طرابلس - تحولت المؤتمرات الدولية والأممية المتعلقة بتعزيز حضور المرأة الليبية في الحياة السياسية إلى ما يشبه التقليد السنوي أو الموسمي حيث تعقد المنظمات الدولية عدة مؤتمرات منذ سنوات لتهتم بهذه القضية، لكن حضور الليبيات في السياسة مازال ضعيفا وربما زاد سوءا. وتنتقد أوساط ليبية هذه المؤتمرات التي تعكس ظاهريا اهتماما بالنساء في ليبيا لكنها لا تضغط في اتجاه اتخاذ أي إجراء لصالح ذلك، حيث يهيمن الرجال على غالبية المناصب وهو ما يطرح تساؤلات: لماذا لا تضغط هذه المنظمات أثناء محادثات تشكيل الحكومات واقتسام المناصب من أجل تعيين النساء؟ ويرى مراقبون أن ضعف التمثيل النسوي في السياسة الليبية، يعود بالأساس إلى طبيعة تكوين المجتمع الليبي الذي ما زال يضع حدا للمرأة، ويعتبرون أنها ما تزال غير مؤهلة للعمل السياسي مثل الرجال. ونظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الخميس بطرابلس، لقاء تشاوريا يروم تعزيز المشاركة السياسية للمرأة. وذكرت البعثة الأممية، في بيان نشرته عبر صفحتها على “فيسبوك”، أن هذا اللقاء الذي شاركت فيه عضوات في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ومنظمات المجتمع المدني عن المنطقتين الغربية والجنوبية، يأتي قبل إطلاق عملية سياسية شاملة في البلاد. تقرير لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أكد أن المرأة الليبية لا تزال مستبعدة إلى حد كبير من مناصب السلطة والدبلوماسية وتمحورت أشغال اللقاء، بحسب المصدر ذاته، حول تحديد أولويات المرحلة الحالية والسبل الكفيلة بضمان التمثيل الفعال والمشاركة السياسية الهادفة للمرأة. وأكدت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية ستيفاني خوري، في رسالة موجهة للمشاركات، على التزام البعثة وكافة وكالات وبرامج الأمم المتحدة بدعم الدور الرئيسي للمرأة الليبية في العملية السياسية. وقالت إن البعثة ستعمل مع المؤسسات والسلطات الليبية لضمان مشاركة المرأة الكاملة والمتساوية والفعالة على جميع المستويات، بما في ذلك في المناصب القيادية، وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمليات السياسية الشاملة والانتقال الديمقراطي وجهود المصالحة وتسوية النزاعات وإرساء السلام. وفي شهر يونيو الماضي، أكد تقرير لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن المرأة الليبية لا تزال “مستبعدة إلى حد كبير” من مناصب السلطة والدبلوماسية، حيث يشغل الرجال أعلى مستويات النفوذ وصنع القرار. وحلت ليبيا في المركز الرابع على صعيد المنطقة المغاربية ضمن المؤشر نفسه وفي المركز الـ129 عالميا بمعدل أربع وزيرات من مجموع 26 عضوا في الحكومة، وحلت بذلك في الصنف السابع إلى جانب موريتانيا التي احتلت المركز الـ112 عالميا، والمركز الثالث على الصعيد المغاربي، بمعدل أربع وزيرات في المناصب القيادية من مجموع 22 عضوا في الحكومة. وأشار التقرير إلى أن تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار ما يزال ضعيفا في مجمل دول العالم، ولم يسبق أن تقلدت المرأة منصب رئيسة للحكومة أو للدولة في 113 دولة حول العالم ولا توجد سوى 26 دولة تقودها امرأة حاليا. ضعف التمثيل النسوي في السياسة الليبية، يعود بالأساس إلى طبيعة تكوين المجتمع الليبي الذي ما زال يضع حدا للمرأة ويضيف التقرير “أن انتخاب وتعيين النساء في المناصب القيادية يشير إلى إرادة سياسية قوية لتحقيق المساواة بين الجنسين ويظهر التزاما جماعيا بالتصدي للتحديات التي يواجها العالم اليوم.” ويستدرك التقرير: “لا تمثل النساء في المناصب الحكومية القيادية سوى 14 في المائة في المنطقة المغاربية.” واعتمد تقرير المنظمة الأممية على تحليل مدى حضور النساء في حكومات بلدانهن مقارنة بنظرائهن الذكور وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في العمل الدبلوماسي الذي يصادف الـ24 من يونيو من كل عام. وتواجه المرأة الليبية تحديات في طريقها للعمل السياسي، والمشاركة بفعالية في الانتخابات، إذ ظلت مشاركاتها في مواقع القرار مخيبة للآمال منذ العام 2011. وسبق أن شاركت نائبة الممثل الخاص والقائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني خوري، إلى جانب وزيرة الدولة لشؤون المرأة بحكومة الوحدة الوطنية، حورية الطرمال، في ندوة حول ريادة الأعمال النسائية في ليبيا. وعبرت خوري، في منشور لها على حسابها الرسمي على منصة إكس، عن إعجابها بمشاريع رائدات الأعمال الليبيات المبتكرة والتحديات التي تغلبن عليها. وقالت خوري: “ألهمتني مشاريع رائدات الأعمال الليبيات المبتكرة التي يقمن بها والتحديات التي تغلبن عليها،” مشيرة إلى أن “تمكين النساء وتقديم الدعم اللازم لهن يسهم في تعزيز الاقتصاد الليبي وتحقيق التنمية المستدامة.” والعام الماضي، كشف المبعوث الأممي الخاص السابق إلى ليبيا، عبدالله باتيلي في لقائه بعدد من أعضاء المجلس الوطني الأعلى للمرأة الليبية، أن المشاركات في الاجتماع انتقدن نقص تمثيل النساء على جميع المستويات، وطالبن بتمكين المرأة الليبية من مشاركة سياسية فاعلة، كما رحبن بدعوته لإجراء حوار بين الجهات الفاعلة الرئيسية، ووعدن بتقديم مساهمة مكتوبة حول كيفية إنهاء حالة الانسداد السياسي في البلاد. وأعربت مجموعة من النساء الليبيات المشاركات في ملتقى الحوار السياسي الليبي عن الأمل في أن يساهم الملتقى في دعم المشاركة الكاملة للمرأة الليبية في جميع الجهود الرامية إلى إرساء السلام في ربوع ليبيا وقيادة الوطن إلى برّ الاستقرار والازدهار. وجاء ذلك في بيان صادر عن المشاركات في الملتقى، الذي انعقد في تونس في العام 2020. وأكد على أهمية دور المرأة كشريك وطني حقيقي في تعزيز السلام والحوار السلمي، “وإعادة بناء الدّولة على أسس السّيادة والوحدة والسلم الأهلي والمصالحة الوطنية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين أبناء وبنات الوطن.” وشدد البيان على ضرورة حماية مكتسبات المرأة الليبية وتكريس مشاركتها الفعلية في الحياة السياسية وعملية صنع القرار على جميع المستويات كركيزة أساسية للممارسة الديمقراطية.
مشاركة :