيكا، كأن تميل إلى تناول الطين أو غيره، أو تستاء من مذاق معين، وهي ترتبط كذلك بحالة الإعياء الصباحي والغثيان التي أكثر ما تكون خلال فترة الأشهر الأولى من الحمل. يزداد وزن المرأة خلال فترة الحمل، ليس بسبب وزن الجنين فقط، وإنما أيضاً بسبب اكتساب جسدها لبعض الكيلوجرامات، وهو أمر يجب الانتباه له، فعندما أجريت دراسة إسكندنافية عام 2002 على 600 امرأة حامل، وجد أن اكتساب الوزن بصورة زائدة على الحد يعرض المرأة الحامل إلى حالة تسمم الحمل، وهي حالة خطرة ناتجة عن ارتفاع ضغط الدم، وبالتالي مشاكل بعملية الولادة، ويعتبر الوزن المكتسب المناسب خلال فترة الحمل، بناءً على تقارير بعض الجهات الصحية المتخصصة، في المدى من 11- 15 كيلوغراماً للمرأة التي كانت تتمتع بوزن طبيعي، قبل حدوث الحمل، أمّا المرأة ذات الوزن الزائد من قبل حدوث الحمل، فيجب ألّا يتجاوز الوزن المكتسب لديها حدود 7-11 كيلوغراماً خلال فترة الحمل، ومن العوامل المؤدية إلى اكتساب الوزن المطرد هو إشباع الرغبات في الأطعمة عالية الدهون، والسعرات الحرارية كالآيس كريم وغيره، وهي أطعمة تعرض المرأة، إن كان لها القابلية، إلى سكري الحمل، ما يهدد صحتها وحياة جنينها، وإن أصيبت المرأة بتلك الحالة حينها يترتب عليها مراقبة نوع الطعام الذي تتناوله، وليس فقط كميته. تعتبر حالة الجفاف حالة غير مرغوب فيها، في جميع الأحوال، أمّا في حالة الحمل فإنها تصبح أكثر خطورة لذلك على المرأة الحامل، تجنب الجفاف قدر الإمكان، والتي أكثر ما تكون خلال فصل الصيف، وهو يحدث نتيجة فقد الجسم للسوائل أكثر من حصوله عليها، وتكمن أهمية الحفاظ على رطوبة الجسم خلال فترة الحمل، في أن الماء يساعد في تكون المشيمة والسائل الأمنيوسي المحيط بالجنين، كما أنه يسهم في نمو الجنين، وتزداد حالة الجفاف لدى المرأة الحامل التي تعاني الإعياء الصباحي الذي في الغالب، يكون مصحوباً بالقئ ما يفقدها الكثير من سوائل الجسم، لذلك عليها شرب 8-12 كوباً من الماء خلال اليوم، كما أن تناول الفواكه يساعد في ترطيب الجسم. العناصر الغذائية المهمة أثناء الحمل ومصادرها الكالسيوم: يحتاجه الجنين والأم معاً، فهو يحافظ على سلامة عظام وأسنان المرأة الحامل، ويمنع ارتفاع ضغط الدم أثناء فترة الحمل، أمّا الجنين فإنه يأخذ احتياجاته منه من الأم لتكوين عظامه وأسنانه، وعلى الأم تعويض ما فقدته من خلال النظام الغذائي أو المكملات الغذائية، إن أوصى الطبيب بذلك، ومن أهم مصادره الحليب ومنتجاته، والبرتقال وكثير من الأطعمة الأخرى. الكولين: مركب أساسي بأنسجة الجسم، وتأتي أهميته للجنين في أنه يقي مشاكل الحبل الشوكي والدماغ المعروفة بـعيوب الأنبوب العصبي، كما أنه يعزز نمو الدماغ، ويساعد الحامل في الحفاظ على بنية العظام، وربما يكون عاملاً مساعداً في منع ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، ومصادره هي البيض، والدجاج، والأسماك، والبروكولي، واللحم المفروم. حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA): أحد أنواع الحمض الدهني أوميجا 3، ربما يفيد الأم على المدى البعيد في الوقاية من أمراض القلب، ولكن يحتاجه الجنين لتعزيز نمو الدماغ، وحاسة البصر، ويوجد بالسلمون، والتونا، والبيض المدعم به. حمض الفوليك: أحد مركبات فيتامين B، ويقي الطفل مشاكل الحبل الشوكي الخلقية خلال الـ30 يوماً الأولى، كما يمنع الإجهاض والولادة المبكرة، ويقي الأم الإصابة بفقر الدم، ومن مصادره الطبيعية العدس، والسبانخ، وبعض أنواع الأرز المدعم به، وعصير البرتقال، والبروكولي. اليود: عنصر مهم لنمو الدماغ والجهاز العصبي، ويمنع تقزم الطفل (توقف نموه) والإعاقات العقلية والصمم، كما يمنع الإجهاض، ويفيد الأم في الوقاية من أمراض الغدة الدرقية، ويوجد ببعض أنواع الأسماك، والزبادي، والحليب، وبعض أنواع الفاصوليا. الحديد: يمنع الولادة المبكرة، ويقي الأم من فقر الدم. يوجد بالحبوب الكاملة، واللحوم الحمراء والدجاج، وبعض أنواع الأطعمة الأخرى. البوتاسيوم: يحافظ على معدلات ضغط الدم وعلى توازن السوائل بداخل الجسم، وهو مهم لانتظام ضربات القلب وللطاقة. يوجد ببعض الأطعمة كالفاصوليا البيضاء، والسبانخ، والعدس، وعصير البرتقال، والبروكولي، والزبيب، والبطاطا الحلوة، والزبادي. الريبوفلافين: أحد مركبات فيتامين B، أصفر اللون، وهو مهم في إنتاج الطاقة الأيضية، ويساعد الأم في الاستفادة من البروتين الموجود بالأطعمة التي تتناولها. يوجد بالحليب ومنتجاته، وبالمشروم. فيتامين B6: يساعد في إنتاج البروتين للخلايا الجديدة، وفي تكوين خلايا الدم الحمراء، ويعزز جهاز المناعة. يوجد باللحوم الحمراء وصدور الدجاج، والحمص، وبعض أنواع الأسماك. فيتامين B12: يساعد في إنتاج خلايا الدم الحمراء، ويعين الجسم في استهلاك الدهون والكربوهيدرات للحصول على الطاقة. يوجد باللحوم الحمراء، وبعض أنواع الأسماك، وبعض أنواع الحبوب. فيتامين C: يساعد الجسم في عملية امتصاص الحديد من الأطعمة النباتية، ويحافظ على العظام والأسنان، ويعزز المناعة، ويحافظ على الأوعية الدموية، وعلى خلايا الدم الحمراء. من مصادره الطبيعية الفلفل الأحمر الحلو، والبرتقال، والفراولة، والجريب فروت، والبروكولي. فيتامين D: يساعد جسم الجنين على امتصاص الكالسيوم لبناء العظام والأسنان. يوجد طبيعياً بالحليب، والبيض، وبعض الفواكه. الزنك: مهم لنمو دماغ الجنين، ويفيد الأم في نمو الخلايا وعملية إصلاحها، وفي إنتاج الطاقة. يوجد باللحوم الحمراء، والفاصوليا البيضاء، والزبادي، والحبوب الكاملة. تتعرض المرأة خلال فترة الحمل إلى بعض الحالات التي يسهم الغذاء الجيد في القضاء عليها، ومن تلك الحالات: الإمساك: على المرأة الحامل تجنب الإمساك بقدر الإمكان، ويمكن القضاء على تلك الحالة بتناول الكثير من الخضروات والفواكه وشرب الماء بكثرة. الإسهال: يساعد تناول بعض الألياف الغذائية كالبكتين والصمغ في امتصاص الماء الزائد بالأمعاء، ما يخفف حالة الإسهال، ومن الأطعمة التي تحتوي على تلك الألياف الموز، والشوفان، والأرز الأبيض. حرقة المعدة: على الحامل تناول وجبات بينية خفيفة وصحية خلال اليوم لتخفيف حالة حرقة المعدة، كما يفيدها شرب الحليب قبل تناول الطعام، ويجب عليها كذلك الابتعاد عن المشروبات والأطعمة التي تحتوي على الكافيين، والمشروبات الحمضية، والأطعمة ذات التوابل الحارة. الإعياء الصباحي: ابتداء اليوم بقطعة من البسكويت أو حبوب الإفطار، وتجنب الدهون.
مشاركة :