سِرُّ فنان قاع المحيط

  • 1/17/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أدى شغف الياباني يوغي أوكاتا وحبه لعالم البحار إلى ترك مهنته المكتبية بعد أن شارف على الأربعين، وتفرغ للغوص في أعماق المحيط، هوايته التي تعلمها منذ الصغر، وجمع بينها وبين حب التصوير، فكان يحمل آلة التصوير تحت الماء، ويغوص بها في أعماق الساحل الجنوبي لليابان، من أجل الاستكشاف والتعرف على المزيد من خبايا الأعماق! وفي إحدى رحلاته الاستكشافية شاهد تكوينا هندسيا من الرمال على شكل دوائر، قطر الواحدة منها نحو ستة أمتار، تتألف من تلال متعددة، تتفرع بشكل متناظر من المركز، وتبدو في غاية الدقة والروعة، لم يُشاهِد لها مثيلا على مدى 50 عاما قضاها في الغوص وتوثيق الأعماق بالصور، وفي أثناء مكوثه في الأعماق شاهد الدوائر الهندسية تتكون فجأة في كل مكان حوله بمنتهى الدقة، وكأن خلف تكوينها يد فنان بارع. وحين حمل صوره إلى السطح اكتشف أن هذه اللوحة لم يسبق لأحد من قبله أن رآها؛ لذا صمم يوغي على معرفة سر هذا المنظر العجيب الذي أطلق عليه اسم "الدوائر الغامضة"، فعاد إلى المكان نفسه ومعه فريق علمي للكشف عن سر هذه اللوحات الرملية المتقنة والمزينة بالقواقع، وبعد الدراسات والتصوير المتواصل كشف التلفزيون الياباني نهاية عام 2012 عن هوية ذلك الفنان الغامض! وهو أن هذه التكوينات والتلال الرملية شكلتها سمكة البف اليابانية puffer fish أو سمكة البالون الشهيرة بلذة طعمها رغم سميتها كما تحدثنا عنها في مقال سابق، وصممت الدوائر باستخدام زعانفها الصغيرة وعملت بلا كلل أو ملل لنحت تلك التلال داخلها، ومن ثم شق الأصداف الصغيرة وصفها على طول الخطوط الداخلية للتلال الصغيرة، مضيفة بذلك سحرا خاصا وسرا آخر يضاف إلى أسرار تلك الدائرة وكأنها تحاول تزيين لوحتها الفنية. وبعد الدراسة والمراقبة بآلات التصوير اتضح أن الهدف من هذه اللوحات ليس تزيين قاع المحيط، وإنما هي طريقة الذكر لجذب الأنثى لتضع بيوضها الخفيفة في تلك الأخاديد، مما يحميها من الانجراف مع التيارات المائية أو افتراس الحيوانات للبيوض، وكلما زاد عدد التلال زاد جمال الدائرة، وزاد انجذاب الأنثى لها. أما تلك الأصداف الصغيرة فيرصها الذكر لتوفير الغذاء، حيث يعتبر المراقبون أن الصدف مادة غذائية أساسية للبيض عندما يفقس وللأسماك حديثة الولادة كذلك. إنها هندسة ربانية ألهمها الله لذلك الكائن الضعيف، ليحافظ على نسله ويحمي جنسه.

مشاركة :