عانى المستثمرون في شركات النفط العالمية صعوبات واضحة خلال العقد الحالي، مع حقيقة هبوط أسعار الخام، وهبوط العوائد بشكل كبير مقارنة بالقطاعات الأخرى. وأوضح تقرير نشرته الإيكونوميست أنه قبل هبوط أسعار الخام في عام 2014، كانت الشركات النفطية تلقي بالأموال في مشروعات مكلفة للتنقيب في القطب الشمالي، وبناء محطات الغاز العملاقة، ما قلص عوائد الشركات النفطية الكبرى مقارنة بالمؤسسات في القطاعات الأخرى منذ عام 2009. شهد قطاع النفط في العامين الماضيين ارتفاعا في وتيرة الأزمة، التي وصفتها مجموعة بوسطن للاستشارات بأنها أسوأ أزمة في زمن السلم. وظهرت الأزمة في نتائج أعمال الربع الأول للعام الحالي لشركات إكسون موبيل، وشيفرون، ورويال داتش شل، وبي بي، وتوتال والتي تأثرت بهبوط الأسعار أدنى 30 دولارًا للبرميل في منتصف شهر فبراير/شباط الماضي. وتعافت أسعار النفط منذ ذلك الوقت إلى مستوى 45 دولاراً للبرميل تقريباً، بالإضافة إلى قيام الشركات بخفض التكاليف بشكل صارم، ما رفع من الإيرادات بأكثر من التوقعات. كما ظهرت بعض الجوانب الإيجابية خلال الفترة الماضية، مع تفوق أسعار أسهم شركات النفط الكبيرة على مؤشر ستنادرد آند بورز 500 بنسبة 9 % منذ بداية العام الجاري. عوامل إيجابية على الجانب الآخر، ينظر المتفائلون لأبعد من هذه العوامل لعدة أسباب، أولا أن عملية ضبط التكاليف أصبحت أساسية على مستوى الصناعة، حيث أعلنت شل خططا لخفض التكاليف التشغيلية والإنفاق الرأسمالي بنحو 30 مليار دولار بنهاية العام الحالي مقابل 2014. كما يتمثل السبب الثاني للتفاؤل في تحول النظر للمشروعات الاستثمارية لمزيد من الواقعية مقارنة بالسنوات السابقة التي كان يُعتقد فيها أن الأسعار سوف تستمر أعلى مستوى 100 دولار للبرميل، وثالثا أن الشركات الكبرى غير معرضة للشروع في الإسراف في اندماجات كبيرة مثلما حدث في تسعينات القرن الماضي. رغم تنفيذ صفقة استحواذ شل على بي جي وتجاهل معارضة بعض المساهمين، إلا أن سلطات حماية المنافسة ومنع الاحتكار رفعت من مستوى الرقابة، حيث ألغت هاليبرتون خططاً للاستحواذ على بيكر هيوز مقابل 28 مليار دولار، بسبب مخاوف خاصة بالاحتكار. تظهر بعض الشكوك بشأن استمرار الانضباط في إنفاق شركات النفط في حال ارتفاع الأسعار بوتيرة أكبر، بينما يرى بول سبيدنج الرئيس السابق لأبحاث النفط في إتش إس بي سي أن هذا التذبذب في الانضباط يمثل حقيقة دورة الأعمال التجارية وسوف يستمر دائما. التعافي من الأزمة لا يزال من السابق لأوانه إعلان قطاع النفط انتصاره على الأزمة، مع احتمالات تجدد الاتجاه الهابط للأسعار في المدى القصير، وضرورة الاستعداد للمستقبل الذي يحمل عدم اليقين بشأن الطلب على الخام بسبب تغيرات المناخ والتلوث ومصادر الطاقة البديلة. تقول شركة سانفورد بيرنشتاين للأبحاث إن ذروة الطلب لا تعتبر وشيكة، مشيرة إلى أن دورة النمو من قبل شركات النفط قد تستمر لمدة 15 عاما أخرى، إلا أن الشركات بحاجة للتركيز على العوائد أكثر من الاحتياطات. وتسجل عوائد شركات النفط انخفاضاً ملحوظاً، كما أن مستويات الديون لا تزال مرتفعة بشكل كبير، حيث أعلنت شل الأسبوع الماضي أول نتائج أعمال منذ الاستحواذ على بي جي جروب، حيث بلغ العائد على متوسط رأس المال المستخدم 3.8%، ما يقل عن تكلفة رأس المال، مع وصول صافي الدين إلى 69 مليار دولار.
مشاركة :