كررت إسرائيل أمس رفضها الاقتراح الفرنسي بعقد مؤتمر دولي لتحريك العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، وعلق رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته بعد دقائق من لقائه في القدس المحتلة وزير الخارجية الفرنسي مارك أييرو، رفض الاقتراح الفرنسي على شماعة «عدم نزاهة فرنسا» في أعقاب تصويتها قبل أسبوعين في «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (يونيسكو) على قرار «ينفي العلاقة التاريخية بين الشعب اليهودي وجبل الهيكل (المسجد الأقصى)». وقالت الإذاعة الإسرائيلية أن تصويت فرنسا أتاح لإسرائيل حجة قوية لتبرير رفضها التحرك الفرنسي، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس سيصل إلى إسرائيل نهاية الأسبوع في محاولة أخرى لإقناعها بالعدول عن رفضها. وقال نتانياهو في تصريحاته لوسائل الإعلام: «التقيت هذا الصباح وزير خارجية فرنسا وأبلغته أن تصويت فرنسا إلى جانب القرار الفضائحي لمنظمة يونيسكو الذي لا يعترف بالعلاقة التاريخية منذ آلاف السنين بين الشعب اليهودي وجبل الهيكل، يلقي بظلاله على نزاهة المنتدى الذي تحاول فرنسا عقده، ورد عليّ بالقول إن هذا الموقف نجم عن سوء تفاهم، وأنه سيهتم شخصياً كي لا يتكرر». وأضاف أنه أوضح للوزير أن المبادرة الفرنسية ليست حلاً للسلام، وأن الطريق الوحيدة للسلام الحقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين هي من خلال المفاوضات المباشرة بيننا وبينهم بلا شروط مسبقة، وأي حل آخر يُبعد السلام ويمنح الفلسطينيين نافذةً للهروب بهدف الامتناع عن مناقشة أساس الصراع المتمثل برفض الاعتراف بإسرائيل». وأردف أنه من خلال المفاوضات المباشرة، حققت إسرائيل السلام مع مصر والأردن، مضيفاً أن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس (أبو مازن) «يواصلان التحدث إلى جمهورهما عن إسرائيل الصغيرة داخل الخط الأخضر، ويربيان شعبهما على أن يافا والقدس وبئر السبع تابعة لهم، وأنهم سيعودون إليها. لكن هذا لن يحصل. إنهم يعرفون أنه لن يحصل... وعلى المجتمع الدولي أن يقول رأيه في هذا الموضوع». واعتبرت أوساط سياسية حديث نتانياهو تأكيداً جديداً أن إسرائيل لا تعتزم المشاركة في مؤتمر دولي تخطط له فرنسا. وأبرزت وسائل الإعلام العبرية في عناوينها أن نتانياهو لم يتردد في توبيخ الوزير الفرنسي الضيف على موقف بلاده، ما اضطره إلى تقديم الاعتذار، متعهداً تصحيح الخطأ. وكتبت «معاريف» أن إسرائيل لم تقتنع بأن الاعتذار الفرنسي صادق «إنما هو موقف تكتيكي يراد منه مصالحة إسرائيل ومحاولة إقناعها بالمشاركة في المؤتمر». وأضافت أن إسرائيل تستمد رفضها المبادرة الفرنسية أيضاً من عدم حماسة الولايات المتحدة للمشروع الفرنسي، وأنه ليس واضحاً بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك فيه. وأفادت أوساط الوزير الفرنسي بأنه أوضح لنتانياهو أن فرنسا تتحرك بشفافية تامة في كل ما يتعلق بإسرائيل، وأن الهدف من زيارته هو إجراء حوار مباشر معها. ونقلت تأكيده أن فرنسا لا ترى في أي مؤتمر بديلاً لمفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، «لكن في غياب مفاوضات كهذه، تحاول فرنسا تحريك المجتمع الدولي من جديد في شأن مسائل مشتركة، في مقدمها تأكيد التزام حل الدولتين، وتوفير شروط تحض على استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين، مضيفاً أن موقف فرنسا من القدس لم يتغير، وأن هذه المدينة هي في صلب أكبر الديانات الثلاث في العالم وتابعة لجميع المؤمنين اليهود والمسلمين والمسيحيين، و «فرنسا ملتزمة حرية الوصول إلى جميع الأماكن المقدسة وحرية العبادة في القدس». وكان نتانياهو أبرق قبل أسبوع للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند رسالة شديدة اللهجة احتج فيها على تصويت فرنسا في «المنظمة التي يفترض أن تحافظ على التراث التاريخي العالمي، لكنها تدهورت بإعادتها كتابة التاريخ عن جزء أساسي لا نقاش فيه عن تاريخ الإنسانية». وأضاف أن إسرائيل لا تثق بالتزام الأمم المتحدة الحقيقة أو النزاهة، «لكننا ذهلنا عندما رأينا الفرنسيين يصوتون إلى جانب هذا القرار المخزي». واعتبر أن «الدعم الدولي لجهود الفلسطينيين لإنكار التاريخ اليهودي وتعزيز أسطورة العدوان اليهودي على المسجد الأقصى ليس أخلاقياً بل هو خطير». واستذكرت الصحف العبرية أن هولاند «اعترف أمام الطائفة اليهودية في فرنسا أن تصويت فرنسا في يونسكو كان خطأً»، فيما اعتبره رئيس الحكومة الفرنسية بائساً ومؤذياً.
مشاركة :