(أهم الموضوعات الدولية) مقالة خاصة: هل تغرق سوريا في حرب جديدة؟

  • 12/6/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي بدأت تظهر فيه بوادر الاستقرار في جنوب لبنان، أثارت معركتا حلب وحماة في سوريا زوابع الفوضى من جديد في الشرق الأوسط. فمن غزة إلى لبنان ثم سوريا، تتحرك عين العاصفة في الصراع في الشرق الأوسط بشكل مستمر إلى الشمال. ويرى الخبراء الصينيون أن التغيرات الجذرية التي حدثت مؤخرا في الوضع السوري لم تحدث بالصدفة، بل مرتبطة ارتباطا وثيقا بالصراع مع إسرائيل في فلسطين ولبنان، متوقعين أن تستمر الفوضي في سوريا على الأمد القصير، ولكن لن تهز السلطة السورية. ــ صدفة أم تخطيط؟ في الآونة الأخيرة، لم يكن لدى القوى الخارجية الداعمة للحكومة السورية مثل روسيا وحزب الله اللبناني الوقت الكافي للنظر إلى الوضع في سوريا. وفي حين كانت إسرائيل تقوض حزب الله وقوته العسكرية، قلصت روسيا وجودها العسكري في سوريا بسبب الصراع الروسي-الأوكراني. ونتيجة لذلك، ظهر "فراغ" السلطة في سوريا. ووسط وضع اقتصادي متفاقم، وجدت المعارضة السورية المسلحة الفرصة سانحة للتقدم في البلاد، على حد قول دينغ لونغ، الأستاذ بمعهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية. ومن جانبه، يرى سون ده قانغ، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان الصينية، أن المعارضة لها هدفان هذه المرة: الأول، استخدام حلب كمعقل لتشكيل مواجهة بين الشمال والجنوب مع قوات حكومة دمشق؛ والثاني، مواصلة التوغل جنوبا وإرغام القوات الحكومية على التراجع إلى دمشق. لقد احتلت المعارضة حلب في زمن قصير وأظهرت قدرات قوية من حيث الاستخبارات والقيادة والأسلحة. ومن الصعب تصديق أن ذلك جاء نتيجة مشاورات ودية بين فصائل المعارضة وزيادة القدرة العسكرية بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية. وقال سون إنه ليس من قبيل المصادفة أن قوات المعارضة المسلحة اختارت شن الهجوم في 27 نوفمبر، بل جاء ذلك بعد تخطيط دقيق. وأوضح أن "المعارضة السورية المسلحة تضم العشرات من الفصائل ذات الأيديولوجيات المختلفة، من بينها فصائل علمانية وقوى دينية مختلفة. ومن الواضح أن تكون هناك قوى خارجية عملت على حل خلافاتها وتوحيدها مؤقتا. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت قوات المعارضة الكثير من الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة في هجومها على حلب. وهذا شيء لا يمكن أن تنتجه بنفسها، بل يجب أن تقدمه لها دول خارجية". وأضاف أن سيطرة قوات المعارضة المسلحة بهذه السرعة على حلب تشير إلى أنها تلقت دعما خارجيا حاسما من حيث القيادة والسيطرة والاستخبارات وما إلى ذلك. وأردف "هناك قائد غير مرئي خلف المعارضة". ــ من المستفيد من الصراع في سوريا؟ بعد هجوم قوات المعارضة المسلحة على حلب وحماة، قالت روسيا وإيران وتركيا إنها تتطلع إلى إجراء محادثات بشأن سوريا في الدوحة، ولكن السؤال هو: من المستفيد من هذا الصراع؟ قال تيان ون لين، الخبير الصيني في شئون الشرق الأوسط، إن "إسرائيل هي المستفيد الأول من الصراع المتصاعد في سوريا"، وأضاف "إذا وقعت مشاكل داخل سوريا، فإن التهديد الذي تواجهه إسرائيل من قبل ما يسمى بمحور المقاومة سيتراجع كما لم يحدث من قبل". وأوضح تيان أن المستفيد الثاني هو الولايات المتحدة التي تعتبر إيران أحد خصومها الرئيسيين. "أهمية سوريا بالنسبة لإيران لا تقبل الجدل، ومن شأن وجود النظام السوري في حالة غير مستقرة أن يساعد الولايات المتحدة على الحد من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة". وتابع "بالإضافة إلى إسرائيل والولايات المتحدة، توجد تركيا وأوكرانيا في موقع استفادة أيضا"، موضحا أن "زيادة السيطرة التركية في سوريا تسهل على أنقرة مهاجمة القوات الكردية في سوريا وتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط. وفي الجانب الآخر، تستفيد أوكرانيا لأن الصراع يقيد من قوة روسيا". وسيكون ذلك على حساب سوريا وروسيا وإيران، حسبما قال تيان وسون. لكن سون يعتقد أن هذه الفوضى التي تشهدها سوريا لن يخرج منها طرف منتصر على المدى الطويل، مؤكدا أن "محاولة الإطاحة بالسلطة في سوريا ستؤدي إلى المزيد من عدم اليقين، ومن المرجح أن يكون الجميع ضحية في النهاية". ــ مسار المعركة قد تؤدي هذه المعركة إلى تأجيل عملية السلام في الشرق الأوسط بينما يمر الوضع في المنطقة بنقطة تحول جديدة، إذ يبدو الآن تأثير الدومينو للصراع واضح، ومن المحتمل أن تشتد موجة الصراعات. ولكن حسبما يرى الخبراء، من غير المرجح أن تهدد المعارضة المسلحة بشكل أساسي حكم دمشق أو تفكك "محور المقاومة" المناهض لإسرائيل في الشرق الأوسط. وقال الأستاذ دينغ لونغ إن الهجوم كان من تداعيات الوضع المستمر في الشرق الأوسط منذ العام الماضي. وفي الواقع، لم تنته الحرب الأهلية السورية بعد بكل معنى الكلمة، وكان هناك جزء من الأراضي السورية لا يزال تحت سيطرة المعارضة. ورأى دينغ أن استعادة الاستقرار في سوريا قد يستغرق وقتا. وقال إن "إيران وروسيا تواجهان تحدياتهما الخاصة هذه المرة، لذا فإن الوضع في سوريا سيكون فوضويا لبعض الوقت". وأضاف أن "إيران، على وجه الخصوص، غير راغبة في الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل وتريد التخفيف من حدة التوتر مع الغرب، وأتوقع أن يكون من الصعب عليها أن تستثمر الكثير من حيث القوات والموارد في سوريا". ولكن دينغ أشار إلى أن "القوات السورية تحارب المعارضة منذ أكثر من 10 سنوات، ولا تزال قوة الأخيرة محدودة، ولا يمكن أن تعد خصما كبيرا في مواجهة إيران وروسيا والقوات الحكومية السورية"، مؤكدا أن "الوضع في سوريا لا يزال قابلا للسيطرة".■

مشاركة :