في حين ترتبط الموسيقى الشعبية في الشرق الأوسط غالبًا بالآلات التقليدية كالعود والناي، توجد ظاهرة أقل شهرة لكنها مدهشة: الموسيقى الميكانيكية. تشمل هذه الظاهرة الآلات الموسيقية التي تعمل بتقنيات ميكانيكية، مثل أورغنات الفخار وآلات العزف اليدوية (مثل صناديق الموسيقى اليدوية) التي اشتهرت في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط، لكنها بقيت على هامش المشهد الموسيقي العام. ويبرز جريدة وموقع الفجر عن مراحل استخدام الموسيقى الميكانيكية التاريخ الغامض للأورغن الميكانيكي في الشرق الأوسط ظهرت الآلات الموسيقية الميكانيكية لأول مرة في الشرق الأوسط خلال القرن التاسع عشر، متأثرة بتطورها في أوروبا. انتشرت بشكل رئيسي في المدن الكبرى مثل القاهرة، بيروت، وحلب، حيث كانت تُعتبر رمزا للحداثة والانفتاح الثقافي. كان أصحاب المقاهي والأسواق الشعبية يستخدمون هذه الآلات لإضفاء أجواء احتفالية دون الحاجة إلى توظيف عازفين محترفين. ومع ذلك، فإن هذه الآلات لم تكن خالية من الجدل؛ حيث اعتبرها البعض تدخلاً أجنبياً يهدد الأصالة الموسيقية الشرقية، بينما رأى آخرون أنها فرصة لتطوير الموسيقى الشعبية بأسلوب مبتكر. كيف تعمل الموسيقى الميكانيكية؟ الآلات الموسيقية الميكانيكية تعتمد على تصميم هندسي دقيق يجعلها قادرة على إنتاج ألحان متكررة دون تدخل مباشر من العازف. أورغن الفخار: يتميز بتقنيات تعتمد على دفع الهواء عبر أنابيب فخارية، ما يخلق نغمات موسيقية فريدة. صناديق الموسيقى اليدوية: تعتمد على أسطوانة مثقبة تديرها اليد لإصدار أنغام تم برمجتها مسبقاً. الموسيقى الميكانيكية والموسيقى الشعبية: علاقة معقدة في بعض مناطق الشرق الأوسط، اندمجت الموسيقى الميكانيكية مع الموسيقى الشعبية لتقديم عروض مبهرة في المناسبات العامة والأعياد. على سبيل المثال: في سوريا، كانت هذه الآلات تُستخدم لعزف الأغاني التراثية مثل القدود الحلبية. في لبنان، استُخدمت لتقديم ألحان عاطفية تعكس هوية جبل لبنان. أما في مصر، فانتشرت خلال فترة الخمسينيات في المقاهي الشعبية، حيث كانت تقدم الموسيقى المصاحبة للرقصات التقليدية. التهديد الثقافي أم التطوير الفني؟ يثير استخدام الموسيقى الميكانيكية نقاشاً محتدماً حول تأثيرها على الموسيقى التقليدية. وجهة النظر المحافظة: يرى بعض الموسيقيين التقليديين أن الاعتماد على الآلات الميكانيكية يقلل من القيمة الفنية ويضعف الروح الحية التي يقدمها العازف البشري. وجهة النظر المتفائلة: يعتقد آخرون أن هذه الآلات تُساهم في الحفاظ على التراث الموسيقي عبر توثيقه بطريقة قابلة لإعادة الإنتاج، مما يتيح للأجيال الجديدة فرصة استكشاف ألحان من الماضي. هل ستعود الموسيقى الميكانيكية إلى الواجهة؟ مع تطور التكنولوجيا، هناك محاولات لإعادة إحياء الموسيقى الميكانيكية بأساليب حديثة. يقوم فنانون معاصرون في الشرق الأوسط بتصميم آلات جديدة تستوحي تقنيات الماضي ولكن تضيف لها لمسات إلكترونية. خاتمة سواء كنت من المؤيدين أو المعارضين، لا يمكن إنكار أن الموسيقى الميكانيكية تمثل صفحة مهمة في تاريخ الموسيقى في الشرق الأوسط. ومع تزايد الاهتمام العالمي بالموسيقى التقليدية، قد تكون هذه الآلات القديمة مفتاحاً لإبراز التنوع الثقافي والفني للمنطقة.
مشاركة :