الدوحة- قنا: تمثل زيارة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اليوم إلى الدوحة ولقاؤه مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، نقلة جديدة ودفعة قوية للعلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وتتويجاً لأطر التعاون والتشاور المستمر والدائم بين الدولتين. وترتبط دولة قطر بعلاقات وثيقة متميزة بجمهورية تونس في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية منذ تأسيس الدولة مروراً ببداية العمل الدبلوماسي الذي انطلق سنة 1974 مع إنشاء أول سفارة لدولة قطر بتونس. وتمثل العلاقات القطرية - التونسية نموذجاً ناجحاً للتكامل السياسي والاقتصادي والشعبي القائم على التقدير والتفاهم في كافة القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وقد كانت زيارة سمو الأمير إلى تونس في الثالث من أبريل عام 2014 ومنح فخامة الرئيس التونسي سموه وسام الصنف الأكبر تدشينا لمرحلة جديدة من العلاقات وساهمت في تطوير آليات التعاون وتنويعها. وبعد انتهاء الانتخابات البرلمانية التونسية نهاية 2014، وفوز حزب "نداء تونس" بـ 85 مقعدا، أكد رئيس حزب النداء التونسي، والمرشح للانتخابات الرئاسية وقتها الباجي قائد السبسي أن قطر قادرة على منافسة الدول العظمى على الساحات وفي المحافل الدولية. شهادة السبسي وقال السبسي إن قطر دولة ناجحة ونموذج طيب للإبداعات العربية، وتجربتها الاقتصادية والسياسية محط إعجاب العديد من الدول والشعوب العربية والغربية على السواء، وفيها الطاقات الشابة التي تعتبر من أحسن إنجازاتها. وعلى مدار ما يقرب من ربع قرن هو عمر تأسيس اللجنة العليا المشتركة بين قطر وتونس عام 1994، نمت العلاقات بين الدولتين في كافة الأصعدة وحققت اللجنة عبر اجتماعاتها تقدما كبيراً على صعيد التبادل التجاري والاستثمار المشترك بما عزز من روابط التعاون السياسي أيضا. الشراكة وفي الاجتماع السادس للجنة العليا المشتركة بالدوحة في التاسع من ديسمبر الماضي رسخت قطر وتونس لأسس تعاون ممتد من خلال التوقيع على (11) اتفاق تعاون ثنائي في مجالات الإعلام والثقافة والتدريب الإداري والدبلوماسي والبنوك والاتصالات والأمن والزراعة والصناعات التقليدية. ومن أبرز ملامح الشراكة القطرية - التونسية في السنوات الخمس الأخيرة هو تأسيس صندوق الصداقة القطري التونسي عام 2013 والذي يهدف إلى مساعدة كافة شرائح المجتمع التونسي على تحقيق طموحاتهم من خلال خلق فرص عمل للشباب تلبي احتياجاته وتطلعاته حيث يقوم صندوق الصداقة القطري وبالتنسيق الوثيق مع شركائه المحليين والشباب التونسي على مواجهة تحديات البطالة وندرة العمل. مساهمات قطر ويعد الصندوق منظومة اقتصادية متكاملة ونموذجية هدفها جمع عدد مهم من الشركاء من بينهم مؤسسات عمومية وخاصة وجمعيات تونسية تعمل على توفير التمويل للشباب التونسي ومساعدته، وقد موّل الصندوق حتى أبريل 2016، نحو 345 مشروعا ووفر أكثر من 6600 فرصة عمل من خلال دعم وإحداث أو توسعة مؤسسات صغرى ومتوسطة. الاستثمار وفي ظل سعي الحكومة التونسية إلى استعادة ثقة كبار المستثمرين بهدف دفع النمو واستيعاب أكبر قدر ممكن من الشباب في سوق العمل، كانت قطر سباقة في الوقوف بجانب تونس للنهوض باقتصادها وتعزيز مكانتها وأصبحت قطر الأولى عربيا والثانية عالميا بعد فرنسا من حيث الاستثمار بنسبة 13% من جملة الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل تونس. المساعدات وقد تصاعد نسق المساعدات والهبات واتفاقيات التعاون بين تونس ودولة قطر بشكل كبير بعد التحول السياسي بالبلاد عام 2011، حيث تواصلت المساعدات القطرية لتونس على الصعيدين الرسمي وغير الرسمي.. فقد تم افتتاح المكتب الخامس عشر لجمعية قطر الخيرية والتي بلغ حجم استثماراتها هناك ما قيمته 15 مليون دولار، فضلا عن مساهمة قطر بنحو 20 مليون دولار في صندوق المال المشترك الذي استحدثته الحكومة التونسية لتعويض المساجين السياسيين والمنتفعين بالعفو التشريعي العام وساهمت الوديعة القطرية في البنك المركزي التونسي في دعم احتياطي الدولة من العملة الأجنبية، إضافة إلى مشروعات الإسكان الاجتماعي الذي تموله دولة قطر وغيرها من المشروعات التي تساهم بها مؤسسات وجمعيات قطرية لخدمة المجتمع في تونس. الاستثمار الخارجي ويأتي اختيار الدوحة لاستضافة أول مكتب للوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي عام 2015 في المنطقة العربية كدليل آخر على عمق الروابط التي تجمع الدولتين حيث يتولى مكتب الدوحة جذب المستثمرين القطريين للاستثمار في تونس وتعريفهم بمناخ الاستثمار هناك والحوافز التي تقدمها للمستثمرين من ناحية الأداءات التنافسية والمناخ المشجع. وكانت دولة تونس من أول الداعمين لحق استضافة قطر لنهائيات كأس العالم 2022 وشكلت مبادرة شعبية تونسية للدفاع عن هذه الاستضافة والتصدي لكافة حملات التشكيك والتشوية ضد قطر باعتبارها موجهة ضد العرب ككل. تأييد مرشح قطر الأمر ذاته تحقق مع مرشح دولة قطر لمنصب مدير عام اليونسكو سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، إذ أعلنت تونس تأييدها لمرشح دولة قطر مديراً عاماً للمنظمة الدولية، معتبرة أنه يمثل تونس في الفوز نحو إدارة اليونسكو. وتتماهى المواقف القطرية التونسية حيال قضايا المنطقة وعلى رأسها الوضع في سوريا وليبيا، وخلال الزيارة الأخيرة لسعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى تونس في شهر مارس أكدت الدولتان موقفهما الواضح من الملف الليبي والمتمثل في ضرورة إيجاد حل سياسي بين الفرقاء السياسيين في ليبيا وانتهاج المسار التوافقي بين جميع الأطراف. الأمر ذاته بشأن الملف السوري، حيث أكدت قطر وتونس على ضرورة الاستمرار في نهج الحوار لحل الأزمة في سوريا.
مشاركة :