مهرجان كان: حوار مع المخرج اللبناني وسام شرف

  • 5/16/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عرض في مهرجان كان فيلم "من السماء" للمخرج اللبناني وسام شرف، في قسم جمعية الأفلام المستقلة للتوزيع ACID. أجرينا حوارا مع المخرج الذي يقدم فيلمه الروائي الطويل الأول. بعد عشرين سنة من الفراق، يظهر سمير، وهو مقاتل سابق كان يعتقد ميتا، في حياة أخيه الأصغر عمر الذي يعمل حارسا شخصيا في بيروت. فيواجه سمير بلادا تغير فيها الكثير.. يتبنى المخرج اللبناني وسام شرف هذا الأسلوب الذي يصفه بالخط أو القمة التي يلتقي فيها التراجيدي بالهزلي، هو المعجب بروح الفكاهة الجنوني لللبنانيين وبأفلام جاك تاتي والرسوم المصورة... ما هو شعورك بالمشاركة في مهرجان كان ؟ إنه اعتراف جميل بقيمة هذا الفيلم الذي صنع بإمكانيات محدودة جدا، إلا أنه ورغم ذلك لم يقبل أي تنازلات. فبميزانية صغيرة جدا تمكنا من تصوير الشريط في 15 يوما، وذلك إنجاز كبير في حد ذاته ودليل على إمكانية صنع أفلام مختلفة طالما هناك نفس وإبداع. وكأن نقص المال أعطانا حرية في القول والتمثيل والشكل. أن تجد نفسك مع أول فيلم في قسم جمعية الأفلام المستقلة للتوزيع (ACID)،وهو من بين كل أقسام كان الأحدث والأدق في اختياراته، يبعث حقا على الأمل. لماذا العودة مجددا على الحرب الأهلية اللبنانية؟ لأنها تلك هي الحرب التي عشتها في طفولتي والتي صنعت ما أنا عليه اليوم، فقد ولدت في 1973، وصنعت جيلي. وهي لا تزال وكأنها هنا معلقة في الخلفية. ودائما ما يطرحون علي هذا السؤال لماذا نتحدث مرة أخرى ودائما وأبدا عن حرب لبنان في السينما؟ ومن بين أشياء أخرى يرد فيلمي على هذا السؤال. فانظروا إلى الشخصيات التي تعكس أوجه عديدة من المجتمع اللبناني: إنه مستشفى مجانين. إنه مجتمع ضائع يعيش وسط الفوضى، مجتمع مصاب بالقلق والفصام وضحية كل أنواع الفاشية، فنحلم بحمل السلاح على غرار عمر وامتهان سياسة المافيات على غرار ياسمين... أو ندمن الخمر ونحلم بمغادرة البلاد على غرار رامي. وهذا الضياع لم يأت من عدم، فمجتمعنا حقا مصدوم من الحرب الأهلية، ولم نعمل على لملمة الذاكرة الجماعية بعدها.. لم نتصالح مع ماضينا. وحين لا نتصالح مع الماضي، يعود ليربك الحاضر، بما فيه حاضر الشخصيات وحاضر المخرج. Makna لكنك لا تتناول موضوع الحرب بصفة مباشرة.. الفيلم لا يتناول الحرب،لكن يتطرق بطريقة غير كلاسيكية إلى موروث الحرب وإلى حد تأثيره في الحياة اليومية اللبنانية. والحرب تطرح نفسها بصفة تحتية وغير إرادية في الفيلم، فالشخصيات تحملها في داخلها.. لكن لا يمكن لجمها إلى الأبد، لذلك تعود في كل مرة مؤقتا في شكل انفجارات عنف وفي أحيان أخرى في شكل فترات يغيب فيها رد الفعل رغم وجوبه. فعلا، إن الأفلام التي تناولت الحرب الأهلية اللبنانية، تناولتها حتى الآن بأسلوب درامي وقاتم، وربما أن الجمهور سئم ذلك. لكن هذا لا يعني أنه لا يجب الحديث عن الحرب بعد، فذلك يعني التنازل عن مسؤوليتنا. يجب إيجاد طرق أخرى لطرح الموضوع على المشاهدين، عبر طرق ملتوية. فهناك إمكانيات عديدة في السينما لا تزال تستهوي الجمهور، وهذا ما حاولت صنعه. ثم إن الفيلم لا يتناول فقط مسألة الحرب، بل أيضا وخصوصا هو فيلم حول إعادة جمع شمل عائلة، وأخوان. إنها قصة رغبة، قصة حب فاشلة، قصة شبح يحل على الحياة اليومية. الحرب ليست سوى خلفية لبنان المعاصر. أنت تستحضر أرواح الحرب بنبرة تراجيدية-فكاهية... هل هذا للنسيان أم للذكرى؟ أنا لا أستحضرهم بل هم يستضيفون أنفسهم! فالأخ الأكبر سمير يأتي من السماء، حقيقة ومجازا ويحل في حياة أخيه. إنه بحد ذاته سؤال مفتوح لا يقدر هو نفسه على الإجابة عليه. وإذا كان الأسلوب تراجيديا-فكاهيا فلأنني أردت تناول هذا الظهور بطريقة مختلفة. عادة ما يرافق الصراخ والمؤثرات الخاصة والخوف ظهور شبح. أردت على خلاف ذلك انتهاج نوع من الإزالة التدريجية، يدرك سمير أن لا هوية له وأن والده نسيه وأن حبيبته السابقة تريد التثبت من حمضه النووي للتأكد من أنه إنس.. أو جن. وفي النهاية، زميله السابق في القتال يطلق عليه النار دون أن يصيبه خدش، فيدرك أن وضعه ليس طبيعيا. فالرسالة التي أريد نقلها هي تقبل طبيعته كشبح أكثر من مسألة النسيان والذكرى. فعمر يتقبل عودة أخيه ثم اختفاءه ثانية تاركا له إرث ماض قتالي. وفي الأثناء، استعاد كل مكانة جدلية : فالأول يصبح قاتلا والثاني يلقي بنفسه في البحر. Makna أنت مخرج وممثل وكاتب سيناريو وتعرف جيدا هذا الوسط، فماهي السينما اللبنانية بالنسبة لك؟ هل يمكننا الحديث عن سينما لبنانية؟ ربما في حال كانت تمولها المؤسسات الرسمية اللبنانية... لكن أغلب الأفلام المصورة في لبنان هي ذات تمويل خارجي، لذا أفضل الحديث عن سينما مصورة في لبنان. هناك محاولات لبعض الهيئات شبه الحكومية ولبعض الوزارات للترويج لهذه الأفلام في المهرجانات الكبرى، فأشكرها، لكن لا توجد أي صناعة أو تمويل يذكر للسينما على المستوى العمومي. فكل يحاول أن يدبر أمره من جهته عبر تمويل خارجي أو سند خواص. وهذا التنظيم يأتي بثماره أحيانا. ففي 2015-2016، صورت أكثر من خمس أفلام طويلة في لبنان. وهذا العام يعرض فلمان طويلان وفيلم قصير في مهرجان كان، وهذا هائل بالنسبة لبلد صغير لكن لا يعني بالضرورة أن هذا القطاع منتعش. قد لا يصور أي فيلم السنة المقبلة في لبنان، فمن الواضح أن السينما ليست أولوية الدولة اللبنانية. وصراحة، إذا رأيت كيف تعاملت الحكومة مؤخرا مع أزمة النفايات تقول من الأفضل أن لا تشرع في مجال السينما! مها بن عبد العظيم نشرت في : 16/05/2016

مشاركة :