يا دايم السيف جفت صدورنا..

  • 5/17/2016
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

في مكالمة مع الدكتور غازي القصيبي (رحمه الله) إبان تقلده منصب وزير العمل، وبعد تعقيب منه على مقالة كتبتها عن تلك الوزارة استظرفت نفسي وقلت له: - أحرقك تقلد هذا المنصب يا دكتور، فهي وزارة الكل ضد، ومهما فعلت فلن تظهر لك بصمة. وفي مجلس الأمير خالد الفيصل سألته سؤالا على ضفاف أحاديثه عن مشاريع منطقة مكة المكرمة: - لقد سرقتك إدارة الإمارة عن إمارة الشعر. ولأنه مرهف إزاء كل كلمة تقال في مجلسه أصغى لتكملة عبارتي: - هل استطاعت تكبح مخيلة الشاعر خالد الفيصل حتى أنها جعلته توقف عن الشعر.. ونفى أنه توقف عن هذا. وأجدني في ذكر المثالين السابقين مقاربة حالتين تعترضان أي مبدع حينما يتفرغ لمسؤوليته الوظيفية، فأرى أن الدكتور غازي القصيبي أحرقته الإدارة، وأن خالد الفيصل سرقت منه الإدارة الشعر. ونذكر أن الشاعر خالد الفيصل بذر عشرات الأغاني في وجداننا حتى إذ استطال نباته فينا كف عن بذر الأغاني في دروبنا، وكف عن رش مياه في عرصات صدورنا، ولأنه فعل ذلك فمن حقنا أن نقول له إن عملت أميرا لمنطقة وأثريت منصبك بالعديد من المشاريع الناجحة إلا أنك تترك قلوبنا جافة على وشك التيبس. أذكر أن كاتب أغان قال لا يهم من يكتب الدستور ما دمت أكتب الأغاني. فالغناء وسيلة توحيد الناس على المحبة، وسر الوجود قائم على هذه المحبة. نعم تعرضنا إلى (قاصمة الظهر) حين تم تعميم أن الغناء حرام، وأشاعوا ذلك الحكم على المطلق حتى أن الناس يحذرون من وجود موسيقى في رسالة أو قناة أو مكالمة فيبست أحاسيسنا. وحين تفرغ الإنسان من الماء يصبح داخله موحلا حتى أن الإحساس ترسب خطواته، ولا يجد إلى نزع نفسه نزعا، وذا ما حدث. هذا الموقف حدث في فترة انحدار الغناء، وموت كبراء الشعراء والمطربين والملحنين حلت طبقة من المطربين تقول مالا يقال من سفاسف القول وظهرت الموسيقى العرجاء فكان حكم التحريم دافعا للعزوف ولو بقينا على درر الكلمات وشلالات الموسيقى والطبقة العالية من المؤدين لما كان هذا الفصل الحاد بين الإنسان والغناء. يبدو أن الحمية قد أخذتني إلى مسار آخر، ولذلك أعود وأقول عندما غابت كلمات خالد الفيصل وبدر بن عبدالمحسن وإبراهيم عواجي وثريا قابل -وثلة كبيرة من أصحاب الكلمة- تسللت الوحشة إلى صدورنا. أذكر هذا الغياب فرحة بعودة كلمات بدر بن عبدالمحسن على حنجرة محمد عبده هذا الكاتب الذي يعد كفرد أنه (رحابنة) السعودية من خلال كلمات أبدع في تشكيل الصورة الشعرية على غير ما ألفنا وفتح طرقا عديدة لمخيلة الشعراء في استنباط المعاني التي تحقق جدة الشعر وتفرد المبدع. فهل تكون عودة بدر بن عبدالمحسن هي عودة الكثير من الشعراء الأفذاذ للتحليق في سماء الإبداع مرة أخرى بما يليق برقة قلب الإنسان ويلتصق وجوده بمكونات الوجود. وكما بدأت هل يعود خالد الفيصل ليوحد الوجدان فإبداعه الشعري يعمم على كل قلب، بينما عمله الإداري خاص بالمنطقة التي يديرها. أخيرا، كم اشتقنا لتعميم الجمال في قلوبنا.

مشاركة :