تعتبر العلاقات السعودية- الإماراتية التاريخية المتجذرة، على المستويين الإقليمي العالمي علاقات ذات توجهات حكيمة، ومعتدلة وذات مواقف ورؤى متقاربة، وواضحة. وخاصة حول المستجدات من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، في مواجهة التدخلات الخارجية ومحاربة الاعتداءات والتطرف والإرهاب، والعمل الجاد على تعزيز الحوار وتقريب وجهات النظر المختلفة، بعيداً عن الاحتقان والانشقاق، وذلك في ظل التنسيق والتعاون والتشاور المستمر بين البلديين. إن التقارب السعودي- الإماراتي ليس بتقارب وليد الصدفة أو مفروضاً سياسياً، بل بالعكس تماماً، إنه تناغم شعبي واضح بين البلدين والشعبين السعودي- الإماراتي. ويتجلى هذا التقارب على ثلاثة مستويات الاقتصادي- السياسي- الاجتماعي. وإن إنشاء مجلس التنسيق السعودي- الإماراتي، الذي أعلن عنه في جدة منذ يومين لم يأت من فراغ، بل أتى بناء على أسس وروابط دينية وتاريخية وثقافية مشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية. إن العلاقة بين المملكة ودولة الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في إرساء دعائم التعاون الاستراتيجي في مختلف المجالات والميادين. وتعد تلك العلاقة ذات رؤى متوافقة في معالجة العديد من القضايا، التي تواجه المنطقة إقليمياً ودولياً، فضلاً عن دورهما في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي في تعزيز الوحدة الخليجية، ومواجهة التحديات، التي تتعرض لها هذه الوحدة بنظرة سياسية متطابقة، تكفل استمرار تقوية روابطها، ودحض ما يشوبها من أفكار بائسة يروج لها البعض. إن التفاؤل الذي يلمسه الكثيرون نتيجة هذه العلاقة، وهذا التنسيق بين السعودية والإمارات هو فرصة لتقديم أنموذج متقدم في المنطقة لصيغة جديدة للعلاقات السياسية والاستراتيجية بين البلدين، كما أن في فكرة مجلس التنسيق السعودية- الإماراتية فرصة مواتية للمصالح المتقاربة المشتركة بين البلدين والحفاظ عليها، خصوصاً أن البلدين يترجمان المشروع الاستراتيجي المكمل للعمل العربي المشترك، في ظل التحول النوعي للحفاظ على الاستقرار ومواجهة التحديات في المنطقة، وذلك في إطار كيان قوي متماسك، بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين، ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك. لقد التحم الشعبان السعودي- الإماراتي واختلطت دماء أبنائهم الزكية على أرض اليمن في معركة الدفاع عن الشرعية من أجل استعادة الحق لأصحابه. وحماية الأمن القومي العربي من المعتدين الانقلابيين، وحليفتهم إيران العدو اللدود لوحدتنا الخليجية وأمتنا العربية. ويتفق الكتاب وأصحاب الفكر والرأي والساسة أن المملكة والإمارات أسهمتا في قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولم تشب علاقاتهما أي شائبة، وكانت مواقفهما دائماً متطابقة تجاه القضايا العربية المشتركة، كالقضية الفلسطينية، والوضع في مصر الشقيقة الكبرى للعرب بعد ثورتها المجيدة في الثلاثين من يونيو، إذ كان الحضور والتعاون المشترك بين السعودية والإمارات والجهود الحثيثة التي بذلها آنذاك المغفور له، بإذن الله تعالى، الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي. والشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي في دعم مصر الشقيقة مثالاً أكثر وضوحاً في قطع الطريق على كل من كان يحاول أن يجر مصر إلى الفوضى والاقتتال، وعدم الاعتراف بثورتها العظيمة، وتسميتها من الأعداء والمتآمرين والإرهاب بأنها انقلاب عسكري.. الأمر الذي كشفه، وأكد عنه اللواء أركان حرب الدكتور طلعت موسى، الخبير الاستراتيجي والمستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، خلال حوار مع جريدة فيتو المصرية، عن المخططات التي تتعرض لها المنطقة العربية، وعلى رأسها مصر، وما تسعى بعض الدول الغربية والإقليمية إلى إحداثه في مصر: ولكن تكتل مصر والسعودية والإمارات أوقف هذا المخطط التآمري. وأيضاً تجاه ما يحدث في سوريا والعراق واليمن، والعلاقات مع إيران في ظل احتلالها الجزر الإماراتية الثلاث، إضافة إلى التدخل الإيراني في الشؤون الخليجية، وخاصة مملكة البحرين، ودولة الكويت مواقف ثابتة متحدة الرؤى والتطلعات لوضع الحلول المشتركة. إن التنسيق المشترك السعودي- الإماراتي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة واهتمام ودعم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هو ما يعول عليه اليوم في لعب دور أساسي في منطقتنا العربية من انتشال الواقع العربي من الفوضى والدمار إلى ما يمكن أن يرتقي بوجوده وتاريخه وتضحياته.
مشاركة :