الكواكب الشبيهة بالأرض و«حلم» الحياة في الفضاء

  • 5/18/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أيام عادت قضية الحياة خارج الأرض إلى واجهة الاهتمام العلمي والعالمي، بعد إعلان فريق من العلماء الدوليين عن اكتشاف 3 كواكب تشبه كوكب الأرض، وتعد الأكثر احتمالاً لوجود حياة عليها خارج المجموعة الشمسية، ونشر الفريق نتائج دراسته بمجلة نيتشر العلمية، مشيراً إلى أن الكواكب الثلاثة تقع في مدار نجم قزم يبعد عن الأرض 39 سنة ضوئية، وتشبه في حجمها ودرجة حرارتها كوكبي الأرض والزهرة، وقال مايكل غيليون عالم الفيزياء الفلكية بجامعة ليج في بلجيكا: هذه أول فرصة للعثور على آثار كيميائية للحياة خارج النظام الشمسي، وأضاف: تملك الكواكب الثلاثة مزيجاً فريداً يمكنها من أن تصبح أقرب الكواكب الصالحة للسكن، وقبل أعوام عكف غيليون وفريقه العلمي على رصد الكواكب الأكثر شبهاً بالأرض، والقابلة لاستضافة حياة عبر تليسكوب خاص نصب في صحراء أتاكاما بتشيلي، ونجح الفريق في رصد عشرات النجوم القزمية المعتدلة في درجة الحرارة، كما رصدوا كوكباً واعداً أطلق عليه ترابيست 1، يبلغ حجمه ثمن حجم الشمس، ويفوقها برودة بكثير، وبعد مراقبته لعدة أشهر، تأكد دورانه خارج المجموعة الشمسية، واقتراب خصائصه من الأرض، خاصة مكونات غلافه الجوي. فكرة قابلية نشوء حياة على كواكب أخرى قديمة للغاية، لكنها بقيت لقرون طويلة في إطار فلسفي، ولم تبدأ مرحلة التجارب الجادة لها إلا في القرن الحالي، عندما تُحقق إنجازين مهمين، الأول، وقدمته البيانات الصادرة من عمليات رصد الكواكب والأقمار الأخرى في النظام الشمسي، والاستكشافات التي حصلت عليها المسبارات الفضائية المتعددة، وأشارت نتائجها إلى معلومات مهمة بالنسبة لتحديد معايير قابلية السكن، كما سمحت أيضاً بعقد مقارنات في فيزياء الأرض بين كوكبنا والأجرام الأخرى. والثاني تسارع وتيرة الاكتشافات الكونية، التي تأكد معها أن الشمس ليست بنجم فريد من نوعه، وأن هناك آلاف النجوم، التي يدور حولها ملايين الكواكب في مدارات جاذبية مختلفة، ما يعني توسيع نطاق البحث في قابلية سكن الكواكب ليمتد إلى ما أبعد من النظام الشمسي المعروف. وفي نوفمبر 2013 أعلنت ناسا اعتماد البيانات الواردة من تلسكوب الفضاء كيبلر، التي أشارت إلى وجود حوالي 40 بليون جرم سماوي في مثل حجم الأرض، منها 500 مليون يدورون في النطاق الصالح للسكن حول نجوم مماثلة للشمس، ونجوم حمراء قزمة، وكلها تسبح في نطاق مجرة درب التبانة، وقبل نهاية العام 2014، أصدر فريق مهمة مرصد كيبلر الفضائي قائمة ب 1235 كوكباً خارج المجموعة الشمسية، منها 54 كوكباً في المنطقة الصالحة للسكن، ويقدر حجم 6 من هذه الكواكب، بأصغر من حجم الأرض بمرتين. ويعد مشروع العنقاء: البحث عن حياة ذكية خارج الأرض، الذي طوره العالمان مارجريت ترنبول، وجيل تارت، وهو حصيلة تعاون بين ناسا، ومراكز بحثية متخصصة بعلم الفيزياء الفلكية، بعدة جامعات أمريكية، الأكثر اعتماداً عند فهم قابلية سكن الكواكب، حيث أصدر العالمان ما أسموه هابكات، وهو دليل الأنظمة النجمية الصالحة للسكن عام 2002، والدليل تصفية لأكثر من 120 ألف نجم ضمها دليل أكبر هيباركوس، وقلص عددها إلى 17000، أطلق عليها نجوم صالحة للسكن، وتشكل معايير الاختيار المستخدمة في هذا الدليل، نقطة جيدة للانطلاق في فهم العناصر الفيزيائية الفلكية الضرورية لجعله كوكباً صالحاً للسكن. مشروعاتطموحة ومع زيادة وتيرة الاستعداد لإرسال أولى الرحلات المأهولة إلى المريخ عام 2030، وازدياد المشروعات الطموحة لاستغلال ثروات الكواكب الأخرى، والبحث عن إمكانية بناء مستعمرات بشرية لها، إضافة إلى زيادة عدد الكواكب المكتشفة كل عام، والتي يتوقع لها العلماء أن تكون مناسبة لاستضافة الحياة، سنهتم هنا بالتعرف إلى أهم القواعد العلمية، التي تحدد مدى أهلية أي كوكب لاستضافة الحياة، وسنعرض لأهم الشروط التي يجب توافرها حتى يمكن أن يكون مشروع سكن مستقبلي للبشر. وستكون أفضل بداية هنا هي خريطة الطريق التي حددتها ناسا، لأهم معايير قياس قابلية سكن الكواكب، وهي: توفر أقاليم متسعة بالمياه السائلة، وظروف تمكن من تجمع الجزيئات العضوية المعقدة، وأيضاً مصدر طاقة لضمان استمرار عملية التمثيل الغذائي، ونظراً للزيادة الهائلة في عدد الأجرام السماوية التي يتم رصدها كل عام، يقتصر علماء الفيزياء الفلكية عند بحثهم عن كواكب شبيهة بالأرض على تكوين كتلة الجرم، وخصائص دورانه المداري، وغلافه الجوي، والتفاعلات الكيميائية المحتملة، وهنا تحتل الكواكب الصخرية الاهتمام البحثي الأول. ويلاحظ عند تحليل وتصنيف البيئات المحتمل دعمها لقيام حياة، يفرق العلماء بين الكائنات الحية البسيطة، ووحيدة الخلية مثل البكتيريا، والتوالي المعقدة الحيوانات عديدة الخلايا، فالكائنات وحيدة الخلية، حتماً تسبق متعددة الخلايا في أي شجرة حياة افتراضية، وبالرغم من عدم التأكد من وجود كائنات حية وحيدة الخلية على أغلب هذه الكواكب، وحتى في حالة وجودها، فإن هذا لا يضمن تطورها لكائنات معقدة. وهنا يفضل العلماء الكواكب التي تحيا عليها متعددات الخلايا أكثر من وحيدات الخلايا لتفضيل إمكانية استقبالها لحياة على سطحها. وتعد البيئة المستقرة الصالحة للسكن، والمعدنية العالية، والكتلة أهم شروط يبحثها العلماء لتقرير قابلية كوكب ما للسكن. البيئة المستقرة البيئة المستقرة للسكن فيقصد بها ضرورة توفر عاملين الأول، عدم تغير النطاق الصالح للسكن تغيراً كبيراً بمرور الوقت، والثاني عدم وجود جسم ذي كتلة كبيرة يدور على مسافة قريبة منه، مثل النجوم الغازية العملاقة، لأن هذا قد يؤدي إلى تشويه تكوين الأجسام المشابهة للأرض، فيبدو أن المادة في حزام النيازك على سبيل المثال، ليست قادرة على التلاحم والتراكم لتكوين كوكب، وأفضل مثال على ذلك أنه إذا كان المشتري يقع في المنطقة التي هي الآن بين مدار الزهرة، ومدار المريخ، لم تكن الأرض لتتطور إلى شكلها الحالي. المثير هنا أن العامل الأهم لاستقرار بيئة السكن على كوكب ما، هو توفر مصدر طاقة، يليه توفر المياه التي تحتل المرتبة الأولى على الأرض، لاعتماد كافة أنظمة الحياة عليها، وبالرغم من ذلك يشير العلماء إلى إمكانية وجود حياة لا تعتمد على الماء، وتعتمد بدلاً منه مثلاً على محلول أمونياك السائل. وفيما يخص البيئة المعدنية العالية، فتشير العلاقة بين المعدنية العالية وتكوين الكواكب، أن العثور على أنظمة صالحة لسكن يكون على الأرجح حول النجوم حديثة العمر، لأن النجوم التي تكونت في بدايات تاريخ الكون تحتوي على قدر قليل من المعادن، ويوماً بعد الآخر، تتأكد الفرضية العلمية التي تعتبر الكواكب الصخرية هي الأكثر صلاحية للسكن، إذ تتكون من صخور السيليكات، وتتراكم حولها طبقات خارجية غازية من الهيدروجين والهيليوم. أما عن الكتلة، فتعد قدرة الكواكب ذات الكتلة المنخفضة ضعيفة وغير قادرة على استضافة حياة لسببين، أولهما، أن ضعف الجاذبية عليها يجعلها غير قادرة على الاحتفاظ بغلافها الجوي، كما تميل الجزيئات المكونة لتلك الكواكب إلى سرعة الإفلات، وبالتالي تتبدد في الفضاء، حال تعرضها لرياح شمسية، كما أن الكواكب التي تفتقر إلى غلاف جوى سميك، وأيضاً المادة اللازمة لعمليات الكيمياء العضوية البدائية، تكون المادة العازلة حولها ضعيفة، ويكون انتقال الحرارة عبر سطحها ضعيفا، وبالتالي لا يحمي الغلاف الجوي الرقيق من مخاطر النيازك والإشعاعات ذات الترددات العالية. أما السبب الثاني لضعف احتمالية قيام حياة على الكواكب ذات الكتلة المنخفضة، فهو ميلها لفقدان الطاقة المتبقية من تكوينها بسرعة، ما ينتهي بها إلى الموت الجيولوجي، أي عدم حدوث أنشطة تكتونية على سطحها، وهي الأنشطة التي تزود السطح بالمواد الضرورية للإبقاء على الحياة، وتمد الغلاف الجوي بالمواد التي تعمل على اعتدال درجات الحرارة، ومنها ثاني أكسيد الكربون، وهنا تبدو أهمية حركة الصفائح التكتونية على الأرض، التي تعد تدويراً لعناصر كيميائية ومعدنية هامة، وتساعد على تصنيع الخلايا الحرارية اللازمة لتوليد الحقل المغناطيسي الخاص بالأرض. النادرة تواجه العادية لعقود طويلة انتشر علمياً تعبير الأرض النادرة، المقتبس من عنوان كتاب الأرض النادرة: لماذا الحياة المعقدة غير شائعة في الكون؟، من تأليف عالم الجيولوجيا بيتر وورد، وعالم الفلك دونالد برونلي، ويعني أن الحياة متعددة الخلايا والمعقدة الحيوانات، التي ظهرت على الأرض، تحتاج إلى دمج ظروف فيزيائية فلكية وجيولوجية صعبة الحدوث على كوكب آخر. ويقف مبدأ الأرض العادية الذي روج له عالما الفيزياء الفلكية الشهيران كارل ساغان وفرانك دريك، على النقيض من الأرض النادرة، ويستنتج المبدأ العادي أن الأرض مجرد كوكب صخري نموذجي في منظومة كوكبية نموذجية، تقع في منطقة غير مميزة من مجرة عادية، لذلك سيكون من المحتمل جداً أن تكون هناك أماكن أخرى من الكون، قابلة لاستضافة شكل من أشكال الحياة المعقدة.

مشاركة :