حرّاقات النفط البدائية تُعطي سوريّة بديلاً سيّئاً من المصافي

  • 1/17/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تعد رؤية مصافي نفط بدائيّة تنفث دخاناً سامّاً في المناطق المحرّرة من سيطرة النظام في سوريّة أمراً يدعو الى الاستغراب بعد أن توسّع انتشارها في شكل سريع أخيراً. فمن يزور بعض هذه المناطق، يصدم بوجود هذه المصافي البدائيّة التي تُسمّى «حرّاقات». وظهرت في المناطق المُحرّرة لتكون بديلاً من المصافي التقليديّة. وتتركز هذه الحرّاقات في ريف دير الزور. وأضحت مصدراً لدخان كثيف لا تخفى مفاعليه السرطانيّة، إضافة لكونه ملوّثاً للبيئة بامتياز.   وجه آخر للحرب بدأت ظاهرة إنشاء هذه المصافي البدائيّة منذ فترة ليست بالقصيرة. وصنِعَت أصلاً بغرض الاستفادة من كميات النفط المُستخرجة من الآبار التي استولى عليها بعض الأشخاص، وبسبب غلاء أسعار الوقود في المناطق المُحرّرة من سيطرة النظام، وتراجع وجود الحطب وغلاء أسعاره بأثر من استهداف النظام الغابات وحرقها تكراراً. في هذا الصدد، أكّد الناشط الإعلامي أبو البراء أن: «الحرّاقات التي أنشئت في الريف الشرقي من دير الزور تمثّل أدوات منزليّة. أقدّر أن عددها يلامس الـ 30 ألفاً في ريف دير الزور. وتتواجد هذه الحرّاقات في المنطقة الشرقيّة من سورية، بداية من آخر نقطة يسيطر عليها النظام عند حاجز البانوراما جنوب مدينة دير الزور، ووصولاً إلى الحدود العراقية شرقاً، إضافة إلى مساحة صغيرة على حدود الحسكة. تتواجد هذه الحرّاقات قُرب مزادات بيع النفط، خصوصاً في قرية الزباري وبين قريتي الموحسن والبليل». وأفاد ناشط آخر بأن الحرّاقات يملكها من يسيطرون على آبار النفط وهم من أفراد العشائر التي تسكن تلك المناطق، الذين أصبح يطلق عليهم لقب «تُجّار النَفْط». وتتكوّن هذه الحرّاقات من خزّانات بدائية يجري تسخين النفط فيها، بهدف «تكسيره». ويستخدم معظم الناس المازوت الناجم عن هذا التكرير في عملية التدفئة، في حين يستهلك آخرون النفط الخفيف وهي مادة أشد خطورة من المازوت المُكرّر، لأنها تتسبّب بأضرار صحيّة بل حتى باختناقات في الجهاز التنفسي. لماذا لا يوضع حدّ لهذا النوع من الاستخدامات، بل لم لا تتوقّف هذه الطريقة البدائيّة في التكرير؟ رأى أحد النشطاء أن السبب الفعلي يتمثّل في أن أحداً لا يمون على تجار النفط الذين يسيطرون على ريف دير الزور بقوة السلاح. في لقاء مع «الحياة»، أفاد مشرف على إحدى هذه الحرّاقات البدائيّة بأنها تعتمد على طُرق بسيطة وبدائية في إنتاج البنزين والكاز والمازوت بأسعار بسيطة. والمعلوم أن هذه الحرّاقات حلّت مشكلة نقص هذه المواد في السوق. وتتألف الحرّاقة من خزّان إحراق وجهاز لتبريد الوقود وتخزينه. ويأتي النفط الخام من آبار للنفط غير خاضعة للنظام، وهي تابعة للمسيطرين على البئر وأصحاب الحرّاقات. في هذا الصدد أيضاً، أوضح أحد أعضاء المجلس المحلي في مدينة دير الزور أن المجلس اشترى من تركيا مصفاة للنفط بقيمة 250 ألف دولار. وسرعان ما نشب خلاف على طريقة توزيع حصص المنتجات التي تتأتى من عمليات تصفية النفط، فتوقفت العملية كلها.   صعوبة إنشاء مصاف في المناطق المُحرّرة في حديث إلى «الحياة»، أكّد الدكتور إلياس وردة وزير الطاقة والثروة المعدنيّة في الحكومة السورية الموقتة، أن «موضوع استخدام النفط مصدراً للطاقة، يعتبر أولوية في خطة الوزارة التي قدمت إلى اجتماع «الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري» أخيراً. وعلّق على الرقم المُتداول بين النشطاء عن عدد الحرّاقات بأنّه مُبالَغ به جداً. وأضاف: «تحاول الوزارة جمع معلومات حول هذا الموضوع، وبيانات عن آبار النفط الموجودة. نعتمد على شبكة للمعلومات نُسِجَت بالتعاون مع المجالس المحلية وفصائل الجيش الحر التي تتواصل مع مناطق تتواجد فيها آبار النفط والحرّاقات على حدّ سواء». وأشار وردة إلى الأخطار الكبيرة للطرق المستخدمة في تكرير النفط بواسطة الحرّاقات، مشيراً إلى أنها تضرّ بالبيئة وبالصحة وتتسبب بتلوث أراض زراعية خصبة، وتؤثر في صحة الناس. وأشار وردة إلى صعوبة إنشاء مصفاة كبيرة للنفط في المناطق المحرّرة نظراً الى تكاليفها العالية، وخوفاً من قصفها مِن قِبَل النظام. وأوضح أيضاً أن هناك توجّها حاليّاً، عُرِض خلال اجتماع للوزارة مع خبراء أوروبيين في الطاقة، يتمثّل في رفع الحظر عن تصدير النفط السوري، وأن يمر التصدير عبر الحكومة السورية الموقتة حصرياً، وأن تؤمّن الحكومة مشتقات النفط المستوردة كالمازوت والبنزين (إضافة إلى الغاز) مع تسهيل وصولها إلى المناطق المحررة عبر معابر آمنة». وتحدّث وردة عن وجود مشروع لتأمين الكهرباء عبر لوحات شمسية، خصوصاً لمخيمات اللاجئين على الحدود السورية- التركية. في انتظار تطبيق مشاريع وزارة الطاقة والثروة المعدنية، وإعادة إنتاج النفط في سورية إلى ما كان عليه قبل الثورة، أي إلى 350 ألف برميل يومياً، تبقى مشكلة الحرّاقات مستمرّة، خصوصاً أن القائمين عليها لا يعون خطورة العمل فيها وإضرارها الشديد بالبيئة والصحة. ويغيب عن أذهانهم أنها مُسبّب لأمراض خطيرة كالسرطان والأمراض التنفسية، إضافة إلى تلويثها أراضي زراعيّة في منطقة كانت تعتبر المنتج الأول للقمح والقطن في سورية.

مشاركة :