وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة "لا يمكننا وصف الأمر بأنّه استيلاء، لأنه سيكون خطأ فادحا وصف ما يحصل في سوريا" على هذا النحو. وأضاف "بالنسبة للشعب السوري، هذا ليس استيلاء. إرادة الشعب السوري هي التي تتولى السلطة الآن". وفجر الأحد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري سقط النظام السوري بعدما فرّ الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى روسيا إثر هجوم خاطف شنّته فصائل مسلّحة معارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" الإسلامية المتشدّدة التي دخلت دمشق. ومنذ اندلاع الانتفاضة ضد الأسد في 2011، يُنظر إلى تركيا على أنها أحد أبرز داعمي المعارضة السورية. واستقبلت تركيا على أراضيها ملايين اللاجئين السوريين ودعمت كذلك فصائل معارضة مسلّحة في سوريا. لكنّ وزير الخارجية التركي شدّد في مقابلته مع "الجزيرة" على أنّه من الخطأ القول إنّ أنقرة هي القوة التي ستحكم سوريا الجديدة. وقال "سيكون هذا آخر ما نودّ رؤيته يحدث، لأنّنا نتعلّم دروسا مهمّة ممّا حدث في منطقتنا، لأنّ ثقافة الهيمنة هي التي دمّرت منطقتنا". وأضاف "لهذا السبب فإنّ التعاون ضروري. لا الهيمنة التركية، ولا الهيمنة الإيرانية ولا الهيمنة العربية، بل التعاون". وشدّد الوزير التركي على أنّ "تضامننا مع الشعب السوري لا ينبغي وصفه أو تعريفه اليوم كما لو كنّا نحكم سوريا. أعتقد أنّ ذلك سيكون خطأ". وكان ترامب اعتبر الإثنين إطاحة الأسد "استيلاء غير ودّي" على السلطة في سوريا من جانب تركيا. وقال ترامب خلال مؤتمر صحافي "أعتقد أنّ تركيا ذكية للغاية. إنّه (إردوغان) رجل ذكي جدا وصلب جدا، لكنّ تركيا نفّذت عملية استيلاء غير ودّية، من دون خسارة الكثير من الأرواح. أستطيع أن أقول إنّ الأسد كان جزارا، وما فعله بالأطفال كان وحشيا". وفي المقابلة نفسها، دعا الوزير التركي حكّام سوريا الجدد إلى "معالجة" وضع القوات الكردية السورية المناوئة لبلاده كي لا تضطر الأخيرة للتدخل عسكريا ضدّ هؤلاء المسلّحين الذين تعتبرهم "إرهابيين". وقال فيدان "هناك إدارة جديدة في دمشق الآن. أعتقد أن هذا الأمر هو أكثر ما يثير قلقهم حاليا"، مضيفا "باعتقادي، إذا عالجوا هذه المشكلة بالطريقة الصحيحة فلن يكون هناك سبب لكي نتدخّل". وأتى هذا التصريح في معرض ردّ الوزير التركي على شائعات متزايدة مفادها بأنّ الجيش التركي يحضّر لشنّ هجوم على مدينة كوباني السورية الحدودية مع تركيا والخاضعة لسيطرة الأكراد. وقال شهود عيان محليون لوكالة فرانس برس إنّ عدد القوات التي تقوم بدوريات على الجانب التركي من الحدود ارتفع، لكن من دون أن يلحظوا "أيّ نشاط عسكري غير عادي". ومنذ 2016 شنّت أنقرة عمليات عسكرية عديدة ضد القوات الكردية في سوريا. وفي الأسابيع الأخيرة سيطرت فصائل سورية معارضة مدعومة من أنقرة على العديد من المدن والقرى التي كانت خاضعة لسيطرة الأكراد في شمال سوريا. من ناحية ثانية، طالب فيدان المجتمع الدولي بأن يزيل من قوائم المنظمات الإرهابية "هيئة تحرير الشام"، الفصيل الإسلامي المتشدّد الذي يتولى السلطة الانقالية في سوريا اليوم. وقال "أعتقد أنّ الوقت حان للمجتمع الدولي، بدءا بالأمم المتحدة... لإزالة أسمائهم من قائمة الإرهاب". وأضاف الوزير التركي "أعتقد أنّ هيئة تحرير الشام حقّقت تقدّما هائلا عبر فكّ ارتباطها بتنظيمي القاعدة وداعش وبعناصر متطرفة أخرى ذات صلة". وهيئة تحرير الشام مدرجة على قوائم التنظيمات الإرهابية في الأمم المتّحدة ودول عديدة في مقدّمها الولايات المتّحدة وتركيا نفسها التي تربطها مع ذلك علاقات وثيقة بهذا الفصيل.
مشاركة :