العلاقات الاثيوبية الصومالية هل تصنع نموذجاً لهدوء القرن الملتهب!!

  • 12/13/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تظل منطقة القرن الافريقي الأكثر التهابا في عالم اليوم، وقد خلقت الصراعات السياسية والتداخل القبلي بؤراً تستمد لظاها من الخلافات البادية بين قادة الأنظمة في هذه البلدان، ولا ينير هذا الوضع الكالح والحروب السائدة في دول المنطقة سوى وضع رواندا التي استطاعت أن تقفز على أحزانها نحو العالم الأول بكل جرأة وقوة إرادة. بوساطة تركية وفي خطوة تاريخية، فاجأت كل من إثيوبيا والصومال العالم بالتوصل إلى اتفاقية صلح بعد سنوات طويلة من الخلافات المتجذرة، فقد تم التوصل إلى اتفاق يهدف إلى تجاوز الخلافات التاريخية بين البلدين، مع تقديم التعاون الاقتصادي كأحد أهم الجواذب في خلق سلام وتنمية مستدامة في المنطقة، فالاتفاق يشكل فرصة فريدة لكلا الطرفين لتأسيس علاقات جديدة تعود بالنفع على شعوب المنطقة كافة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها المنطقة. أثيوبيا تحولت إلى دولة حبيسة دون منافذ بحرية منذ العام 1991م حين انفصلت منها إرتريا، وهذا الوضع ظل يشكل عائقا من الوصول إلى الأسواق الدولية. وقد سعت لإيجاد منافذ عبر دول الجوار بيد أنها لم تفلح، لذلك، فإن إيجاد منفذ على المياه الدولية من خلال التعاون مع الصومال يعد خطوة استراتيجية هامة. ويتيح هذا المنفذ لإثيوبيا تصدير منتجاتها إلى العالم الخارجي، ويعزز من قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية. من جهة أخرى، يمكن أن يستفيد الصومال من هذا التعاون من خلال تطوير موانئه وتعزيز قدراته اللوجستية، مما سيسهم في تحسين اقتصاده وزيادة فرص العمل. علاوة على ذلك، يعد التعاون الاقتصادي بين البلدين وسيلة فعالة لتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة. فالنزاعات السابقة بين البلدين غالباً ما كانت ناجمة عن التوترات حول الموارد والحدود. فمن خلال التركيز على المنافع الاقتصادية المشتركة، يمكن للطرفين تقليل هذه التوترات وبناء علاقات أكثر استقراراً. كما أن هذا الاتفاق يمثل نموذجاً للتعاون الإقليمي، حيث يمكن أن تلعب تركيا دوراً مهماً في تعزيز هذا التعاون. وقد أظهرت تركيا التزاماً بمساعدة الدول الأفريقية في تحقيق التنمية والاستقرار، ويعكس هذا الدور السياسي والاقتصادي نمواً متزايداً لنفوذها في القرن الأفريقي. ومع ذلك، يتطلب تنفيذ هذا الاتفاق التزاماً حقيقياً من كلا الجانبين. يجب على إثيوبيا والصومال العمل على معالجة القضايا العالقة، مثل الأمن والحدود، بطريقة سلمية وبناءة. كما ينبغي تطوير آليات فعالة لضمان تنفيذ المشاريع الاقتصادية المشتركة وتجنب أي صراعات مستقبلية. إن قوة دول منطقة القرن الافريقي ظلت أماني لدي قادتها، وهو ما أكده لي في حوارات سابقة كلا من الرئيس الارتري أسياس أفورقي، ورئيس وزراء أثيوبيا السابق هيلا ميريام ديساليني، وظل يردده قادة المنطقة في شكل أمنيات، غير أن الاتفاق بين إثيوبيا والصومال يمثل فرصة تاريخية لبناء علاقات جديدة قائمة على التعاون الاقتصادي، مما يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة بأسرها. إذا تم استغلال هذه الفرصة بشكل جيد، فقد يصبح هذا التعاون نموذجاً يحتذى به لدول أخرى في المنطقة التي تعد من أكثر البؤر إلتهاباًفي العالم.

مشاركة :