الدمام: إيمان الخطاف كشف مشوح الحوشان، مدير عام الجمعيات والمؤسسات الخيرية في وزارة الشؤون الاجتماعية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجمعيات الخيرية الموجودة في السعودية كافة، التي يتجاوز عددها 500 جمعية، ينحصر نشاطها داخل البلاد وحسب، بموجب قرار مجلس الوزراء بذلك. وقال الحوشان «إن الجمعيات التي تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية غير معنية بالخارج، إلا عندما يقوم أمير إحدى المناطق بتوجيه الجمعية الخيرية لاستلام التبرعات العينية، وهذا بحكم أن لديها مستودعات، ولا شيء غير ذلك». وأوضح أنه مع الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة وقسوة أجواء الشتاء، تنشط الحملات التي تنادي بالتبرع لإغاثة اللاجئين والمنكوبين، ممن هم خارج البلاد، وهو ما يفتح الباب أمام بعض الجهات المشبوهة التي تستغل هذه الظروف للحصول على الأموال بصورة غير شرعية، مع النظر لكون كثير من القائمين على هذه الحملات يدّعون انتسابهم للجمعيات الخيرية بقصد تحقيق مصداقية لهم في جمع أموال التبرعات وإرسالها إلى الخارج. وبيّن مدير عام الجمعيات والمؤسسات الخيرية في وزارة الشؤون الاجتماعية أن وسائل الاتصال الحديثة أسهمت في الترويج لحملات التبرع الوهمية، خاصة عبر رسائل الجوال وبرنامج «واتس أب»، التي تستعطف مشاعر الجمهور السعودي في إغاثة المنكوبين بصورة عينية أو نقدية، مع ادعاء أن هذه الحملات تأتي تحت مظلة إحدى الجمعيات الخيرية، إلى جانب الشخصيات الوهمية التي تتخذ من شبكات التواصل الاجتماعي مراكز لها في الترويج لحملات التبرع المشبوهة. وبسؤاله عن رصد التجاوزات المالية لدى الجمعيات الخيرية تحت غطاء التبرع، قال «لا توجد تجاوزات لأننا نتابع هذه الجمعيات وكلفنا مكاتب المحاسبة القانونية بتزويدنا بتقرير كل ثلاثة أشهر»، وأضاف «إن حصلت بعض الملاحظات البسيطة فتكون نتيجة الجهل ببعض التعليمات، ونعمل على تصحيح مسارها فقط»، مشيرا إلى أنه إذا ثبت عكس ذلك فإن النظام يتيح حل مجلس الإدارة أو حل الجمعية، وهو ما يفيد بأنه نادر الحدوث. وعلى الرغم من تأكيدات مشوح الحوشان المطمئنة، فإن ذلك لم يمنع بعض أعضاء الجمعيات الخيرية من اتخاذ بعض الممارسات غير النظامية، تحت ستار عضويتهم في هذه الجمعيات، ومن ذلك رسالة انتشرت - حديثا - في المنطقة الشرقية لإحدى السيدات التي تجمع تبرعات لإغاثة اللاجئين السوريين، بصفتها عضو إحدى الجمعيات الخيرية. حيال ذلك، تواصلت «الشرق الأوسط» مع إدارة الجمعية الخيرية المعنية بذلك، حيث أكدت مسؤولة - فضلت حجب اسمها - أن أنشطة الجمعية تخلو تماما من أي دعم يذهب إلى خارج البلاد، وذلك بحسب النظام الخاص بالجمعيات الخيرية، وحول الرسالة المذكورة، قالت إن «منسوبات الجمعية جميعهن على علم بذلك، وربما البعض تنتحل هوية الجمعية أو تنتسب إليها لتحقيق أغراض شخصية». من جانبها، تحذر وزارة الداخلية السعودية باستمرار من جمع التبرعات النقدية والعينية من دون ترخيص الجهات الرسمية المختصة، وأصدرت الوزارة أواخر الشهر الماضي بيانا قالت فيه إنها لاحظت «تزايد دعوات جمع التبرعات النقدية أو العينية، وذلك عبر وسائل تقنية متعددة، وادعاء وصول تلك التبرعات لمستحقيها، ومن بينهم اللاجئون من الأشقاء السوريين». وشددت وزارة الداخلية على أن جمع التبرعات التي لا تحمل ترخيصا عبر وسائل تقنية متعددة، يعد «مخالفة صريحة للتعليمات التي تنظم جمع التبرعات النقدية والعينية بالمملكة»، مؤكدة أن «الجهات الأمنية المختصة معمدة بالتحقيق وضبط من يقومون بجمع التبرعات من غير المصرح لهم، وتنفيذ الأنظمة بحق من يثبت تورطهم في ذلك، وإبعاد الأجانب منهم عن الأراضي السعودية». من ناحيته، يرى الدكتور عبد الرحمن إبراهيم الحبيب، وهو نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة الملك عبد العزيز، أن هناك استغلالا بشعا لعاطفة أفراد المجتمع، ولكل من يحب الخير ويجهل أو يتجاهل الطريقة السليمة للتبرع، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» «هناك شحن وتحريك للعواطف بأساليب وصور ومشاهد متنوعة وبطرق ووسائل متعددة، ومن ذلك رسائل البريد الإلكتروني، وقنوات التواصل الاجتماعية، ورسائل الجوال، وكل ذلك من أجل جمع أكبر قدر من الأموال النقدية أو التحويلات البنكية أو المواد العينية لأغراض في أغلبها وللأسف مشبوهة». وتابع الحبيب قائلا «ينبغي على كل فرد في المجتمع أن يرفض تمام الرفض كل أشكال الارتجال والفوضى والعشوائية في جمع التبرعات، ولا أشك في أن الفرد الواعي يدرك ويعي مسارات التبرع الرسمية والمعلنة عبر القنوات الرسمية، فعلينا أن نقف ضد كل من يروج لمحتاجين داخل أو خارج المملكة أو لمرضى أو لدعم مشاريع خيرية ما لم تكن نابعة وبشكل مؤكد من مصادر رسمية». ويعلق الحبيب على موقف وزارة الداخلية الحازم تجاه ذلك، قائلا إن «بيانات وزارة الداخلية واضحة وجلية في هذا المجال، حيث وضعت الكثير من الإجراءات والضوابط لتنظيم عملية جمع التبرعات بمختلف أشكالها وأنواعها وآلياتها، كما أن هناك لائحة خاصة لضوابط جمع التبرعات للأغراض الخيرية داخل البلاد وخارجها وأيضا، هناك لجنة خاصة لمراقبة التبرعات». وتمنى نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة الملك عبد العزيز أن تنشط وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بالتعاون المستمر والوثيق مع الجهات التشريعية والقضائية والتنفيذية بتكثيف الحملات الإعلامية والتوعية بمخاطر التبرعات العشوائية، مضيفا «كما ينبغي نشر الإجراءات والضوابط واللوائح التي تنظم عملية جمع التبرعات بأسلوب سهل وواضح لكل القراء والمستمعين والمشاهدين».
مشاركة :