الأوقات العصيبة تجبر المقترضين الأفارقة على العودة إلىحضن الغرب

  • 5/17/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تقف زيمبابوي على أهبة الاستعداد لطباعة نسختها الخاصة من الدولار الأمريكي، وبيع حيواناتها البرية في المحميات لجمع المال. ولكن العلامة الحقيقية التي تشير إلى أن البلاد واقعة في أزمة مالية، هي لجوئها للاقتراض من صندوق النقد الدولي. وحتى وقت قريب، كانت معظم البلدان الإفريقية تقترض القليل، وفي حالات الضرورة فقط، من صندوق النقد الدولي، باعتباره الملاذ الأخير، لكن يبدو أن هذه الدول تخلت عن كبريائها الآن. فعلى سبيل المثال، أصبحت أنغولا، التي أهدرت مليارات الدولارات خلال السنوات الذهبية لارتفاع أسعار النفط، أحدث دولة في القارة السمراء تقترض من صندوق النقد الدولي. ووقعت غانا العام الماضي اتفاقاً مع صندوق النقد، بعد إسراف الحكومات المتعاقبة في الإنفاق على حملاتها الانتخابية. في حين أن زامبيا، التي أصيب اقتصادها بالشلل بعد انخفاض أسعار النحاس، تتفاوض على اتفاق مماثل. في الواقع أن زيمبابوي هي حالة مختلفة قليلاً، فبعد 15 عاماً من العزلة، تريد حكومة الرئيس روبرت موغابي إصلاح علاقتها مع الغرب عن طريق تسوية متأخرات بقيمة 1.8 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي. وأبدت الصين استعدادها لمساعدة الدولة الإفريقية في تسديد ديونها، ولكن ليس بالحجم الذي يطمح إليه موغابي. وفي حال تمكنت هراري في تسديد المتأخرات المستحقة عليها، ستكون مؤهلة للحصول على قروض جديدة، إلا أن دومينيكو فانيزا، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لزيمبابوي، أكد ضرورة إصلاح النظام الاقتصادي في البلاد أولاً، في حال كانت هراري تود الحصول على قرض، قائلاً: الظروف الاقتصادية صعبة للغاية، ويجب إجراء إصلاحات اقتصادية فوراً. وكأن التاريخ يعيد نفسه مجدداً، ففي ثمانينات القرن الماضي، كان صندوق النقد الدولي يطلب من الدول عدة إصلاحات اقتصادية للحصول على قرض طارئ، وهي سياسة أطلق عليها اسم إجماع واشنطن. وكان العلاج المقترح هو التثبيت على مستوى الاقتصاد الكلي، والذي يعقبه التكييف الهيكلي أو الإصلاحات على مستوى الاقتصاد الجزئي، مثل تحرير الأسعار واتباع برامج الخصخصة، وكذلك تطبيق سياسية التحرير التجاري والمالي. وألقى الكثير من صانعي القرار باللوم على هذه السياسات التي أثرت على مخصصات الدولة لقطاعات التعليم والصحة والشرطة والأمن. وفي تسعينات القرن الماضي، حسنت معظم الحكومات الإفريقية إداراتها الاقتصادية، حيث كبحت جماح العجز والتضخم، كما تراجعت حالات الاختلاس المالي. وفي مطلع هذا القرن، أصبحت حالة العديد من الاقتصادات المالية أفضل بكثير، وبدأت الصين الصين بضخ مليارات الدولارات، في مقابل النفط والنحاس وخام الحديد. كما تدفقت السلع الصينية الرخيصة في أسواق إفريقيا، وعلى الرغم من أن هذه السلع أثرت على الصناعات المحلية، من معامل النسيج والغزل في نيجيريا إلى شركات صناعة الأحذية في غانا، إلا أنها ساهمت في رفع القدرة الشرائية للأفارقة العاديين. وفي الوقت ذاته، ظهرت تطورات إيجابية أخرى، حيث تنازل المانحون الغربيون عن جزء كبير من ديونهم في إفريقيا، في حين بدأت عدة بلدان بالاقتراض من البنوك التجارية. وأصبح مصدرو السلع الأساسية من أنغولا إلى زامبيا يجنون الأرباح. ووسط هذه الوفرة، أصبحت المطالب بالحوكمة الرشيدة والانضباط المالي التي دعا إليها صندوق النقد الدولي، أقل أهمية. والآن، انقلبت الآية وعادت الأوقات العصيبة، إذ انخفضت أسعار السلع الأساسية، وأصبحت أسواق رأس المال أقل سخاءً، وعصف الجفاف في عدة بلدان جنوب أفريقية. وأعلنت موزامبيق مؤخراً، عن وجود ديون مخفية تقدر ب 1.4 مليار دولار في حسابات الحكومة. وموزامبيق ليست البلد الوحيد. فوفقاً لمعهد ماكينزي العالمي، فقد بلغ متوسط عجز الميزانية في القارة، بما في ذلك شمال إفريقيا، نحو 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، أي أكثر من ضعف العجز البالغ 3.3% في عام 2010. وفي تلك السنة، كان لدى إفريقيا فائضاً بنسبة 0.4%، وبحلول عام 2015، تلاشى ذلك ليصبح عجزاً بنسبة 6.7%. وفي مثل هذه الأوقات، تلجأ الحكومات إلى صندوق النقد الدولي. ولحسن الحظ، فإن الوضع الحالي ليس بهذا السوء. ومع قليل من الحظ، تستطيع معظم الدول تجنب الإفلاس الصريح. ويقول آبيبي عمرو سيلاسي، نائب مدير قسم إفريقيا في صندوق النقد الدولي: هناك تحسن كبير في مشهد سياسة الاقتصاد الكلي. وخارج نيجيريا، حيث أعلن الرئيس محمدو بخاري قطع العلاقات مع صندوق النقد الدولي، أصبح هناك ميل جزئي للتعامل مع الصندوق، وذلك لأنهم لم يعودوا ينظرون إليه على أنه يستغل موارد إفريقيا دون مقابل.

مشاركة :