الحياة تدب من جديد بين أنقاض مدينة معرة النعمان

  • 12/17/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أعاد بلال الريحاني فتح محله هذا الأسبوع مع زوجته وابنه البالغ من العمر 14 عاما، من دون ماء أو كهرباء، لإعداد الفطائر المطيبة بالقرفة التي اختصت أسرته بصنعها منذ 150 عاما. وعلى الرغم من الدمار الهائل المحيط بمتجر الحلويات، لا تتوقف طلبات الزبائن. تمر السيارات عبر المباني المهدمة قاصدة المتجر، فتتوقف أمامه وتطلق بوقها. زبائن بلال هربوا مثله جراء المعارك وها هم يعودون إلى المدينة لإعادة بناء منازلهم. قال الرجل البالغ من العمر 45 عاما "عملي هنا أفضل بكثير مما كانت عليه الحال في المخيم" الذي لجأ إليه. وتابع "كان هذا الشارع تجاريا بامتياز. لم تكن تتوقف فيه الحركة، ليل نهار". محور استراتيجي لسوء الحظ، تقع معرة النعمان على المحور الاستراتيجي للطريق إم5 M5 الذي يربط حلب، ثاني مدن البلاد (شمال غرب) بالعاصمة دمشق، وشهدت معارك عنيفة عام 2012 بين مقاتلي الفصائل المسلحة الذين باتوا اليوم في السلطة وجيش الرئيس المخلوع بشار الأسد. بعد أن أصبحت المدينة عام 2017 تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" التي قادت تحالف الفصائل التي دخلت دمشق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، استعادها الجيش السوري عام 2020 بدعم من سلاح الجو الروسي الذي أدى قصفه المكثف إلى دفع آخر السكان نحو مخيمات النازحين في إدلب، معقل المعارضة المسلحة. وكان عدد سكان المدينة التي حاصرها الصليبيون في بداية الألفية الثانية، يقارب 100 ألف نسمة قبل النزاع. لكنها تحولت إلى مدينة أشباح، مثلها مثل كثير من مدن البلاد التي لحق بها دمار هائل. ولم تشجع السلطات سكان المدينة على العودة إليها، خوفا من الألغام والذخائر غير المنفجرة بين الأنقاض. لكن الخوذ البيضاء الذين وفروا الأمن المدني في مناطق المعارضة طوال فترة الحرب، بدأوا نشاطهم. وفيما كانوا يستعدون لنقل أربع جثث في أكياس إلى سيارة اسعاف، قال أحدهم إن الموتى "جنود في الجيش قتلوا على يد أتباع الأسد". فهل هي تصفية حسابات؟ لم يقل أكثر من ذلك. أدى النزاع في سوريا الذي اندلع عام 2011 بسبب القمع الوحشي للاحتجاجات المؤيدة للديموقراطية، إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص وتشريد الملايين. إعادة الاعمار بشكل أفضل عند التقاطع التالي، يقوم فريق آخر على متن جرافة برفع الردم لفتح الطريق. ويقول الشرطي جهاد شاهين (50 عاما) "النشاط يعود إلى المدينة ... تم تنظيف هذا الحي ونحن هنا لحماية الناس وممتلكاتهم. سنعيد البناء بأفضل مما كان عليه من قبل". لكن كفاح جعفر المسؤول المحلي في "مديرية المناطق المحررة" ومقرها في مبنى يعود تاريخه إلى فترة الانتداب الفرنسي على سوريا، يقول إن الأمر يتطلب وقتا. ويقول "لا مدارس ولا خدمات اساسية. في الوقت الحالي نحاول تنظيم أنفسنا لمساعدة الناس بأفضل طريقة. لكن الأمر سيستلزم جهدا والكثير من المساعدة، فالمدينة تفتقر إلى كل شيء". وكفاح جعفر معتاد على ذلك، حيث كان يشرف على أحد مخيمات النازحين في إدلب قبل أن يعود إلى مدينته ويجمع طلبات وحاجات سكانها. وفي الطرف الآخر من المدينة، لا يكترث إيهاب السيد وإخوته للشح ويعملون على رفع سقف منزلهم المنهار. ويقول إيهاب (30 عاما) وهو يعد القهوة على الرصيف وابنه البالغ من العمر أربع سنوات إلى جانبه، إنه اصيب بجروح خطيرة في قصف روسي عام 2017 وخضع لعدة عمليات في الدماغ لاستعادة قدرته على الحركة. ويضيف وسط الجو البارد "الناس هنا بسطاء، كل ما نحتاجه هو الأمن. عدنا قبل خمسة أيام لترميم المنزل والعيش هنا". ويوضح "لقد تخلصنا من الأسد، وهذا يمدنا بالشجاعة والقوة".

مشاركة :