أكدت فعاليات دينية أن دور المنابر الدينية يقتصر على نشر الوعظ والارشاد والخطابة والدعوة الى الله بعيدًا عن الاستخدام السياسي، مستنكرين استغلال منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لغايات سياسية معينة أو ربط الناس بأحزاب أو جمعيات متطرفة. وكان مجلس النواب أقرّ بالأغلبية الثلاثاء الماضي عدم جواز الجمع بين اعتلاء المنبر الديني والانتماء الى جمعية سياسية او ممارسة العمل السياسي. ودعت الفعاليات رجال الدين بالنأي بأنفسهم عن الانزلاق في دعوات سياسية والبقاء في دائرة القدوة والمثل الصالح للجميع، مبينين أن رجل الدين لا يستطيع البت في القضايا والامور المختلفة للمجتمع البعيدة عن اختصاصه. وقد استطلعت الأيام آراء بعض الفعاليات الدينية: فقد أكد عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية د. ياسر المحميد أن المنابر الدينية هي منابر على اسمها دينية يستخدمها الدعاة لبيان دين الله ما يحتاجه الخلق من تعاليم الاسلام، وهي منابر تبث روح الاخاء والاعتدال، والهدف منها هو ترابط المجتمع وتكاتفه. وتابع: وإذا كان البعض يستغل هذه المنابر لدعاوى سياسية معينة او ربط الناس بأحزاب او جمعيات سياسية، فلا شك أنه نأى عن الهدف الرئيسي من المنبر الاسلامي، ولا يعني ذلك أن يكون الخطيب بعيدًا عن الواقع أو تطلعات الناس فلا مانع من أن يتحدث الخطيب على وجه العموم عن صفات من ينتخب ومن لا ينتخب دون التعرض الى اشخاص او جمعيات او تكتلات سياسية، وهذه كانت طريقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، ولكن مع ذلك لابد من الوعي ان بعض من يريد فصل المنبر الديني عن السياسة يتجه اتجاهًا خطيرًا علمانيًا ساخرًا يريد بذلك تأسيس مبدأ العلمانية القائم على فصل الدين عن الدولة. وزاد: وخلاصة الامر ان الاعتدال في هذا الموضوع والتوسط بين الفريقين هو المطلوب، فالمنبر الديني له اهدافه، وأن الدين ليس حكرًا على عبادات يؤديها المسلم بقدر ما هو مفهوم واسع لجميع مناحي الحياة، الامر ان الناس لديهم رغبة في ترسيخ من يحسنون الظن به وهم يميلون الى اهل الدين ظنًا منهم أنهم اول الناس بهذا الظن الحسن، فبدلاً من أن توجه اصابع الاتهام الى رجال الدين فلتوجه الى ثقافة المجتمع وثقافة الناخبين في حسن الاختيار، وكم من رجل لا ينتمي الى الاحزاب الدينية ومثال جيد بل وقدوة، وفي المقابل كم من رجل يتكلم باسم الاسلام والاسلام بريء منه وأفعاله. ومن جانبه رأى خطيب جامع شيخة كانو بتوبلي الشيخ د. أسامة بحر: أن الدين لا يفرّق بين السياسة والدولة وجميع التخصصات، والشريعة جاءت لتضم جميع نواحي حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ولذلك هناك من كتب قديمًا في السياسة الشرعية مثل الامام المواردي تحت مسمى الاحكام السلطانية، ونؤمن إيمانًا كاملاً ان السياسة ينظمها الاسلام ولا شك في ذلك. وتابع: ولكن المفروض اننا لا ننظر في البداية ان فصل الدين عن الدولة ليس الغرض هو ذلك، ولكن اذا كانت المناصب السياسية تستغل باسم الدين فهنا الوضع يختلف لعدة أسباب وهي أولاً: ان رجل الدين يبتعد عن هذه الأمور لما فيها من خلافات ومصالح متضاربة، ومعروف ان السياسة مستنقع، وبالتالي رجل الدين يفضل أن ينأى بنفسه عن ذلك؛ لأنه يجب ان يكون قدوة ومثل أعلى للجميع. وزاد، ثانيًا: لابد ان يصل الى هذه المناصب السياسية اهل الاختصاص وأعني بذلك مجلس النواب كمجلس برلماني سياسي؛ لأن البرلمان في مختلف دول العالم ينظر ويبحث في قضايا متعددة، وأعتقد ان رجل الدين لا يستطيع البت في مثل هذه الامور البعيدة عن اختصاصه، لكن لو احتاج الامر الى استشارته الشرعية فمثلاً اذا كان مجلس النواب يبحث مسألة مالية ويريد استشارة شرعية فليلجأ الى رجل الدين، وأيضًا لو نظرت مسألة اجتماعية خاصة بالأسرة والاحوال الشخصية فهنا يُسئل رجل الدين ويبرز دوره، مشددًا على انه اذا كنا ننظر الى ابعاد رجل الدين عن الخطابة والوعظ والامامة من باب الا يستغل الدين في مثل هذه الامور فلا حرج في ذلك في إبعاده، واشار بحر الى ما قاله الراحل فضيلة الامام الشيخ محمد متولي الشعراوي في كلمات بسيطة عن الدين والسياسة حيث قال: ان يصل اهل السياسة الى الدين لا ان يصل اهل الدين الى السياسة، مؤكدًا ان المنابر الدينية للوعظ والخطابة والتربية والدعوة الى الله وليست للدعايات السياسية. المصدر: أشرف السعيد
مشاركة :