تناولت في المقال السابق مشكلة المتقاعدين والمخاوف التي تناثرت في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل اﻻعلام حول مكافأة نهاية الخدمة والإشاعات المتداولة بأنها في طور التبخر، وذكرت أن الأمر كان يحتاج لتصريحات صحفية من المسؤولين تجلي الحقيقة للمواطن الخائف على مستقبله ومستقبل أبنائه، وانتظرنا أي وزير يرد علينا بكلمة تهدئ الأوضاع، إلى أن جاءت الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء وكأنها الغيث المنتظر. فقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاة أن مكافأة نهاية الخدمة لن تُمَسَّ أو تُطالَ وأنّ ما يُثار حول إلغائها غير صحيح البتة، مؤكداً سموه أن الحكومة حريصة على العمل من أجل إطالة عمر الصناديق التقاعدية وديمومتها خدمة للموظفين والمتقاعدين حاضراً ومستقبلاً. وهذا التصريح الذي جاء بردا وسلاما على قلوب المتقاعدين الخائفين يأتي ضمن سياق حرص سمو رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه على مصلحة المواطن ووضعه على قائمة أولويات أعمال الحكومة، ولطالما دعا سموه المسؤولين لفتح أبواب مكاتبهم للمواطنين وفتح قلوبهم قبل مكاتبهم، لكن الصمت يبقى ملازما لهم حتى في الأوقات الحرجة والتي يكون المواطن في أمس الحاجة لتأكيد أو نفي المعلومة او الخبر. وعلى الرغم من حل المعضلة بتصريح سمو رئيس الوزراء في الجلسة الأسبوعية، إلا أنه ما زالت فكرة التعامل مع الصحافة بشفافية، غير واردة ضمن أجندة بعض الوزراء، وأعتقد أن نصفهم على أقل تقدير قد تعرض لسؤال من صحفي خلال الأسبوع الماضي بشأن إشاعات المزايا التقاعدية، وطبعا كان التملص والسكوت هو الرد الطبيعي، وكأن المثل القائل السكوت علامة الرضا ينطبق على المسؤولين ولكن بنص آخر وهو السكوت علامة الخوف من تحمل المسؤولية، أو علامة عدم العلم بحقيقة الأمور، أو علامة الحفاظ على الكرسي، أو علامة انتظار التعليمات او الأوامر. الوزراء في حكومات الدول المتقدمة عادة ما يكون لديهم القدرة على الحوار وتقديم النص المتكامل لخبر صحفي يوضح كل التفاصيل التي يبحث عنها المواطن وبالأرقام والبيانات الموثقة، ويكون لديهم مؤهلات المسؤول، والتي من أبرزها تحمل مسؤولية الكلمة التي يصرح بها، ولكن مع الأسف الشديد بعض وزرائنا لا يتمتعون بهذه القدرات، أو أنها لديهم في الجينات الداخلية لكنهم يخافون استخدامها طمعاً في إطالة العمر اﻻفتراضي للكرسي، ويجد الوزير في الصمت منجاة من مسؤولية الكلمة، والسؤال الذي يطرح هنا وبقوة: إذا كنتم خائفين من تحمل المسؤولية، فلماذا قبلتم بمناصبكم؟ قضية مماثلة ظهرت على السطح من خلال مناقشات مجلس النواب حين رفع المجلس 30 توصية للحكومة تتعلق بإجراء إصلاحات في شركة ممتلكات البحرين القابضة والشركات التابعة لها، وطالبوا في توصياتهم بعدم تقديم الحكومة دعماً مباشراً للشركات التابعة لشركة ممتلكات البحرين القابضة، وضرورة إدراج أرباح الشركة ضمن إيرادات الموازنة العامة للدولة مشيرين إلى أن ممتلكات والشركات التابعة لها تخسر، بل وتحصل على دعم بينما المواطن لا يجد من يدعمه. والأدهى والأكثر مرارة حين رد الوزير المشرف على شركة ممتلكات بالقول إن أغلب الشركات المنضوية تحت ممتلكات حققت أرباحا جيدة خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن تلك اﻷرباح تذهب لتغطية خسائر شركات أخرى!!. لا أعلم كيف تم تمرير هذا الكلام دون مراجعة، فكيف لشركات أغلبها تربح تصرف أرباحها لتغطية خسائر شركات أخرى؟ وإذا كانت هناك خسائر لدى شركات في ثلاث سنوات، فلماذا تتحمل الشركات الرابحة فشل مسؤولي الشركات الخاسرة، هذا فضلا عن أن التصريح المريع لم يقدم للمجلس أي أرقام عن الأرباح والخسائر ولا حتى أسماء الشركات وكم تبلغ أرباحها. نحن نعاني في البحرين من ندرة المعلومة وجفاف الأخبار، وارتفاع في درجة التهويل دون أي مستند يوثق ما يقال، ونعاني أيضاً من ضبابية في المستقبل وتعذر رؤية الأرقام المطمئنة، ولابد من العمل على إيجاد تحسن ولو طفيف في أجواء التصريحات الهلامية بوضع خطوط طول وعرض تبين موقعنا على خريطة التنمية، وهل المؤشرات تتجه ارتفاعا أم انخفاضا. ولكننا في كل مرة نناشد ونلجأ الى المنقذ صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ليفك لنا رموز وشفرات المسؤولين اﻻعلامية ونعيد ونكرر ربنا يحفظه ويطيل بعمر سموه، وشكراً يا صاحب السمو فمع كل تصريح تثلج صدور المواطنين.
مشاركة :