لماذا ستغير استراتيجيات الأصول المتعددة قواعد اللعبة لدى المستثمرين؟

  • 5/19/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من الرواية السلبية المتواصلة التي يحاول التيار الإعلامي السائد بثّها حول الاقتصاد العالمي، إلا أن الحقيقة الواضحة اليوم أكثر من أي وقت سابق هي أن العالم غارق في بحر من السيولة النقدية. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، حققت مجموعة من القوى التي تراوحت ما بين عملية التسهيل النقدي وظهور أسهم النطاق الواسع إضافة إلى المنحنى التصاعدي الذي اتخذته سوق العقارات والتراجع المستدام لعائدات السندات المالية، طفرة كبيرة في السيولة. وهذه الحقيقة تبدو بشكل واضح في قطاع الأسهم الخاصة الدولي الذي يعيش حالياً ذروة السيولة الأفضل على الإطلاق- بمعدل 1.2 تريليون دولار أميركي من رأس المال المتوفر للاستثمار على وجه التحديد. ونتيجة لذلك، دخلت مجموعة أكبر وأكثر تنوعاً من اللاعبين الدوليين إلى عالم الاستثمار- وهؤلاء، ينبغي عدم الاستهانة بقدراتهم أبداً، فمن المتوقع أن تحدث هذه الموجة من المستثمرين الجدد هزة كبيرة وجذرية لقواعد اللعبة: لديهم القوة الكافية لنشر رأس المال في كافة أرجاء العالم، وهم يبحثون عن طرق مبتكرة لتوليد العائدات. باختصار، هؤلاء المستثمرون يتطلعون إلى ما بعد الفئات التقليدية، وهم مستعدون لخوض غمار ميادين جديدة. وفي المقابل، ساعد هذا الأمر على تشكيل توجه رئيسي برز مؤخراً على الواجهة في عالم الاستثمار الدولي- وهو الحاجة الملحة للتنويع في فئات الأصول الأخرى. أي أن هؤلاء المستثمرين يعملون اليوم على بناء مجموعة استثمارات متنوعة الأصول- تتضمن، على سبيل المثال لا الحصر، قطاع الأسهم الخاصة. وبالتزامن مع هذا التوجه، نعرض عليكم تفصيلاً متعمقاً لكيفية تطور كل نوع من أنواع الأصول- دولياً وإقليمياً- في ضوء هذا المناخ الاستثماري الجديد: قطاع الأسهم الخاصة: القطاع الأكثر نضوجاً مقارنة مع جميع جوانب الأصول الخاصة، وهو يتميز بتنوّعه، وعالميته، ونضوجه. ومن الدارج أن هذا القطاع أيضاً يمثّل الأصول الأفضل أداءً للعديد من المؤسسات الاستثمارية على المدى الطويل، وهو يواصل جذب المواهب والأموال على حد سواء. واليوم، يحافظ نشاط صفقات الأسهم الخاصة على قوته الشديدة، كما ويوفر تدفق عمليات الاندماج والاستحواذ في فترة 12 - 18 شهراً الماضية المزيد من المخارج المتاحة أكثر من أي وقت مضى. وتماشياً مع ذلك، يعتبر التنوع والانفتاح على فئات أخرى من الأصول عنصراً رئيسياً في التوجه السائد في قطاع الأسهم الخاصة: ففي نهاية المطاف، تشهد رسوم إدارة صناديق الأسهم الخاصة تراجعاً بسبب الضغط من المستثمرين، ولكون الأصول المدارة المتنامية عادة ما تكون مناسبة فقط من خلال الانتقال إلى فئات جديدة من الأصول. وفي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وصلت صفقات الأسهم الخاصة إلى 6.6 مليار دولار أميركي في العام 2014 (في انتظار الإعلان عن بيانات العام 2015)- ونُظمت أغلب هذه الصفقات من قبل شركات أسهم خاصة محلية. ومع بحث صناديق الأسهم الخاصة المحلية عن عوائد تدريجية في بيئة عمل شديدة التنافسية، ستبرز أمامها حاجة إلى الارتقاء بقواعد اللعبة في مجال تطوير العمليات وتحسين مجموعة خدماتها- بشكل يعزز قدراتها لتتجاوز خبراتها الرئيسية التقليدية، وهو الأمر الذي تمكن العديد من الروّاد العالميين في هذا المجال من القيام به. وفي السنوات السابقة، استخدمت صناديق الأسهم الخاصة الدولية منطقة الشرق الأوسط لجمع المزيد، ولكن الاستثمارات المحلية للاعبين الدوليين كانت محدودة بسبب توفر فرص استثمار أكبر. ولكن، قد توفر الجهود المتنامية لحكومات منطقة الخليج- الهادفة إلى خصخصة الشركات الوطنية- فرصاً مثيرة للاهتمام، وقد تؤدي إلى توجيه الصورة العامة لقطاع الأسهم الخاصة في المنطقة وإعادة تعريفها. وإضافة إلى ذلك، قد تفتح مشاريع البنية التحتية المحلية- التي من المتوقع أن تولّد عوائد تتراوح بين 300 و500 مليار دولار أمريكي في السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة - المزيد من الأبواب لتحفيز نشاطات قطاع الأسهم الخاصة وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. صناديق التحوّط. لاحظنا في عالم صناديق التحوّط، الظهور السريع للمبادرات النشطة كفئة واضحة لأصحاب القوة في المال، والأفكار، والمقدرة على ملاحقة حتى أكبر الشركات في العالم. وقفزت الصناديق المدارة من قبل الناشطين إلى 120 مليار دولار أميركي في 2014 بعد تسجيل نمو بمعدل ثلاثي على مدى السنوات الخمس الماضية. واستهدف الناشطون، الذين يشترون حصصاً كبيرة وينازعون لزيادة القيمة، 369 شركة في العام 2013 من أمثال مايكروسوفت، وبيبسيكو، وبروكتر آند جامبل، ودوبونت، وفولفو، وأبل. وفي المستقبل، سيلجأ الناشطون إلى الاتجاه السائد ليصبحوا شكلاً آخر من أشكال الأسهم الخاصة- وربما شكلاً أكثر فاعلية حيث إنهم قادرون على التأثير في مستقبل الشركة بدون إنفاق التكلفة المطلوبة للسيطرة. ولكن، وبالنظر إلى بنية المساهمين الخاصة في الشرق الأوسط- وبما أن الكثير منهم يمتلك قدرات سيطرة ضمن شركاتهم- سيستغرق الأمر بعضاً من الوقت لإحداث مثل هذا التوجه في المنطقة. صناديق الثروة السيادية. تمثل هذه الصناديق مجموعة نابضة بالتنوع، من حيث الحجم، ومستوى النضوج، والأهداف: حيث تتراوح مخصصات الأصول الخاصة ما بين 0 و90%. واليوم، تشكل صناديق الثروة السيادية أكثر من 7 تريليون دولار أميركي من الأصول المدارة، كما وأنها تستخدم الأسواق الخاصة بشكل متزايد لزيادة عوائدها وتنويع مجموعة خدماتها. وفي السياق نفسه، تزداد مخصصات صناديق الثروة السيادية في الأسهم الخاصة، والعقارات، والبنية التحتية، وهي تعمل بقوة على بناء فرق الصفقات المباشرة الخاصة بها. وفي منطقة الشرق الأوسط، لجأت صناديق الثروة السيادية إلى الاستثمار خارج البلاد بشكل أكبر تقليدياً (في أوروبا أو الأميركيتين). ونتيجة لانخفاض أسعار النفط، تم إيقاف هذه الاستثمارات مؤقتاً و/ أو خفضها. وفي الوقت نفسه، تزيد حكومات الشرق الأوسط من الضغط على صناديق الثروة السيادية المحلية للاستثمار في السوق المحلية، وتحفيز الاقتصاد، والحد من العبء المالي. وهناك أيضاً دفع واضح لإدارة الاحتياطيات المالية بشكل أكثر فاعلية وتوليد عوائد أفضل. خطط وصناديق التقاعد. يعتبر هذا القطاع الفئة الأكبر في العديد من المجالات، حيث تبلغ قيمة استثماراتها 15 تريليون دولار أميركي. ولكن، تواجه صناديق التقاعد تحديات رئيسية وفجوات في التمويل. ويعتبر هذا القطاع بشكل عام ناضجاً بشكل كاف للبدء بالتغير، وسيتطلب ترقية هائلة للمواهب والقدرات على مدى العشرين سنة المقبلة. وفي الخليج، تمتلك أهم صناديق التقاعد إجمالي يقدر من 400 إلى 500 مليار دولار أميركي من الأصول المدارة، وهو ما أنتج عوائد مخيبة بسبب مجموعة من العوامل. وهي تتضمن مزيجاً من مخصصات أصول دون المستوى مع احتياطيات نقدية عالية وغير منتجة، وتعرض محدود للاستثمارات البديلة ذات العوائد المرتفعة، وتجزئة الوصايات، ومستويات منخفض جداً من المهارة والقدرات الداخلية. وتواجه معظم صناديق التقاعد، أو ستواجه قريباً جداً، فجوات تمويل بسبب الانتقال الديمغرافي ومستويات الفوائد المرتفعة، وهو ما يتطلب انتقالاً وتغييراً كبيراً. عندما يتعلق الأمر بمشاريع تمويل البنية التحتية، هناك نقص عالمي يلوح في الأفق يقدر بتريليون دولار أميركي. ونظراً إلى القدرات المحدودة للحكومات حول العالم- من ضمنها الشرق الأوسط- لتمويل هذه الاستثمارات، سيلعب مستثمرو القطاع الخاص وشركاتهم دوراً محورياً في الاتجاه نحو الأمام، مع التركيز على المطارات، والطرقات، والمنافذ، والامتيازات، وشراكات القطاعين العام والخاص، وما يشابه ذلك. وفي منطقة الخليج، انتقلت الحكومات مرة أخرى إلى شراكات القطاعين العام والخاص والمصادر البديلة للتمويل، وهو ما قد يوفر للمستثمرين الدوليين والإقليميين فرصة المشاركة في هذه المشاريع. إلا أنه لفتح أبواب الإمكانات على مصراعيها، يجب إجراء تغييرات إضافية على القوانين والحكومة، ويجب وضع إطار عمل قانوني آمن. إذاً، ما السمة التي يشترك بها المستثمرون الدوليون الجدد اليوم؟ في المقام الأول، هم يشرفون على إدارة نطاق واسع من الأموال، ويتطلعون بجرأة نحو الإيرادات والعوائد. وهم يطمحون أيضاً إلى إطلاق الشراكات مع بعضهم البعض، وبالتالي تعزيز قدراتهم وبناء فرقهم، والأهم من ذلك، هم يتبعون نهجاً دولياً بشكل أكبر في نموذج أعمالهم. وبوضع هذا في الحسبان، تصبح استراتيجيات الأصول المتعددة الطريقة الفضلى لتوجيه وتحفيز نطاق الاستثمار الدولي والإقليمي الجديد والمعقّد. * شريك أول ومدير إداري في مجموعة بوسطن كونسلتيج جروب، كندا ** شريك ومدير إداري في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب الشرق الأوسط

مشاركة :