كان عام 2024 مليئاً بالإثارة والشغف في عالم الرياضة. وكان هناك العديد من اللحظات التي لا تتنسى، والأحداث الرياضية الرائعة التي ستشبقى في قلوب المشجعين، مثل بطولة كأس أوروبا وأولمبياد باريس. كذلك تحطّمت الأرقام القياسية وتألق النجوم في مختلف الملاعب والساحات. وشهد عام 2024 بروز أبطال جدد أثبتوا أنّ الأحلام يمكن أن تتحقّق بالعزيمة والعمل الجادّ. وبشكل عام ربما لن يتكرر "2024 الرياضي" قريبا، بسبب تزامن الكثير من الأحداث الكبيرة في أشهره الـ7 الأولى، إذ لم تخل أي قارة، على الأرجح، من حدث رياضي مهم. كان الحدث الأبرز الأولمبياد الصيفي "باريس 2024"، والذي استضافته العاصمة الفرنسية للمرة الأولى منذ 100 عام، قبل أن تؤرخ لنفسها، بأن باتت باريس أول مدينة طوال تاريخ الأولمبياد تنظم حفل الافتتاح خارج الملاعب الرياضية، وذلك بكرنفال غير مسبوق على ضفاف نهر السين. ومن الأولمبياد الفريدة نفسها وما شهدته من جدل، مرورا بتنظيم أكبر بطولات كرة القدم للمنتخبات، أيضا الإنجازين العربيين للسعودية والمغرب بتنظيم الأولى لمونديال 2034 منفردة، ومشاركة الثانية في تنظيم نسخة 2030 مع إسبانيا والبرتغال، وختاما باعتزال النجوم والأساطير.. نسلط الضوء على أبرز محطات 2024 الرياضية. لم يترك 2024 فرصة لعشاق كرة القدم لإكمال احتفالاتهم بقدومه، إذ سرعان ما انطلقت الأحداث الكبيرة. وكانت البداية ببطولة كأس آسيا 2023، التي استضافتها قطر في 12 يناير الماضي، وحتى العاشر من فبراير. وتوجت قطر باللقب في نهائي عربي خالص جمعها بالأردن في ملعب لوسيل، إذ فاز العنابي 3 ـ 1 على النشامى، ليحتفظ باللقب، ويصبح خامس منتخب آسيوي يحتفظ باللقب. ورغم خسارة النهائي، فإن منتخب الأردن بصم على نسخة تاريخية، إذ وصل لنصف النهائي لأول مرة في تاريخه، قبل أن يعبر إلى الختام، رفقة مدربه الحسين عموتة. وبعد يوم واحد من انطلاق كأس آسيا، كانت ضربة البداية لبطولة الأمم الأفريقية 2023، بكوت ديفوار، التي توجت بلقبها في النهائي بفوزه 2 ـ 1 على نيجيريا. وشهدت هذه النسخة مشاركة عربية متواضعة، بعد وداع المنتخب المصري والمنتخب المغربي البطولة من دور الـ 16. وبذات سيناريو آسيا وأفريقيا، كان شهر يونيو موعدا لانطلاق بطولتين مهمتين، إذ بدأت أمم أوروبا "يورو 2024" في ألمانيا في الـ 14 من يونيو، قبل أن تلحق بها بطولة كوبا أميركا 2024 في الولايات المتحدة بعد 6 أيام، عندما أُعلنت ضربة بدايتها في 20 يونيو. وشهدت "يورو 2024" تألقا غير مسبوق لمنتخب إسبانيا الذي توج بلقب البطولة، إثر فوزه 2 ـ 1 على إنكلترا في النهائي. وبصم الماتادور على نسخة تاريخية، إذ بات أول منتخب يتوج باللقب عبر الفوز بجميع مبارياته (7)، كما أصبح أكثر منتخب تتويجا بلقب يورو (4 ألقاب). وفي كوبا أميركا 2024، احتفظت الأرجنتين بقيادة أسطورتها ليونيل ميسي باللقب، بعد الفوز 1 ـ 0 على كولومبيا في النهائي، لينفرد التانغو بالرقم القياسي في عدد مرات التتويج بكوبا أميركا (16 لقبا)، منهيا الشراكة مع أوروغواي. كان العالم بأسره يترقب في الـ 26 من يوليو الماضي، انطلاق أولمبياد باريس 2024 الصيفي، والحفل التاريخي في الافتتاح بمرور البعثات على متن قوارب بنهر السين، لكن الحفل تحول إلى ساحة جدل، بسبب فقرة فنية جسدت لوحة العشاء الأخير للسيد المسيح، قبل أن تعرض الأولمبياد لهجمة عالمية بتهمة ازدراء الأديان.وما أن انطلق العرس الرياضي، حتى اندلع جدل جديد أكثر قوة، يتعلق هذه المرة بالملاكمة الجزائرية إيمان خليف، التي اتهمتها منافستها الإيطالية أنجيلا كاريني بأنها ليست امرأة، لتنسحب الأخيرة في أول نزال لهما بالأولمبياد بعد مرور 46 ثانية. وجذب الجدل أسماء عالمية، مثل الرئيس الأميركي الحالي، المرشح وقتها، دونالد ترامب، بجانب هجوم عنيف عليها من اتحاد الملاكمة العالمي ورئيسه الروسي عمر كريمليف. ورغم ذلك، شقت إيمان خليف طريقها الأولمبي لتتوج بذهبية وزن 66 كيلوغراما، قبل أن يتم استقبالها استقبال الأبطال في الجزائر، حيث تتفرغ الآن لملاحقة المسيئين لها قانونيا. وبعيدا عن الجدل، شهد الأولمبياد الكثير من الأرقام القياسية، واقترب العرب من معادلة عدد ميداليتهم القياسي في أولمبياد طوكيو في 2021 (18 ميدالية)، وحصدوا في باريس 17 ميدالية ملونة. أما النجاح الأبرز كرويا بالأولمبياد، فكان لمنتخب المغرب الأولمبي الذي توج بالميدالية البرونزية. شهد 2024 أيضا لحظات مؤثرة، إذ كتب عدد من نجوم الرياضة قصتهم الأخيرة، كل في لعبته المفضلة. وتصدر هؤلاء النجم الألماني توني كروس، الذي قرر تعليق حذاؤه بسن 34 عاما، بعد تتويجه مع ريال مدريد بالليغا والأبطال، ووصوله مع منتخب ألمانيا إلى ربع نهائي يورو 2024. وبجانب كروس، اعتزل كل من البرتغالي العجوز بيبي، والإسباني تياغو ألكانتارا والإيطالي ليوناردو بونوتشي، والبلجيكي مروان فيلايني، ولحق بهم، الإسباني خيسيوس نافاس. وكان التنس الأكثر تأثرا، بعد اعتزال أسطورة الملاعب الترابية الإسباني رافائيل نادال، بعد تتويجه بـ 22 لقبا في الغراند سلام، 14 منها في رولان غاروس ذات الملاعب الرميلة. وسبق نادال للمصير ذاته، نجم التنس البريطاني آندي موراي، المتوج بـ 3 ألقاب كبيرة، وميداليتين أولمبيتين. وانضم موراي إلى طاقم تدريب منافسه السابق نوفاك ديوكوفيتش. من الأحداث البارزة في العام، كان رحيل المدرب الألماني يورغن كلوب عن تدريب ليفربول الإنكليزي بعد 9 أعوام قضاها في أنفيلد، قاد خلالها الفريق للفوز بألقاب مهمة أبرزها البريمرليغ (بعد 30 عاما)، ودوري الأبطال. وشهد 2024 أيضا، غياب الثنائي الأسطوري ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو عن قائمة المرشحين للكرة الذهبية لأول مرة منذ أكثر من عقدين. وتوج الإسباني رودري لاعب مانشستر سيتي بالجائزة، قبل أن يثير ذلك جدلا، بحجة ظلم نجم ريال مدريد فينيسيوس جونيور، قبل أن يعوض الأخير بجائزة "ذا بيست" لأفضل لاعب في 2024 المقدمة في فيفا، والتي تسلمها الأسبوع الماضي في قطر. حمل 2024 في نهاية أخبارا سعيدة للعرب، وخصوصا المملكة العربية السعودية والمغرب. وأعلن الفيفا، رسميا، في ديسمبر الجاري فوز المملكة العربية السعودية بتنظيم كأس العالم 2034 منفردة، لتصبح ثاني دولة عربية تنظم العرس الكروي بعد قطر 2022. واكتسب فوز السعودية أهمية خاصة، بسبب ثقة فيفا فيها لتنظيم المونديال بنسخته الموسعة، إذ سيشارك فيه بداية من نسخة 2026 بأميركا وكندا والمكسيك 48 منتخبا بدلا من 32. ومن جهة أخرى، أعلن فيفا فوز المغرب ضمن الملف المشترك مع إسبانيا والبرتغال بتنظيم نسخة 2030، والتي ستفتتح بعيدا في أوروغواي بمناسبة مرور 100 عام على أول نسخة، قبل أن تستضيف الأرجنتين وبارغواي ثاني وثالث مباراة بالبطولة. ويخطط المغرب لاستضافة النهائي المونديالي على ملعب يعتزم تشييده خصيصا لهذا الحدث في كازابلانكا.
مشاركة :