جددت أحكام بسجن أكثر من 150 محتجاً في مصر مطالب حقوقيين ونواب بتعديل قانون تنظيم التظاهر الذي أقر في نهاية العام 2013 لمنع الاحتجاجات التي أعقبت عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وقضت محكمة جنح قصر النيل بالحبس سنتين بحق 51 متهماً ألقي القبض عليهم في وسط القاهرة، وقضت محكمة أخرى بالسجن 5 سنوات بحق 101 متظاهر أوقفوا في منطقتي الدقي والعجوزة في 25 نيسان (أبريل) الماضي حين منعت قوات الأمن احتجاجات دعت إليها قوى سياسية وناشطون ضد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية. وأثارت تلك الأحكام تعليقات من حقوقيين ومنظمات مجتمع مدني وإعلاميين، طالبت في غالبيتها بتعديل قانون التظاهر الذي أُسست عليه تلك الأحكام. وحددت محكمة جنح مستأنف قصر النيل جلسة السبت المقبل للنظر في الطعن بالاستئناف المقدم من 51 محكوماً لإدانتهم بـ «الاشتراك في تظاهرة في وسط القاهرة، على نحو يخالف أحكام قانون التظاهر في ذكرى عيد تحرير سيناء في 25 نيسان الماضي». وناقشت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب أمس مع وفد من المجلس القومي لحقوق الإنسان موضوع قانون التظاهر والمطالب بتعديله، تمهيداً لطرح الأمر على البرلمان. واستمر الاجتماع ساعات عدة. كما ناقش المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للدولة أمس موضوع تعديل القانون مع وفد من مكتب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ترأسه مستشار المفوض الأممي رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية محمد النسور. وذكر أعضاء المجلس في الاجتماع، وفق بيان للمجلس، أنه يسعى إلى «التعاون مع مؤسسات الدولة كافة، بما يخدم قضايا حقوق الإنسان»، وأنه سيتعاون مع مجلس النواب، وبخاصة لجنة حقوق الإنسان، في تقديم عدد من مشاريع القوانين، منها تعديلات على قانون التظاهر. وسجل رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان النائب محمد أنور السادات موقفاً لافتاً بانتقاده الأحكام بسجن المتظاهرين. وقال في بيان إنه «يعجب من سرعة إصدار الأحكام ضد الشباب المشاركين في التظاهرات، بينما تنظر (محاكم) كثيراً من القضايا سنوات عدة من دون أحكام، والتغاضي عن الكثيرين ممن تصدر بحقهم أوامر ضبط وإحضار». وأشار إلى أن «هذا الأمر يضرب الثقة في القضاء الذي يمثل إحدى ركائز استقرار الدولة. انعدام الثقة في القضاء يودي بالبلاد إلى الفوضى». وأكد أن «التظاهر حق يكفله الدستور للجميع، مطالباً بوجود مساحة حقيقية للتعبير عن الرأي والرأي الآخر من دون محاباة أو تحيز». وقال السادات لـ «الحياة» إن لجنة حقوق الإنسان ستضع ضمن أولوياتها تعديل قانون التظاهر الذي تصدر بموجبه تلك الأحكام. وقال إن اللجنة «ستناقش التعديلات المقترحة من المجلس القومي لحقوق الإنسان، في محاولة لإيجاد وسيلة قانونية تسمح للشباب بالتعبير عن آرائهم». لكن يبدو أن الأمر ليس يسيراً، إذ قوبل وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان بانتقادات من نواب في لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، بسبب تعليقات أعضاء المجلس في وسائل الإعلام على الأحكام بسجن المتظاهرين التي يؤيدها قطاع من نواب البرلمان. واضطر رئيس اللجنة البرلمانية إلى الاعتذار لأعضاء الوفد الحقوقي بسبب انتقادات لاذعة تلقاها الوفد من نائب وصف المجلس القومي لحقوق الإنسان بـ «الفاشل». وسأل: «ماذا تريدون من القضاء؟». وقال لـ «الحياة» رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة إن «قانون التظاهر يُمثل تضييقاً على حق المواطنين في التظاهر السلمي الذي كفله الدستور»، مشدداً على ضرورة تعديل القانون. وطالب رئيس الجمهورية بإصدار عفو عن الشباب المحكومين في قضايا تظاهر سلمي. وقال إن «الجميع يتفق على ضرورة تنظيم التظاهر بالقانون، ولكن يجب أيضاً التدقيق في التحريات التي تُجريها سلطات الأمن ويعرض بموجبها المتهمون على النيابة والتي تحوي اتهامات بقطع الطرق والاعتداء على المنشآت العامة». وتعجب من «توجيه اتهامات للمتظاهرين المحتجين على قرارات حكومية، فيما يتم غض الطرف عن المتظاهرين المؤيدين للحكومة، ما يُبرز إشكالية عدم تطبيق العدالة». واعتبر المحامي الحقوقي طارق العوضي أن المشكلة لا تكمن فقط في قانون التظاهر ببنوده الحالية التي يتناقض بعضها مع الدستور، ولكن أيضاً في الممارسة، المتعلقة بتطبيق القانون، خصوصاً من الجهات الأمنية. وأوضح لـ «الحياة» أن محاضر الضبط التي يتم إرسالها مع المتهمين إلى النيابة العامة «تحتوي اتهامات مُرسلة تُكتب بصيغة واحدة وتضم اتهامات ثابتة للموقوفين، من بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية وقطع الطرق والتحريض على مهاجمة المنشآت، وأمور أخرى». وقال إن «محاضر الشرطة في وقائع مختلفة وفي مناطق متباعدة تُكتب بالصيغة نفسها، وحتى بالأخطاء الإملائية نفسها، ما يشير إلى أن الاتهامات ثابتة ومعدة مسبقاً ويتم تقديمها إلى النيابة العامة بصياغة موحدة».
مشاركة :