جذب الملياردير الشهير وارن بافيت، المعروف بلقب "حكيم أوماها"، اهتمامًا واسعًا هذا العام بسبب مبيعات ضخمة للأسهم من محفظة شركة بيركشاير هاثاواي، حيث بلغت قيمة هذه المبيعات أكثر من 133 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام فقط. كانت من أبرز عمليات البيع التي قام بها بافيت تخليه عن أكثر من ثلثي الحصة التي كانت تمتلكها بيركشاير هاثاواي في شركة أبل، بالإضافة إلى بيع أسهم في بنك أوف أميركا. وعلى الرغم من هذه المبيعات، لا تزال الشركة تحتفظ بمحفظة استثمارية ضخمة تبلغ قيمتها 300 مليار دولار، فإن توجه بافيت الأخير يشير إلى إمكانية تقليص الحصص الاستثمارية في العديد من الشركات في أي وقت، وفقًا لتقرير نشره موقع "Yahoo Finance". ويرى العديد من المحللين أن هذه التحركات قد تحمل رسالة تحذيرية للمستثمرين، مفادها أن السوق ربما يعاني من تضخم في التقييمات، حيث قد تكون أسعار الأسهم الحالية أعلى من قيمتها الحقيقية. ويفسر بيع بافيت لأسهم أبل وبنك أوف أميركا على أنه إشارة إلى اعتقاده بأن أسعار هذه الأسهم اقتربت من قيمتها الفعلية، مما يجعل فرص تحقيق عوائد مجزية في المستقبل أقل جاذبية. بافيت لا يرى أن جميع الأسهم مبالغ في تقييمها، لكنه يواجه تحديًا رئيسًا يتمثل في ندرة الفرص الاستثمارية الكبيرة التي يمكن أن تستوعب ضخ أموال ضخمة دون التأثير على تسعير السوق. وتدير شركة بيركشاير هاثاواي أصولاً ضخمة تصل إلى 600 مليار دولار، تشمل سيولة نقدية وسندات خزينة، ما يعقد من قدرة الشركة على إيجاد استثمارات ذات عوائد مغرية. وفي رسالته السنوية إلى المساهمين في فبراير الماضي، أشار بافيت إلى أن السوق الأميركي يفتقر إلى عدد كاف من الشركات التي يمكن أن تحسن أداء بيركشاير بشكل كبير. وأوضح أن معظم هذه الشركات تم تحليلها بدقة من قبل مستثمرين آخرين، مما يحد من الخيارات المتاحة، مضيفًا أن تقييم الشركات بدقة لا يعني بالضرورة أنها تمثل فرصًا جيدة، خصوصًا إذا كانت أسعارها مرتفعة. وعلى الرغم من مبيعات الأسهم الكبيرة، اشترى بافيت في الربع الثالث من العام أسهمًا بقيمة 550 مليون دولار في شركة دومينوز بيتزا، وهو مبلغ صغير نسبيًا مقارنة بحجم مبيعات الأسهم التي بلغت 36 مليار دولار خلال الفترة نفسها، ورغم ذلك، يمثل هذا الاستثمار نحو 3.7% من أسهم الشركة. وتظهر دومينوز بيتزا أرباحًا قوية ومؤشرات إيجابية، مدعومة بنموذج عمل ناجح وتوسع كبير عبر فتح فروع جديدة، ورغم التحديات التي تواجه الشركات في الأسواق الأكبر، تبدو دومينوز فرصة استثمارية جذابة بالنسبة لبافيت. وتطرح مبيعات وارن بافيت الأخيرة تساؤلات حول مدى دقة تقييمه للوضع الراهن للأسواق، وهل هي تحذير مبطن من تضخم التقييمات أم خطوة احترازية لتجنب مخاطر مستقبلية؟، بينما يستمر بافيت في إدارة أصول ضخمة بحذر، يظل السوق في ترقب دائم لتحركاته التي تحمل إشارات قد تعيد تشكيل قواعد الاستثمار. كما تعكس مبيعات وارن بافيت الأخيرة وتوجهاته الاستثمارية فلسفته الراسخة في التركيز على القيمة الحقيقية للأصول وتجنب المخاطر غير المبررة. ومع إدارته لمحفظة مالية ضخمة بحجم بيركشاير هاثاواي، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين المحافظة على العوائد المجزية والبحث عن فرص استثمارية جديدة في أسواق تتسم بالتقلب وارتفاع التقييمات.
مشاركة :