صياح الديك

  • 5/19/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فتح الأدب والفن في تاريخه الجمالي الطويل باباً واسعاً من التأويل، ليصبح كل ما حولنا تكثيفاً لدلالات كثيرة لا يحتاج الكشف عنها سوى عين فنان، وذكاء روائي، وإحساس شاعر. لذلك يمكن الوقوف عند الديك في الآداب والفنون بوصفه واحداً من الحيوانات التي شكل حضورها رمزيات كثيرة ظلت تتراكم وتتنامى. حيث لم يتوقف الفنان والكاتب عند الديك برمزيته الكلية وحسب، وإنما صار البحث فيه مشرعاً للحد الذي صار صياح الديك منفذاً جمالياً يفضي إلى سيرة القرية، وفكرة الصباح. كثيرة هي الاشتغالات التي فتحتها صورة الديك في الأدب والفن، وكثيرة هي الأعمال الإبداعية التي أجادت في استغلال دلالته الرمزية، فلا يمكن المرور على الديك في الرواية المعاصرة من دون التوقف مطولاً عند الاشتغال الذي قدمه الكويتي سعود السنعوسي في روايته الحاصلة على البوكر ساق البامبو، إذ ترسم الرواية في نصفها الأول صورة لجد الفتى - بطل الرواية - الذي كان مهووساً في المراهنة على مسابقات صراع الديوك. تنكشف رمزية الديك الأدبية في صورة جمالية عالية تتوقف فيها خالة البطل بعد أن عانت كثيرا من سلوك والدها، وتجبرّه، وانهزاميته، تتوقف وسط قفص الديوك وتأخذ بفصل رؤوس الديوك عن أجسادها، وسط ذهول الجد، لتخرج بعد ذلك ملطخة بالدم، وقد تخلصت من كل ما كان عليها من سلطة وبات الأب يخشى النظر في عينيها. الصورة ذاتها تظل تتنامى في سياق مناكفة السلطة وهدمها وبنائها برمزية الديك، في قصيدة للشاعر الفلسطيني راشد عيسى في قصيدته الديك يروي حكاية الريف الفلسطيني في اشتغال رمزي يكشف صورة الهيمنة الإمبريالية، وخصال العائلة البدوية في النبل والكرم، فيقول: ابْتَعْنا ديكاً أبيضَ من أحدث مزرعة في العصر/ نصحونا أن نطعمه علفا أمريكياً/ ففعلنا/ وبمدةِ شهرْ/ صار الديك سميناً كخروفْ/ ويصيح مع الظهرْ/ كوكو كولا/ كوكو كولا/ وإذا جاء الليلُ يلوذُ إلى الركن الآمنِ وينام. مقابل هذا التوظيف للديك في الأدب والشعر، يكاد يكون من الصعب حصر الفنانين التشكيليين الذين رسموا الديك ونحتوه، فعربياً ظهر الديك في أعمال الفنان شاكر حسن آل سعيد، وكريم داوود، وأحمد البحراني، وريم الحمش، ومحمود فهمي عبود، وغيرهم من الفنانين العرب، مقابل ديبرا هرد، وشيب روز، ودليلة سام، وفايكي نيلسون، وكاتارينا فريتش، من الفنانين الغربيين. محمد أبو عرب Abu.arab89@yahoo.com

مشاركة :