في خضم المنافسات والمنازعات، والمحاكم والمظالم، يعيش الناس بينها في أشكال وألوان، بعضهم يحكمه دينه في كل شاردة وواردة، وبعضهم الآخر تحكمه مصلحته كانت حاضرة أو غائبة.. يتحسس ليغنم.. ويتمسكن ليتمكن.. لايهمه إلا نفسه ولا يوجهه إلا هواه.. نفوس وبطون لا تشبع إلا ما أشربت من هواها.. تبيع دينها بعرض من الدنيا قليل.. فهي جائعة دائماً، وكما قال الله تعالى عنهم «نسوا الله فنسيهم» سورة التوبة 67، وترى أحدهم يجري وراء الدنيا وهي تهرب منه.. فلا هو أدركها، بل هي قد نالت منه.. فأصبح يعبد شهواتها ومناصبها كأنه مخلد فيها.. ويتناسى أنه عن قريب سوف يغادرها كما غادر السابقون.. ويموت كما مات الأولون.. وأمواله وثرواته قد أبقاها للوارثين.. قد أحلها الله لهم وتحمّل هو وزرها.. وأما المؤمن اﻟﻤﻮﺣﺪ فمن ﺧﺼﺎﻟﻪ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻓﻲ أﻣﻮر اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﻔﺎﻧﻴﺔ، ﻳﻌﻠﻢ أن ﻫﺬﻩ اﻟﺪار ﻫﻲ دار ﻣﻤﺮ، لادار ﻣﺴﺘﻘﺮ، فيرضى ﺑﻤﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ، مع سعيه فيها بما أمره الله من الكسب الحلال، وﻳﺸﻜﺮ اﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ -ﻋﻠﻰ ﻣﺎ رزﻗﻪ وﻳﺴﺄﻟﻪ ﻤﺰﻳﺪاً ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ. فهنيئاً لك ياعبدالله.. وتعساً لك: ياعبد الدينار والدرهم والخميصة وعبد القطيفة.. «تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش» لقد استغنى عن عبوديته لله ، فاستغنى الله عنه، فأصبح جائعاً مهما امتلأ بطنه.. ولن يشبع بعدها إلا من عذاب الله..!.
مشاركة :