تراجع الإنتاج الأمريكي يدعم ارتفاع أسعار النفط

  • 5/16/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

توقع مختصون نفطيون استمرار تحسن أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بدعم من تراجع الحفارات الأمريكية واستمرار أزمة إنتاج النفط الرملي في كندا إلى جانب صعوبات الإنتاج في نيجيريا وليبيا بسبب الهجمات المستمرة على المنشآت النفطية. ومن المنتظر أن يستمر الأداء المتباين للدولار في الانعكاس على أسعار النفط وفقا للعلاقة العكسية التي تربطهما، كما يتوقع تواصل تأثر السوق بمستوى المخزونات النفطية وإن كانت أغلب التوقعات تصب في مصلحة استمرار تراجعها. ويدعم الأسعار توقعات بتحسنات إيجابية ملموسة في مستويات الطلب العالمي القادم من الصين والهند في ضوء نشاط تجاري وصناعي متنام في البلدين، كما يتراجع تأثير ضغوط الأسعار الناجمة عن ارتفاع إنتاج "أوبك" إلى مستويات قياسية بفعل إنتاج إيران والعراق، فيما يواصل الإنتاج الروسي ارتفاعاته في اطار اشتداد المنافسة على الحصص السوقية بين المنتجين، في الوقت الذي صدرت فيه تصريحات كويتية تحذر من ترك زيادة الإنتاج الايرانس السريعة بلا ضوابط. من جهة أخرى، أوضحت لـ "الاقتصادية"، إريكا ماندرافينو مدير الإعلام بشركة "إيني" الإيطالية العملاقة للطاقة، أن جميع شركات النفط الدولية أدركت التحديات التي تواجه السوق في المرحلة الحالية والتغيرات الجوهرية التي حدثت في قطاع الطاقة التي فرضت التحول نحو الموارد المتنوعة والتنمية المتوازنة لتلك الموارد سواء التقليدية أو الجديدة. وقالت إريكا "إن "إيني" تعتزم في هذا الإطار القيام بعدد من المشاريع الخاصة بالطاقة المتجددة في إيطاليا وباكستان ومصر بما يهدف إلى تعظيم الموارد والقدرات الإنتاجية وتحقيق الاستفادة الاقتصادية القصوى"، مشيرة إلى أن هذه المجالات الجديدة ستكمل وتساند أنشطة الشركة التقليدية ولن تتعارض معها. وأشارت إريكا إلى أن "إيني" تهدف من وراء المشاريع الجديدة في مجال الطاقة المتجددة إلى تحقيق تقدم جديد ومهم في مجال التزامها بمكافحة تغير المناخ وإيجاد نموذج أعمال متميز يقوم على التكامل بين أعمالها التقليدية وبين مشاريع الطاقة من مصادر متجددة. وتعتقد إريكا أن المشاريع الجديدة لـ "إيني" تمثل نموذجا جديدا في إعادة استخدام المناطق الصناعية المهجورة وعدم المستخدمة التي يعاد طرحها من أجل تنفيذ محطات لتوليد الطاقة مع تحقيق مستوى صفر من الانبعاثات، مشيرة إلى أن هذا الأمر يجيء في إطار استراتيجية الشركة الإيطالية في التحول نحو مستقبل منخفض الكربون. وأضافت إريكا أن "منظومة العمل التي يجب أن تسارع جميع الشركات النفطية نحو الأخذ بها لا تقوم فقط على تشجيع استخدام الطاقة المتجددة ولكن على الحد من انبعاثات الكربون الناجمة عن إنتاج الهيدروكربونات بالتوازي مع العمل على تعظيم الاستفادة من الغاز الطبيعي باعتباره أنظف الوقود الأحفوري وقد أصبح بالفعل المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء". وبحسب إريكا فإن "إيني" تعتزم إنشاء محطة للطاقة الشمسية في باكستان بقدرة 50 ميجاواط بالقرب من حقل غاز كادانواري وسيتم بيع الطاقة المنتجة من خلال الشبكة الوطنية الباكستانية متوقعة بدء عمل المحطة بحلول نهاية 2017. وفيما يخص مشاريع الشركة الإيطالية في مصر، أشارت إريكا إلى أن الشركة ستقوم أيضا ببناء محطة للطاقة الشمسية بالقرب من حقل بلاعيم للنفط والغاز بقدرة 150 ميجاواط مع العلم بأن الطاقة المنتجة ستستخدم من خلال الشبكة الوطنية وسيتم التشغيل أيضا بحلول نهاية العام المقبل. ومن جانبه، قال لـ "الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، "إن تراجع الإنتاجين الأمريكي والكندي أسهما على نحو كبير في تجنيب السوق انهيارات سعرية جديدة بل ودعم نمو الأسعار واقترابها من مستويات متوسطة قد تخفف الأعباء على بعض المنتجين الذين يواجهون أزمة اقتصادية طاحنة مثل فنزويلا". وأشار ديبيش إلى أنه بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية فإن الإنتاج الإيراني استعاد بالفعل مستويات ما قبل فرض العقوبات الاقتصادية وضخ نحو 3.5 مليون برميل يوميا الشهر الماضي، وهو نفس مستوى عام 2011 قبل فرض العقوبات، وهذه الزيادة أدت إلى تسجيل صادرات دول "أوبك" مستوى هو الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. واعتبر ديبيش أنه من المناسب في المرحلة الراهنة فتح ملف تجميد الإنتاج مرة أخرى خلال الاجتماع الوزاري لمنظمة "أوبك"، لأنه من المفترض أنه لا توجد دوافع حاليا لدى إيران لعدم المشاركة في الاتفاق، مشيرا إلى أن تجميد الإنتاج سيمثل مزيدا من الدعم لمستوى أسعار الخام خاصة في ضوء تحسن مستويات الطلب في الصين، وسيجنب السوق انخفاضات حادة إذا نشط إنتاج النفط الصخري من جديد، كما سيؤدي نجاح تجميد الإنتاج إلى تفعيل دور "أوبك" في ضبط السوق ودعم استقرارها. إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، فرانك يوكنهوفر مدير مشاريع "سيمنز" في بلجيكا وهولندا، أن السوق تشهد بالفعل تقلصا للفجوة الواسعة بين العرض والطلب بفعل تراجع إنتاج دول خارج "أوبك" خاصة في أمريكا الشمالية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يمثل فرصة جيدة للوصول إلى حالة الاستقرار والتعافي في السوق. وأضاف يوكنهوفر أن "ما يحدث من بعض المنتجين خاصة إيران من وجود رغبة غير محدودة في زيادة الإنتاج وحرق الأسعار بهدف الاستحواذ على حصص سوقية أكبر سيعرقل تعافي الأسواق ويضر باستقرارها وبالتالي يؤثر في الاستثمارات وكافة أوجه الصناعة". واعتبر وكنهوفر أن تراجع الإنتاج في أمريكا الشمالية يمثل عنصر "أمان للسوق" من العودة إلى الانخفاضات السعرية ولكن ذلك لا يعني أن تخمة المعروض في الأسواق انتهت بل على العكس من المتوقع استمرارها حتى العام المقبل، وهو ما يتطلب دفع جهود التعاون بين المنتجين من أجل السيطرة على هذا الفائض وتحقيق مستوى أسعار مناسب ومستقر. وكانت أسعار النفط قد انخفضت في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم بعد موجة صعود استمرت ثلاثة أيام، متأثرة بارتفاع الدولار وإقبال المستثمرين على جني أرباح المكاسب التي تحققت في الآونة الأخيرة، لكن الخام ارتفع خلال الأسبوع بأكمله مدعوما بتعطل إمدادات في نيجيريا حيث تقلص الإنتاج هناك لأدنى مستوياته في 22 عاما وتعطل إمدادات كندية بسبب الحرائق في منطقة الرمال النفطية. وبحسب "رويترز"، فقد نزل خام برنت 25 سنتا عند التسوية إلى 47.83 دولار للبرميل في حين أنهى الخام الأمريكي التعاملات منخفضا 49 سنتا إلى 46.21 دولار للبرميل، وخلال الأسبوع قفز برنت 5.2 في المائة في حين زاد الخام الأمريكي 3.4 في المائة. يذكر أن شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية أشارت في تقرير لها الجمعة الماضي إلى أن عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة هبط للأسبوع الثامن على التوالي ليصل إلى أدنى مستوى له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2009 رغم ارتفاع أسعار النفط في العقود الآجلة لأعلى مستوياتها في ستة أشهر مع تركيز بعض شركات الطاقة على استكمال آبار بدلا من حفر أخرى. وقالت بيكر هيوز "إن شركات الحفر أوقفت تشغيل عشرة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 13 من مايو ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 318 انخفاضا من 660 حفارا كانت قيد التشغيل قبل عام، حيث توقف 342 حفارا عن التشغيل. وفي 2015 خفضت شركات الحفر النفطي عدد الحفارات بمتوسط 18 حفارا في الأسبوع وبعدد إجمالي للعام بلغ 963 وهو أكبر انخفاض سنوي منذ عام 1988 على الأقل وسط أكبر هبوط في أسعار الخام منذ عقود.

مشاركة :